لماذا وإلى أين ؟

الكركارات تضع المغرب أمام خيارين القبول بالتقسيم او الحرب للحسم النهائي

تضع أزمة الكركارات -الثالثة-المغرب أمام خيارات صعبة وجد معقدة. فهو حريص ويوثر الحفاظ على وضعه السياسي والقانوني المتقدم أمميا مع توالي المراحل، ويحبذ تحصينه والدفاع عنه، ويرفض المجازفة به انسياقه وانجراره أمام استفزازات البوليساريو، ويستمر في ضبط النفس درءا للوقوع في شراك ضياع هذه الدرجة والمرتبة.

ووفق معطيات الواقع، يبدو أن المغرب ينهج سياسة احتياط زائدة، قد يكتشف، ان استمر فيه أنه وقع في خطأ فادح. فهذا التراخي لاحظته البوليساريو، وتستعجل استثماره بغية فرض واقع جديد في المنطقة العازلة، تربك به المسيرة السياسية الأممية، وقد تقوضها. وتستغله داخليا باستلهام تطلعات شبابها اليائس ببداية تنفيذ مشروعها باعمار ما تسميه “بالأراضي المحررة”، وتحقيق حلم قيام “دولة صحراوية”

و المغرب مدعو لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتنفيذ سابق قرار مجلس الأمن عدد 2414، في فقرته السابعة والثامنه، الذي يأمر البوليساريو بالانسحاب من الكركارات، وعدم تغيير أي وضع في المنطقة العازلة، وأن يضع ميسرة قصيرة تنهي بارجاع الحالة الى ما كانت عليه، او بطائل تدخله الشخصي.

فالأمين هو رئيس الأمانة العامة للأمم المتحدة، صاحبة الاختصاص في خدمة أجهزة الأمم المتحدة بما فيه مجلس الأمن، وله مكاتب تغطي كل أنشطة الأمم المتحدة وصلاحياتها واختصاصاتها؛ من تنفيذية وسياسية وقانونية وغيرها.

وإن صدور قرار واضح من مجلس الأمن يحمل الصيغة التنفيذية بتعهد الجميع المسبق باحترام قراراته ، نظرا لكون مجلس الأمن هو بمثابة حكومة العالم، الذي ينوب على المجموعة الدولية كاملة في حفظ وصيانة الأمن، يجعل ولاية تنفيذ مقتضياته قراراته تؤول للأمين العام.

وأي تراخي أممي في تنفيذ هذا القرار يجعل المغرب مسترجعا لحقه في التصرف، لحماية حقوقه وسيادته، فاقتحام البوليساريو للمنطقة العازلة من أجل تنفيذ مخطط للاستيلاء عليها يعتبر عملا من جانب واحد، ينتهك قرارت مجلس الأمن.

ما دام هذا الاقتحام يشكل تجاوزا وخرقا لهذه القرارات، التي اتخذت من طرف مجلس الأمن أخذا بعين الاعتبار ما تشكله من خطر على الأمن والسلم العالميين من جهة، وحفاظا على حقوق كافة الأطراف، وغصب المنطقة الحالي يضر بحقوق الطرف المغربي .

فالاشراف الأممي من أجل حل سياسي واقعي وعملي متوافق عليه ودائم مازال قيد التحقيق من جهة ثالثة. وان ما تقوم به البوليساريو على الأرض ليس عملا سياسيا، بل هو عمل في شكل اعتداء مادي خارج إطار شرعي لتغيير وضع قائم في منطقة عازلة تقع تحت مسؤولية الأمم المتحدة.

وإن الفعل الذي أقدمت عليه البوليساريو يشكل تهديد لأمن والاستقرار في المنطقة، ويهدد أمن المغرب بصفة خاصة، ويقوض بالتبعية العملية السياسية للأمم المتحدة.

ولهذا فان سكوت أو تراخي المغرب في الرد الحازم، سيكلفه تنازلا صعبا ومكلفا بضياع الأرض وحقوقه الترابية في المقدمة. وسيعطي الانطباع بالقابل عمليا بالتقسيم، وهو خيار سبق للمغرب رفضه سنة 2004 ، وقبلت به الجزائر، تبعا لخلاصات الأمين العام السابق كوفي عنان، وتدفع اليه البوليساريو في المنطقة العازلة.

