لماذا وإلى أين ؟

التفاصيل الكاملة لمنع تلميذة من التعليم بسبب “الفولار” على لسان والدتها

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين

“تخيل أن ابنتك تحرم من أبسط حقوقها التي خولتها لها الدولة، بأن تحرم من الدراسة وكأنها مجرمة، تخيل أن المدرسة فيها أعداد كبيرة من التلاميذ والتلميذات، ويتم منع ابنتك بشكل منفرد، ويتم إخراجها من قاعة الدرس لأنها وضعت غطاءً على رأسها”..بهذه العبارات المتحسرة على ما آل إليه مصير ابنتها تحكي أم التلميذة التي منعتها مدرسة “دون بوسكو” التابعة للبعثات الفرنسية بمدينة القنيطرة من متابعة دراستها بسبب وضعها “فولارا” يغطي رأسها.

كرونولوجيا المشكل:
وعودة إلى تفاصيل القصة، التي شغلت الرأي العالم مؤخرا، تحكي أم التلميذة الممنوعة من دراستها بسبب “فولار”، قائلة: “أخذت طفلتي يوم الإثنين المنصرم 9 نونبر الجاري، بحجابها الذي كان عبارة عن فولار عادي كباقي بنات المغاربة، دون قفازات أو لثام أو غيره، ومباشرة بعد دخولي للمدرسة، ناداني الحارس العام وقال لي “الفولار ممنوع”، فأجبته أن هذه حرية شخصية وابتني ارتدته بمحض إرادتها، لكنه أجابني أن هذا داخل في النظام الداخلي للمؤسسة، فرددت عليه: بأني لم أوقع أصلا على النظام الداخلي خلال هذا الموسم، ما حمله على إعطائه إياي لتوقيعه”.

وساءلت أم التلميذة الحارس العام للمؤسسة، بعد منعه، عن تناقض النظام الدراسي للمؤسسة الذي يربي الأطفال على الحرية الفردية؟”، موضحة له أن “حرية ابنتها لا تعتدي على حرية الآخر”، إلا أن الحارس العام تشبث بالنظام الداخلي للمؤسسة، تقول الأم، ما دفعها ألى ترك ابنتها بالمؤسسة مع طلبها لهم “عدم إزالة حجاب ابنتها”.

“تفاجأتُ بعد عودتي في نفس اليوم لأخذ ابنتي”، تضيف محدثة “آشكاين”، أنهم “قاموا بإدخالها للخزانة المدرسية لوحدها من الثانية زوالا إلى السادسة مساء، بل حتى أنهم منعوها من الخروج للاستراحة حتى لا يراها التلاميذ، وكأنها تضع جريمة فوق رأسها”، متسائلة عن “الحالة النفسية لطفلتها”.

في اليوم الموالي، “أخذت ابنتي لكن نفس الأمر تكرر للأسف، ما دفعني لأطلب منهم أن يكون هذا المنع قانونيا بتسليمي وثيقة رسمية من المؤسسة تبرر هذا المنع، وطلبت أن يراها الطبيب النفسي للمدرسة، إلا أنهم رفضوا” تسترسل أم التلميذة الممنوعة من الدراسة بمدرسة البعثات الفرنسية “دون بوسكو” بالقنيطرة.

وتابعت “خرجت يوم الثلاثاء 11 نونبر الجاري، إلى المحامي الذي دلني على العون القضائي وهو الذي عاين نفس المشكل: وسجل في محضره، الذي اطلعت عليه آشكاين”، وفيه: “..انتقلنا إلى مدرسة دون بوسكو بالقنيطرة رفقة التلميذة بحضور والدتها وبعد ولوج التلميذة المذكورة للمدرسة موضوع الإجراء مرتدية غطاء الرأس ( فولار) تم إيقافها ومنعها من الولوج من طرف السيد المدير المساعد والذي أطلعناه على صفتنا وموضوع مهمتنا مصرحا للتلميذة أمامنا باللفظ التالي : النظام الداخلي للمدرسة يمنع منعا كليا ارتداء غطاء الرأس لكل من التلميذ أو التلميذة داخل المدرسة”.

