لماذا وإلى أين ؟

عناصر لفهم معضلة المسلمين في السياق الغربي

ـ الإسلام في السياق الغربي لم يعد هو الإسلام الشعبي أو الصوفي والطرقي الذي تعوّد عليه المسلمون في بلدانهم الأصلية. إنه نموذج تديّن مُعولم، ومصاغ من أجل متابعة مسلسل “الغزوات” القديمة لـ”بلاد الكفار”، لكن عوض الخيل والسيوف والرماح، تسلح لعقود طويلة بشبكات تمويل هائلة من عائدات النفط العربي.

ـ إن المسجد في بلاد الغرب ليس مجرد مكان للعبادة وأداء الصلوات والشعور بالنشوة الروحية، بل هو ملاذ من الضياع والتمزق الهوياتي، وفضاء للتأطير الإيديولوجي ضدّ الدولة المضيفة.

ـ الإمام داخل المسجد هو بمثابة “منقذ” و”قائد” و”مرشد سياسي” وليس مجرد شخص يؤم الصلاة ويشرف على تأدية الشعائر التعبدية.

ـ أن “الجماعة” بالمفهوم الديني الإسلامي، هي التي تقدم نفسها عوضا عن الدولة واختياراتها، وتشكل لحاما “لا وطنيا” بين المسلمين وحاضنا حقيقيا لهم على هامش الدولة والمؤسسات، وهذا يجعلهم غير ملزمين بتبني “قيم الجمهورية”، ما دامت لهم قيمهم المخالفة. وعندما تسعى الدولة إلى أن تفرض عليهم قوانينها كغيرهم من مواطنيها عندئذ يقاومونها ويعتبرون ذلك “عنصرية” و”إسلاموفوبيا”.

ـ هكذا تعيش الجالية المسلمة اغترابا مزدوجا: اغتراب عن الوطن وعن الثقافة الدينية الأصلية، واغتراب عن الدولة المضيفة ومجتمعها.

ـ يمثل الفضاء العام في مدن الغرب عنفا يوميا ضدّ شخصية المسلم، فمظاهر اللباس والحداثة المادية والرمزية وحضور المرأة الكثيف وفضاءات الفرجة والموسيقى والرقص والرسم والمنحوتات العارية والمقاهي والحانات والملاهي الليلية وحتى تواجد الكلاب الأليفة في الفضاء العام، كل هذا يعتبر استفزازا لمشاعره، فالمسلم ليست له مواهب من نفس النوع يريد التعبير عنها، ليست لديه موسيقى ينافس بها غيره ولا منحوتات ولا رسومات ولا علوم، كما أنه يكره الكلاب ويحتقر المرأة، إنه يعتبر أن الدين هو هويته الحقيقية والوحيدة، ولهذا يردّ على كل ذلك بالصلاة في الشوارع ـ وأحيانا وسط ممر السيارات ـ باعتباره تحديا مضادا وهجوما مضادا على مجتمع “يراوده” يوميا على عقيدته.

ـ لكن بالمقابل تشبث المسلم بمكتسباته المادية يجعله بحاجة إلى “الكفار” ولكن دون الاعتراف بفضلهم أو بكونهم نموذجا ناجحا، ولهذا يتوالد بكثرة لكي يتلقى تعويضات عن الأطفال، ما يسمح له بقضاء وقته بالمسجد دون أي عمل أو إنتاج.

ـ يعتبر المسلم مواطنيه من غير المسلمين غرباء عنه، وينظر إليهم كما لو أنهم أعداء، ولهذا يحرص على عدم اختلاط أبنائه بأنبائهم، كما يحرص على عدم ارتياد أماكنهم، فيجد ذاته داخل الحي المعزول للمسلمين.

ـ ولأن التربية والتعليم في المدارس الغربية يشكلان “خطرا” على هوية الطفل المسلم، فقد فكرت الجالية المسلمة في اقتياد أبنائها إلى المساجد حيث يتكفل بهم الخطباء “الإخوان” و”الوهابيون”، كما فكرت في إحداث جمعيات لتعليم القرآن واللغة العربية لأبنائها، الذين سرعان ما يتبين أنهم لا يتعلمون العربية الصعبة في نحوها وصرفها، لكنهم يستوعبون بسهولة مبادئ التطرف الديني.

ـ لا يشاهد المسلم إعلام الدولة الغربية، بل يظل طوال اليوم مرتبطا بقنوات عشائر النفط الخليجية، التي تعبر بصورة واضحة وبدون تقية عن نمط التدين البدوي الخالص، الذي يمثل النقيض التام للدولة الحديثة.

