لماذا وإلى أين ؟

بنشقرون: مشروع المالية لم يكن ثوريا (حوار)

يؤكد النائب البرلماني جمال بنشقرون كريمي، عن حزب التقدم والاشتراكية، أن هناك مقترحات وتعديلات مهمة تقدم بها حزبه لكن الحكومة رفضتها، خصوصا الضريبة على الثروة التي أبرز أن أزمة كورونا كانت فرصة لفرضها، لأن الأرضية الخصبة توفرت مع إحداث صندوق “كوفيد19” الذي ساهم فيه الجميع، من مؤسسات وأشخاص وجماعات…لتمويله.

ويرى ضيفنا في فقرة “ضيف السبت” أن الانتظارات لم تُبلور في مالية 2021، مشددا على أن الرهان كان على أن تأتي بمشروع قانون مالية ثوري على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

 

بداية، ما هي التعديلات التي قدمها حزبكم وتم رفضها؟

المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية تؤمن بدورها الاقتراحي الذي يتميز به الحزب، منذ سنوات وليس فقط في هذه السنة، إذ عندما كنا في الأغلبية الحكومة كنا نتقدم بمقترحات مهمة لتعديل قانون المالية، ونساهم في تحسينه وتجويده لمصلحة المواطنين.

من بين التعديلات التي طرحناها لكن للأسف لم تجد طريقها للأجرأة والتطبيق والاعتماد داخل منظومة قانون المالية، هناك الضريبة على الثروة، من أجل تحسين أوضاع المواطنين والمواطنات ومساهمة الأغنياء في عيش الفقراء على حد تعبيرنا الدائم في دفاعنا عن هذا المقترح التعديلي. كما أن هذه الضريبة تجد سندها اليوم من خلال الواقع الذي نعيشه مع جائحة كورونا، لأن الأرضية الخصبة توفرت مع إحداث صندوق “كوفيد19” الذي ساهم فيه الجميع، من مؤسسات وأشخاص وجماعات…لتمويله، وبالتالي يعتبر هذا الصندوق أرضية خصبة لتطبيق هذه الضريبة التضامنية الاجتماعية التي لا نريد أن تطبق فقط على الأموال الموجودة في السوق والمُحركة لعجلة الاقتصاد والشركات، بل تستهدف الأرصدة والعقارات المجمدة الخارجة عن الرواج الاقتصادي، عبر مقياس تبايني حسب قيمتها وحجمها، بحيث نحدد نسبة مائوية بين 0.5 % و1.5% من هاته الثروة، سنويا.

وهذه مناسبة لنقول إن هذه الضريبة ستعزز دور تدخل الدولة في قطاعين حيويين، هما قطاع التعليم وقطاع الصحة، لما يحتاجانه من تمويل ومن تدخل قوي على كافة المستويات لإعادة الاعتبار للصحة والتعليم العموميين، فهما ركيزتان للتنمية وبالتالي فالتمويل والانخراط يجب أن يكونا عبر المساهمة التضامنية، ولهذا يمكن أن نحدد على ضريبة الثروة عناصر أساسية للقيام بهذا الدور.

وإلى جانب هذه الضريبة، هناك تعديلات كثيرة مهمة تقدمنا بها، لنعالج إشكالية التدخل المالي لضمان حقوق الجميع، وخلق التوازنات الاجتماعية والاقتصادية. كما أن الشباب الآن يشكل ركيزة أساسية وقوة ديمغرافية وجب العناية بها ومراعاة حضورها القوي من خلال دعوتنا إلى تعزيز صندوق الخاص بدعم الشباب، والذي يعتبر من الصناديق الأساسية التي أتينا بشأنه بمقترح قانون سنة 2017، يرمي إلى خلق منحة مالية لفائدة الشباب العاطل عن العمل، لتكون له سببا في بحثه عن الشغل. وهو مقترح مهم في نظر الجميع، إلا أن الحكومة لم ترد عليه لحد اليوم، ولم تراع الدفوعات التي تقدمنا بها لإقراره، ونحن في خضم أزمة في البطالة. فكيف لشاب صرفت عليه الدولة وأسرته لكي يدرس نجده اليوم يبحث عن الشغل بشكل فردي، بمصروف جيب منعدم. وبالتالي يجب أن تساهم الدولة. كما قدمنا مقترحات لتعزيز ورش البحث العلمي والعناية أكثر بالتعليم من خلال إقرار تخفيض الضريبة على الدخل للبحث العلمي وتشجيع صناديق البحث العلمي.