واستغربت أم التلميذة من هذا “التصرف” الذي أقدمت عليه المؤسسة بقولها: “نحن في بلد إسلامي والطفلة أرادت أن ترتدي الحجاب، فهل سنمنعها، وحتى إن كنا سنمنعها من شيء فلا يجب أن نمنعها من دراستها، فلا ضير أن تقوم المدرسة برفع دعوة قضائية ضدي لكن بعيدا عن حرمان ابنتي من الدراسة”.

قَهْرٌ ومؤازرة وبكاء فرح …
“عشتُ بكاء الفرحة”..بصوت يوحي بتساقط الدموع من عينيها، تنقل أم التلميذة ذات الإثني عشر سنة، المحرومة من دراستها شعورها بعد توافد المحامين لدعمها في قضية ابنتها، قائلة: “بالقدر الذي قُهرت فيه وأحسست أنه مغلوب على أمري، وأبوها طريح الفراش ولا علم له بالواقعة، بالقدر الذي أحسست أن المغارب كلهم آباؤها، أحست أني في بلدي وأفتخر، خاصة بعدما رأيت انتظار محامين لمدة طويلة أمام القاعة ليرافعوا عن ابنتي وقد قدِموا من أماكن بعيدة، وأتشرف أن يكون أمثال هؤلاء المحامين في بلدي”.

تفوق دراسي..حرمان دراسي
وأشارت الأم، في تصريحها للجريدة، أن “ابنتها من المتفوقات في المدرسة وطالما كانت من المشاركات في الأولمبياد الخاصة بالرياضيات، وحتى إن لم تكن متفوقة فلا يجب حرمانها من دراستها لأنها تبقى طفلة”، لافتة إلى ما تلقته من “مؤازرة حقوقية من جمعية حقوق الطفل التي ستزورها على غرار جمعية حقوق الإنسان في القنيطرة”.

توافد محامين لللمؤازرة
من جانبه أكد رشيد آيت بلعربي، دفاع التلميذة المشار إليها أنه “من بعد توصل مدرسة دون بوسكو والمديرية الإقليمية للتربية والتعليم بالقنيطرة بالدعوى القضائية، نصّبت المدرسة محاميا لينوب عنها، إذ اطلع على الملف وتم تحديد ملف مناقشته الجلسة في الثلاثاء المقبل 24 نونبر الجاري”، مشيرا إلى “تطوع 6 محامين منتمين لهيئة المحامين بالقنيطرة”. مؤكدا على أن “وضعية التلميذة حاليا ممنوعة من حقها في التعليم”.

قرار مخلف للدستور ويخلق صدام دينيا
واعتبر مؤازِر التلميذة رشيد بلعربي، في تصريحه الذي خص به “آشكاين”، أن “قرار حرمان التلميذة مخالف لأسمى قانون في البلاد الذي هو الدستور، ومخالف لجميع النظم التعليمية، فالمعروف أن التلاميذ يلجون المدارس من أجل التعليم وليس من أجل التربية الدينية، والتي جزء منها مرتبط بفطرة الإنسان، وجزء آخر مرتبط بالوسط الاجتماعي والأسري وعلى رأسهم الأبوين، اللذان ضمِنت لهم اتفاقيات حقوق الطفل ومدونة الأسرة الحق في التوجيه الديني للطفل ولم تعطه لأحد غيرهما”.

“بهذه الواقعة يحاولون أن يخلقوا صداما دينيا من لاشيء”، يضيف دفاع التلميذة شارحا: “فالمادة الثالثة من الدستور المغربي تنص على أن الدين المغربي للدولة هو الإسلام والدولة المغربية تضمن لكل شخص ممارسة حريته الدينية، فهل هناك انفتاح أكثر من هذا ؟”.

