لماذا وإلى أين ؟

الدخيل: بوليساريو لم تتوقع رد فعل المغرب وموريتانيا كانت أكبر المتضررين (حوار)

شدد الكاتب والمحلل السياسي، البشير الدخيل، على أن قرار المغرب بالتدخل لتحرير معبر الكركرات، قرار متأن وذكي، مشيرا إلى أنه هندسة مدنية وليس تدخلا عسكريا. 

وأبرز الدخيل في هذا الحوار مع آشكاين أن البوليساريو لم تكن تتوقع رد فعل المغرب، بل كانت تنتظر رد فعل عنيف للركوب عليه ويُتهم المغرب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، لكن المغرب لم يفعل هذا والعالم كله أجمع على ضرورة فتح المعبر الذي يعتبر نقطة من النقط العازلة ولا يمكن لأحد أن يتواجد فيها. أي المغرب تصرف بعقلانية وبعدما بلّغ العالم كله بخطوته.

 

 

بداية، ما قراءتكم لقرار المغرب بخصوص الكركرات؟
المغرب ملتزم بمسار السلام الذي تقوده الأمم المتحدة منذ إعلان وقف إطلاق النار في 1991. هذا المسار كما تعرفون يتطلب أن تكون هناك مفاوضات. المغرب تدخل لسببين اثنين؛ بعدما نبه الأمم المتحدة بأن هناك خللا كبيرا في المعبر الذي يعتبر ممرا للتجارة الدولية التي تم توقيفها، أي تم خرق قانون حماية التجارة العالمية. وبالتالي التدخل هو هندسة أمنية وليست عسكرية، لأنه فقط تم فتح الممر ولم يسقط جريح ولا قتيل. كان هناك تأن كبير جدا، فمنذ عام والبوليساريو تستفز في المعبر وتصل إلى المحيط الأطلسي، وبالتالي بعد التأني كان الرد ذكيا دون المساس بسلامة أحد ولم يقع عنف.
الانطباع الثاني هو أن القوة المغربية ليس كما كانت في 1975، إذ تم بناء جدار أمني طويل في أقل من 12 ساعة، وهذا عمل مهني وليس عمل المبتدئين. ورسالة جلالة الملك تقول إن المغرب لن يخرج عن المسار الأممي.
البوليساريو لم تكن تتوقع رد فعل المغرب، كانت تنتظر رد فعل عنيف للركوب عليه ويُتهم المغرب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، لكن المغرب لم يفعل هذا والعالم كله أجمع على ضرورة فتح المعبر الذي يعتبر نقطة من النقط العازلة ولا يمكن لأحد أن يتواجد فيها. أي المغرب تصرف بعقلانية وبعدما بلّغ العالم كله بخطوته.
ألم يأت القرار متأخرا كما تقول بعض وجهات النظر؟
القرار أتى بعد إقناع العالم، ولم تندد به أية دولة، حتى الخضر الأوروبي ساندوه، أي أنه جاء في وقته لأن المغرب مقتنع ويحترم الرأي العام الدولي، حيث خرج قرار أممي ينص على احترام الاتفاق العسكري رقم 1، والمغرب امتثل لهذه التوصية.
إعلان البوليساريو الخروج عن اتفاق وقف إطلاق النار يعفيها من مسؤولياتها الأممية؟
طبعا لا، أحداث المعبر جاءت بعد الغضب السائد في المخيمات، خصوصا من الشباب الجامعي الذي يريد أن يرى نوعا من التقدم سواء في اتجاه الحرب أو السلم، قبل أن يغضب على القيادة، وبالتالي القيادة فكرت في إثارة مشكل الكركرات لبت نوع من الروح الوطنية بين قوسين في نفوسهم، لكنها لم تتوقع رد فعل المغرب.
القوة الداعمة للبوليساريو هي الجزائر، ورأينا في بيانها كيف طالبت بضبط النفس، ما معناه أنها غير مستعدة للحرب، ورئيسها موجود في ألمانيا، وبالتالي وقعت البوليساريو في خطأ كبير. فأي إمكانيات لديها الآن لخوض الحرب؟ ليبيا لم تعد تمنحها السلاح والنقود ولا وجود للاتحاد السوفياتي الداعم لها، والعالم كله يكافح الإرهاب ولم يعد كما كان في حقبة السبعينات والستينات، إذ الذي يريد أن يحصل على حقه يتوجب عليه أن يقصد المحافل الدولية ويجري مفاوضات للإقناع، وبالتالي ما حصل مجرد نفحة في رمال الصحراء. وحتى الطريقة التي أوقفت بها حرب الصحراء جاءت بعد عدم قدرة البوليساريو على الاستمرار فيها ولم تقدر على تجاوز الحزام. الحرب ليست وسيلة وليست في صالح أحد، الحرب الرابح منها هو أغنياء الحرب وتجار الأسلحة.
ماذا عن ردود الفعل من داخل المخيمات ونحن نعرف ارتباطاتك العائلية القائمة مع سكانها؟