أيضا كانت هناك مقترحات لإدراج ضرائب أخرى لمعالجة الوضع الاقتصادي، من خلال مثلا سن عدالة ضريبية بين القطاع الصناعي والفلاحي، وكذلك مراعات ظروف التجار الصغار وإيجاد حلول للإشكالية الواقعة بين التاجر الصغير الذي يعاني والأسواق التجارية الممتازة.

وفي مسألة التوظيف دعونا إلى تعزيز الموارد البشرية في قطاع الصحة والتعليم، وإعادة النظر في منظومة الأجور والتعويضات.

في نظركم هل تستجيب مالية 2021 لرهانات المرحلة الاستثنائية التي يمر منها المغرب ؟

أعتقد أن هذه الانتظارات لم تُبلور كما كنا نتوقع، الرهان كان على أن تأتي بمشروع قانون مالية ثوري على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ليستجيب لطموحاتنا جميعا، إلا أنه جاء بنفس التحفظات والتحديات الماكرواقتصادية التي اعتدنا سماعها دائما، بل وجدنا أن النفس ولمسة التغيير محتشمة في هذا النص لدرجة أنه لم يأت بحلول واقعية لحلحلة المشاكل الاجتماعية والمعضلة الأساسية المتعلقة بتكريس العدالة الاجتماعية عبر ضرب الطبيقة التي استشرت في المجتمع، وكذا معالجة مشكل التفاوت الاجتماعي والمجالي، وهذه أمور أسياسية في منظورنا، بمنطق اشتراكي قوامه استفادة الجميع من الناتج الداخلي الخام، وأن يتم إنتاج الثروة بشكل عادل، وأن تُقسم بمنطق عادل، وهذه أمور مرتبطة بركائز أساسية لمعالجة الوضع الاقتصادي عبر تدخل الدولة، وعبر قرارات مستمدة من الروح الوطنية التي تدافع عن مصالح الأفراد بعيدا عن مراعاة ظروف الشركات والمقاولات على حساب الأفراد. بل إننا نريد أن تقارب هذا بمنطق ترابي عبر إقرار الجهوية وتعزيزها كمحدد تنموي أساسي في المجتمع.

في نظركم كيف تعاطت الحكومة من خلال المالية الجديدة مع قطاعي الصحة والتعليم؟

في السنوات الأخيرة قامت الحكومة بمجهودات كبيرة لتجويد وبت نفس جديد لهذين القطاعين، عبر تعزيز الموارد البشرية والإمكانيات المالية، لكن ذلك يظل ضعيفا بالنظر للتحديات والإكراهات الكبيرة التي نعاني منها، نظرا لتراكم المشاكل طيلة سنوات، بحيث يصعب حلحلتها دون إرادة قوية لدى الحكومة لتدبير أساسي. وإقرار ميزانيات استثنائية على مدى خمس سنوات للنهوض بقطاع التعليم وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية والصحة العمومية.

هناك مجهود في هذا الجانب لكنه ضعيف ولن يظهر تأثيره بشكل كبير، لأن هذا ليس مرتبطا فقط بالتمويل، بل بالعدالة الجبائية ومنظومة الأجور التي يجب مراجعتها. وكذلك رهين بانخراط القطاع الخاص والجماعات الترابية والجهات. وعلى مستوى التعليم، يتوجب تنزيل ما أتى به القانون الإطار 51/17 من منطلقات ودعامات. وننادي إلى إبرام شراكة بين القطاعين الخاص والعام لكي تستفيد الدولة منهما، على مستوى المردودية والخدمات العمومية المقدمة للمواطنين.

فضلا عن هذا، تعتبر التغطية الصحية الشامية نقطة أساسية في ما يخص سلة العلاجات لفائدة كل المواطنين باختلاف فئاتهم الاجتماعية.

كيف مرت المناقشات حول تعديلات ضريبة التضامن التي أثارت صيغتها الأولى نقاشا كبيرا؟

لقد شكلت ضريبة التضامن محور نقاش داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية على مدار المناقشة العامة وتقديم التعديلات ومناقشتها، طيلة أسبوع من العمل، امتد ليلا ونهارا، وفي نهاية المطاف كان هناك رفض مطلق لتضريب الأجراء الذين لديهم دخل صافي يعادل أو يفوق 120 ألف درهم سنويا، حيث طالبنا بأن تطبق على الدخول التي تعادل أو تفوق 240 ألف درهم سنويا، وقد حاز هذا التعديل مواقفة جماعية، والذي يحدد أيضا سقفا بالنسبة للشركات من خلال نسب متفاوتة لتساهم في التضامن، مثلا حددنا سقفا للنسب حسب مليون درهم كدخل صافي لنسبة مأوية، وكذلك لـ3 ملايين درهم إلى 5 ملايين درهم المعتمدة أصلا في قانون المالية منذ السنة الماضية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x