واستطرد محدث “آشكاين” بقوله: “كل هذا وتأتي مؤسسة معينة وتقول للمغاربة أن لديها نظاما داخليا”، متسائلا في الوقت نفسه: “هل يسمح لنا في كل إطار أو كل مؤسسة ذات نظام داخلي أن نخالف القانون الأسمى للدولة؟؛ ذاهبا إلى “افتراضه جدلا أن ولية أمر التلميذة وقعت على النظام الداخلي، وهذا ما لم يحصل، فهو لا يعني شيئا، لأنه في الأخير مخالف لنظم الدولة التي يرأسهم أمير المؤمنين”.

أين المدافعين عن حرية “صايتي” بإنزكان؟
وذكر المحامي نفسه، بالضجة التي صاحبت واقعة فتاتي إنزكان حين خرجتا في عز نهار رمضان بلباس يتماشى مع حرياتهم الشخصية “الصايا”، ورغم ذلك نادى المتشبعون بالحريات إلى ضمان حقهم في ارتداء ما يُرِدْنَه”، مستغربا من أن “لا تقوم نفس الجمعيات الحقوقية والمهتمة بحقوق الطفل والحريات الشخصية بإثارة نفس الضجة على ما وقع لهذه التلميذة رغم أنه نفس المبدأ”.

فيما حمل رشيد بلعربي، دفاع التلميذة المحرومة من دراستها بسبب ارتدائها لغطاء الرأس،(حمل) الجهات الوصية في وزارة التربية الوطنية “مسؤولية سماحها بمثل هذه التصرفات التي تمنع الأطفال من الدراسة بسبب نظام داخلي يتنافى مع الدستور المغربي”، مشددا على ضرورة تدخلها لحلحلة الملف وإرجاع التلميذة لمقعدها بالحجرة الدراسية”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
علي ناصر
المعلق(ة)
الرد على  محمد
19 نوفمبر 2020 20:31

اليست هذه المدرسة هي التي في ارض غير إرضها لمهاجر حيث تفرض شروطها؟

Bassam
المعلق(ة)
18 نوفمبر 2020 21:48

تعليق على التلميذة الممنوعة من متابعة الدراسة.
تحية للأخوة المحامين على مؤازرتهم مما يدل على أن في بلادنا رجال لايثنهم لا المال ولا الجاه عن قول الحق ونصرة المظلومين والمقهورين، فكل التحية والتقدير لهم.
أما القول بالنظام الداخلي أوخلافو فالمدرسة موجودة على التراب المغربي وفي بلاد اسلامية وفي حماية الدولة المغربية وبالتالي لايحق بأي شكل من الاشكال بالتبرء بالنظام الداخيلي لان قانون البلد فوق كل ذالك.ما هذه البلطجة ؟؟؟ الغرب يتحكم في المغاربة في بلدانهم وحتى في بلادنا؟؟؟
ماذا سيكون ردالفعل من أي دولة أوروبية لوكان ذلك الطرد وقع لفتاة اوروبية في دولة اوروبية (وأنا اعيش هناك لعقود ) بكل تأكيد سيكون الاغلاق أو الطرد والسجن وغرامة لكل المسؤوين وسيثور الاعلام بكل مشاربه. ولكن في بلادنا لا من يحرك ساكنا من المسؤلين وكأن الامر لايعنيهم.
ليعلم الجميع أن الكرامة لاتشترى
تحياتي لجريدة أشكاين

موحى
المعلق(ة)
18 نوفمبر 2020 16:05

يمكن أن ندعي عكس ما قاله محامي التلميذة : “بهذه الواقعة يحاولون أن يخلقوا صداما دينيا من لاشيء”، يضيف دفاع التلميذة .
العائلة قامت بما قامت به بسبق و ترصد .

محمد
المعلق(ة)
18 نوفمبر 2020 12:58

“الم تكن ارض الله واسعة فتهاجرو فيها”.
لماذا هذا الاصرار على البعثات الفرنسية؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x