لماذا وإلى أين ؟

عصيد: من أين جاءت الرسومات المسيئة إلى النبي ؟

لا ينتبه كثير من المسلمين الذين يعيشون في البلدان الغربية، إلى أنّ الرسومات المسيئة إلى النبي إنما أخذت مادتها مما يرويه المسلمون الراديكاليون أنفسهم عن النبي من أخبار وروايات استقوها من السيرة النبوية ومن كتب الحديث كـ “البخاري” و”مسلم” وغيرهما، التي تتضمن الكثير من الأخبار الملفقة عبر الروايات الشفوية التي تراكمت على مدى مائتي عام بعد وفاة الرسول. فرسامو الكاريكاتور لا يمكن أن يعملوا على شخصية ما بدون جمع أقصى ما يمكن من المعطيات حولها، والتي يعتمدون عليها ليرسموا رسوماتهم الساخرة، كما أنهم في عملهم يركزون على سلبيات الشخصية ويقومون بتضخيمها، وقد قدمها لهم المسلمون عندما شرعوا في ترويج تلك الأخبار المسيئة في مجتمعات لا يمكن أن تعتبرها نموذجا أو مثالا يُقتدى.

إنّ الذي أساء إلى النبي حقا هم المسلمون المتشدّدون الذين يعتبرون الأخبار المُنكرة والغريبة الواردة في كتب الحديث حقائق وأخبارا “صحيحة” لا يرقى إليها الشكّ، وهم بذلك يقدمون لمن ينتقد الدين الإسلامي في الغرب أفضل المواد والمضامين والمبررات للطعن فيه.

من جهة أخرى عندما يعتمد المسلمون في السياق الغربي تلك الأخبار السلبية ويسعون إلى تطبيقها على أنها نموذج وقدوة، ويعلمونها لأبنائهم، فلا بدّ أن يكون هناك رد فعل نقدي ضدّهم، لأن تلك الأخبار لا يمكن أن تتوافق حتى مع الدول الإسلامية الحالية نفسها، وبالأحرى مع سياقات الدول الغربية، التي أرست أنظمتها على قيم بذلت من أجلها تضحيات جسيمة على مدى قرون طويلة. فعندما قال أحد دُعاة التطرف الوهابي بالمغرب بأنه يجوز تزويج الطفلة الصغيرة في سنّ التسع سنوات، مقدما “البخاري” دليلا على ذلك، أدى الأمر إلى إغلاق المدارس القرآنية التابعة له من طرف السلطات المغربية، ما جعله يغادر المغرب هاربا إلى السعودية، ولم يعُد إلا بعد سنوات طويلة. هذا في بلد يُعتبر في دستوره “دولة إسلامية”، فكيف ببلد كفرنسا أو غيره من الدول الغربية.

إن المطلوب حاليا هو غربلة التراث الإسلامي انطلاقا من منظور فقهي نقدي جديد، واعتمادا على ثمرات الحضارة الإنسانية ومكتسباتها، وعلى رأسها المعارف العلمية وقيم حقوق الإنسان، وليس على ضوء الفقه التراثي القديم، لأنه لا توجد قواعد فكرية بشرية يمكن العمل بها لأزيد من 1200 سنة، دون أن تقع في الأزمة والتناقض مع الواقع ومع العلم.

إن هذا التحدي الكبير يواجه الدول الإسلامية مثلما يواجه غيرها من الدول التي يتواجد بها مسلمون، وذلك من أجل تحقيق التعايش السلمي بين جميع المكونات، والحفاظ على مصالح الأقليات المسلمة التي يتهدّدها مستقبل قد يكون أسوأ بكثير مما يبدو، في حالة عدم تصفية التطرف الديني بنوعيه الوهابي والإخواني.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

9 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
طارق
المعلق(ة)
27 أكتوبر 2020 10:55

كلام في الصميم . المسلمون المتطرفون و المتخلفون اساؤوا الى الاسلام و جعلوا المسلمين محط سخرية العالم .