وثمن سياسي باهض أيضا، موازي لضم البوليساريو للمنطقة العازلة بحيث ستدفع بتوفرها على اقليم، أحد العيوب الموجهة الى اعلانها “دولة”. وستنتقل الى “إرادة وسلطة” تطالب بتوفير الحماية الدولية للمستوطنين في المنطقة العازلة. وسيضيع المغرب ورقة الحل في إطار القانون الدولي الخاص باللجوء، كوضع قائم فقط حاليا، ويتغير الأمر الأمر الى قدر كبير في السياسية.

فالظاهر أن البوليساريو فقدت كل أمل في “دولة صحراوية كبيرة” في اطار العملية السياسية الحالية لمجلس الأمن، وأدركت نتيجتها بعد تفكيكها العلاقة بين النعت و المنعوت للحل الأممي السياسي والواقعي والعملي. الذي يمضي لصالح اقرار مبادرة المغرب بالحكم الذاتي ولو بصيغة متطورة.

وإن تصميم وامعان البوليساريو في الاعتداء على الكركارات والمنطقة العازلة هو كبح وفرملة الوصول الى هذه النتيجة الأمية باسقاط فكرة الحل السياسية والواقعية والعملية على مبادرة المغرب العملية، الذي اورد في تعليق البعثة الأمريكية الدائمة في مجلس الأمن على تصويتها على القرار 2548.

وفقد فقدت البوليساريو كل شيء آخرها صدور قرار عن اللجنة الرابعة عن الدورة 75 للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعم في فقرته 61 العملية السياسية التي يشرف عليها مجلس الأمن ، وهي ترضى الآن ولو “بدويلة” صغيرة في المنطقة العازلة. وإن حزم وصرامة المغرب لمنع ذلك أصبحا فريضة وليس مستحبا، في اطار تدخل يكون بايمان الحسم النهائي بضم كل أراضيه في الجنوب كما في شرق الجدار الدفاعي.

نعم هي حرب ستكون طويلة لكنها ضرورية وحاسمة، وقد تكون شاملة لأنها ستكشف عن العدو الحقيقي الذي يحارب المغرب، او الاعداء الحقيقيين الذين يحاربونه.

*محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
المغربي الوطني
المعلق(ة)
11 نوفمبر 2020 20:00

اعطاء مهلة 15 يوما التدخل الاممي لاخلاء المنطقة او تدخل الجيش المغربي للدفاع عن اراضيه ووحدة البلاد.ربما ان استمر الامر على ماهو عليه فسيتكون مخيم ويصبح في الامم المتحدة وهده هي اللفتة نطالب بحل من اتنين الاول الاخلاء من طرف الامم المتحدة والتاني بالجيش المغربي لا تالت لهما

mohand
المعلق(ة)
11 نوفمبر 2020 01:48

هذا امتحان عسير للامم المتحدة ولوضيفة المونيرسو , الان لهم قناعة تامة ان للجزائر اليد الطويلة في هذا النزاع المفتعل,لقد خسرت الجزائر كل اوراقها عندما وضعتها الامم المتحدة تحت المجهر وركنوها في زاوية لم يعد لها بد من نكران انها طرف في النزاع لذالك بددئت بتحريك بيادقها البوليزاريو لتغطي على عورتها ,ولا يحاربونك الا من وراء حجاب,المغرب لا يريد حرب مع الاخوة والجيران انه بلد مسالم ل اكن اذا حم القضاء على امرئ فليس له بر ولا بحر,لقد اعذر من انذر,لقد اصبحت الجزائر عارية تماما قلة الشهامة

موحى
المعلق(ة)
11 نوفمبر 2020 00:09

سلوك النظام المغربي هذا ، يذكرني بسلوكه في الثمانينيات القرن الماضي، عندما اعلن عزمه شن هجوم على البوليزاريو في تندوف وفق مبدأ حق المتابعة لدرء خطر يهدد المغرب .
فاجتمعت كل أجهزة الدولة بشكل مستعجل … و بدون جدوى …و بدون تحرك . كانت مليشيات البوليزاريو تخطف مواطنين في طانطان و كليميم !!

رشيد
المعلق(ة)
11 نوفمبر 2020 00:07

الحزم والقوة شر لابد منه في الظروف الحالية…وكل تأخير سيؤدى عنه غاليا

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x