ـ يمثل “الاندماج” بالنسبة للمسلم في السياق الغربي خطرا قد يؤدي إلى “فقدان الهوية”، ولهذا فهويته لا تتحقق إلا بمعاكسة توجهات وقيم الدولة. ونتيجة ذلك أن إنتاجية أبناء الجالية المسلمة تظل ضعيفة جدا ومنخفضة مقارنة بغيرهم من مكونات البلدان الغربية.

هذه التوصيفة لا تشمل جميع أبناء الجالية المسلمة، لكنها تعبر عن الغالبية العظمى منها، وهي التي تشرح بدقة معنى العبارات والألفاظ الواردة في خطاب الرئيس الفرنسي مثل “الانعزالية الإسلامية” و”الانفصالية” وغيرها.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مريمرين
المعلق(ة)
31 أكتوبر 2020 10:11

مسكين هذا ال”عصيد” بقات فيه “المامافرنسا”
ولا يتساءل -وهو المفكر- عن “حرية التعبير” التي تتشدق بها الدولة الفرنسية و تستغلها أبشع استغلال.
لماذا حرية التعبير في فرنسا تتحطم بل تتحول إلى جريمة على أبواب ما يسمونه ” الهلوكوست”؟؟

احمد
المعلق(ة)
31 أكتوبر 2020 00:26

مثل التعلق الاول والثاني عاينت كثيرا اشخاص لا اخلاق ولا تربية لهم يتنكرون حتى لوالديهم.
ومع ذلك تراه يتظاهر بالغيرة على الدين الذي لا يفهم فيه شيئا.
اغلب المسلمين يعتبرون انفسهم دعاة دورهم هو نشر الاسلام وهذا هو اصل المشكل بالنسبة لي.
الهجوم على فرنسا ليس وليد اليوم. ولحد الان لا افهم لماذا لم يطالب امثال بنكيران المسلمين بمغادرة فرنسا.
عايشين فيها وبغاو يقاطعوها ههههههههههه

كريم
المعلق(ة)
30 أكتوبر 2020 18:47

لا استغرب ما يقوله امثال هذا الشخص اعداء الاسلام و مرتزقة فرنسا.
فاعلموا جيدا ان مثل هؤلاء هم من اعانوا فرنسا على استعمار المغرب و خذلوا المقاومين الاحرار. لا يمكن ان تنتظر الخير من يعادي الاسلام ولا يمكن ان يكون للمسلمين مدافعا و نصيرا. للاسف اعداء المغرب يعيشون فيه عيشة الرغد والبذخ.عوض انتقاد المسلمين والاسلام ومهاجمتهم هاجم اعداء وحدتنا الترابية واكتب عنهم ام انك مهووس فقط بالاسلام والمسلمين.

علي
المعلق(ة)
30 أكتوبر 2020 18:38

مقال ينم عن جهل بأوضاع الجالية المسلمة بالغرب، وحقد دفين على كل ما له علاقة بدين الإسلام.
أحب أن أذكر الكاتب أن البعد عن الإسلام من الأصل هو سبب تخلف الأمة لا العكس، الدول التي تصفها بالإسلامية لم يعد يربطها بالإسلام سوى الإسم وبعض الممارسات والأعياد، أما لب الإسلام من عدل وحرية حقيقية ومكارم الأخلاق وحسن المعاملة والأمانة فلم يتبق منها إلا ما رحم ربي.
رجاء لا تعلق كل الهوان الذي تعيشه الأمة على الإسلام بل على محاولة تقليد الغرب في قشوره.

Le vrai mohand
المعلق(ة)
30 أكتوبر 2020 17:43

ليس هذا بالضبط لاكن مع ذالك مقالك فيه شيء من الحقيقة،الدول المصدرة لابناءها منذ البداية أحكمت القبضة عليهم بكل الوسائل ،عندما تاكدت الطوائف انه سهل اقتناصه وجعله تحت اوامره وذالك كل على حسب هواه وهكذا افسدوا جيل بعد جيل ،حتى الدول المضيفة اهملتهم وكانت تنضر اليهم كعمال يملؤون الفراغ حتى ان تأكدهم ان هذا المهاجر لن يعود الى وطنه هذا ما جعل الدول المضيفة الى حد الان عاجزة من جعل هذا الإنسان فرد من افراده يكفي لمديري الشركات قراءة اسم احمد او محمد لرفضه ،سي عصيد حسب المقال انك لا تعلم شيء عن احوال المهاجرين في الغرب مقالك جرح مشاعرنا اعتذر على الذي صدر منك

محمد علي
المعلق(ة)
30 أكتوبر 2020 16:53

هذا الشخص عدو للاسلام

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x