/IDAHOCoeur D'alene
المعلق(ة)
27 أكتوبر 2020 09:57

و يستمر المفكر العبقري في بدل مجهوده على شرح الدين الاسلامي ههههه ،اولا غربل افكارك الحقودة ضد الاسلام، الاسلام بالنسبة لك المرآت او المجهر الذي يبين حقيقتك التي بينتها جزءا منها مليكة و ما خفي اعظم،
الرسول صلى الله عليه و سلم حورب و وصف بجميع النعوت، و النتيجة بعد أربعة عشرة قرنا عدد المسلمين مليار و تسعة مليون.
عدد المساجد في ازدياد و عدد الكنائس في تناقص بل العجيب تغلق و تباع و تحول إلى مساجد.
و اتحداك ان تعمل مناظرة مع عبد الله رشدي.

le vrai mohand
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 19:31

اسي عصيد يقوم بدور فعال لتثقيف الاجيال القادمة , نعم هذه الرسومات نتيجة البخاري وابن تايمية وغيرهم لو قرئتم كتبهم ستجدون اوصافا لنبينا ليست من اوصاف الانبياء في شيئ
مثلا عندما يقولون ان الرسول كان يحاول الانتحار,عندما يقولون كان يقول رزقي تحت ضل رمحي.عندما يقولون انه اراد من امرئة ان تهب له نفسها قالت له هل ب نفسها ل السوقة وووووووووووالفقهاء انفسهم جعلوا من الرسول قزما

مغربي حر رغم انف الاعداء
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 17:39

الى كل الاخوة الاحباء. المرجو اتباع التعليمات والاحتياطات اللازمة التي امرت بها السلطات والتقيد بها إرتداء الكمامات واستعمال السوائل المعقمة وخصوصا التباعد بينكم قصد الحد من انتشار الفيروس الكارثة كوفيد 19 والدي قد يسهل من انتشار فيروسات اخرى في هذه الآونة الأخيرة.
وعلى سبيل المثال فهناك فيروسات اشد خطرا من كوفيد ويمكن مشاهدتها تتكلم.

ريفي مغريبي
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 16:53

غير اسكت الفيزازي انهق عصيد،
واش هاد جوج بهايم معاندهوم مايدار فحياتهم

عبدو
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 15:16

كلام منطقي ومعقول .ففي علم الاجرام هناك قاعدة ذهبية تقول ” ليس الضحية ببريء من الجريمة” فالسنة النبوية مليئة بخزعبلات وترهات لا يصدقها حتى الاحمق ،فما بالك بالعاقل العلماني .”فما احوجنا الى نبي جديد في هذا الزمن الجديد ” كما يقول شاعر الجرح الفلسطيني درويش، او على الاقل غربلة ترهات منطومتنا الدينية التي توارثناها عن كتب غير منقحة ،ويختلط فيها الواقع بالخيال ،وكل يفسر ويضيف وينقص على هواه. والنتيجة ان ورثنا دينا بعيدا كل البعد عنا ولا يشبهنا ،ويحاول عبثا تجار الدين وحماة الرجعية المهترئة،وحراس التقاليد البالية ان يقنعونابتصديق وسفاسف تبلد العقل ولا تنميه.
برافو عصيد الذي ينتصر دزما للعقل ،ويحرضنا بكل ما اوتي من تنوير وعقلانية على الثورة الفكرية والتنكر للظلامية والضبابية.

Miloutou
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 14:08

ما عندي ما نقولك اسي عصيد . غير لا تصطاد في الماء العكر من اجل دريهمات. وسير عاود زابورك ف شي جهة اخرى .
اما التراث الاسلامي فله محافظوه . اما انت فسيخيم الذل على حياتك مهما فعلت.

Mohand
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 13:42

لقد وجد المادة الدسمة لنفث سمومه كم من قضية تهم المجتمع والمواطنين لانسمع له فيها صوتا لكن بمجرد ما يتعلق الامر بالاسلام والمسلمين وانتقادهم لا يتاخر في اتحافنا بافكار لااحد تدخل اذنيه

الزين رشيد
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2020 13:39

شيء طبيعي لشخص وثني مثل عصيد أن يتكلم عن الاسلام بهذا الشكل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

9
0
أضف تعليقكx
()
x