كما نعرف جميعا البوليساريو بدأت تتآكل منذ 1991 مع إطلاق وقف إطلاق النار، فقد ظهرت سياسات أخرى وطُرحت مواضيع القبلية والجهوية. البوليساريو إذن تحاول أن تضمم الجراح ولن يكون هذا بهذه الطريقة، وهذا غير ممكن، لأن هناك قيادة أبدية لا تتغير، وهناك شباب يريد المشاركة في الحياة السياسية، وبالتالي برز معارضون، وخير دليل هو الحركات التي ظهرت، إضافة إلى العائدين للمغرب (أكثر من 12 ألفا)، والذين تأقلموا مع أوروبا وأصبح لديهم منظور آخر للحياة… يعني أن بوليساريو السبعينات والثمانينات ليست بوليساريو اليوم.ذ
وما رأيك في رد فعل موريتانيا التي تضررت من إغلاق المعبر بشكل كبير؟
موريتانيا لديها سيادتها ومصالحها وسياستها الخارجية. أظن أنها حاولت أن تصبر وتحاول أن تبقى محايدة، لأنها تحت ضغوط كبيرة من كل جهة. ولا ننسى أن هناك ارتباطا تاريخيا قبليا عشائريا بينها مع الصحراويين، وبالتالي كانت في موقف محرج مع الخطأ الذي ارتكبته البوليساريو، إذ كانت أكبر متضرر، لأن اقتصادها هو مع أوروبا مرروا بالمغرب، لذلك تضرر تُجارها.
وقد حاولت الجزائر أن تنشئ ممرا لإيصال الخضر والفواكه إليها لكن لم تنجح لأنها لا تتوفر على القدرة التي يتوفر عليها المغرب، وكذلك لأن نشاطها التجاري يمر عبر المغرب، إذن تضرر الشعب الموريتاني، ورأينا كيف ارتفعت أسعار المنتجات في الأسواق الموريتانية، لذلك أصبح جزء كبير من الموريتانيين يغيرون رؤيتهم للأمور، وفيهم من عبر عن هذا علانية، عبر قنوات اجنبية، من كتاب وصحافيين، قالوا إنه من الواجب احترام مصالح الموريتانيين والحفاظ عليها، أي أنها بداية التحول في الرأي الموريتاني.
بعد نجاح هذا التدخل، ألم يحن دور تدخل اقتصادي تنموي في المنطقة كسلاح آخر ضد الجبهة؟
السياسة تتبع الاقتصاد، والانسان كذلك. على المغرب أن ينتبه أكثر، وقد قام بمجهودات كبيرة لبناء أوراش تنموية كبرى. فمن كان ينتظر أن تحتضن السمارة جامعة كبيرة تضم 6000 طالب؟ من كان يفكر في أن يكون معهد تكنلوجي كبير في الداخلة؟ ومن كان ينتظر أن يتم في العيون بناء جامعة طبية؟ وحتى في أوسرد والداخلة يتم بناء ميناءين ضخمين. الآن يتوجب الاهتمام بالسياسات المحلية وإشراك الشباب في العملية.
لابد من مد اليد للتصالح، فلا يمكن أن نحل المشكل إلا بالمفاوضات كما تتطلبه المواثيق الدولية. فالجزائر وضعت حجرة عثرة في حذاء المغرب، فأصبح حجر عثرة في مسار المغرب العربي. وبالتالي لابد من الحوار، والحرب لا رابح منها إلا تجار الأسلحة. وعلى دول المنطقة أن تطمح إلى توفير منطقة كبيرة متحررة من المشاكل للاشتغال لتنمية الشعوب وضمان مستقبل أولادنا. الحل هو التسيير الجيد والديمقراطي، وفتح المجال للشباب وتطبيق القانون على الجميع.
أخيرا، ما دور الدبلوماسية الموازية في القضية، ونحن نعرف أنشطتك في دول أمريكا اللاتينية؟
القوة الناعمة هي التي تستعملها الدول الآن من أجل الدفاع عن سمعة الدولة وصوتها عند الآخر، وهذا يقوم به الكتاب والشعراء والصحافيون ومختلف وسائل التواصل. لقد اعترفت دول أمريكا الجنوبية بالبوليساريو زمن الحرب الباردة. كوبا مثلا كان لها تأثير على حوالي 400 حركة مسلحة الآن لم يبق منها إلا القليل، ومن 22 دولة المعترفة بالجبهة أصبحوا 5 فقط.
في تلك الفترة كان المغرب حاضرا في أمريكا اللاتينية بسفارتين فقط، الآن أصبح للمغرب قنصليات كثيرة وسفراء نشيطين وعملية تجارية وتواصل أكثر وأصبح المغرب عضوا فعليا في عدد من المنظمات الدولية، أي أن المغرب تخلى عن الكرسي الشاغر وأصبح لديه استراتيجية خاصة خصوصا بعد مجيء جلالة الملك محمد السادس وزيارته لخمس دول كبرى في أمريكا اللاتينية. زد على هذا وسائل التواصل الحديثة من فايسبوك وتوتير وغيرها، فأصبحت المعلومة تنتشر.
نحن الآن نعمل بطريقة أكاديمية، عن طريق معهد منتدى البدائل الدولي للدراسات الصحراوية الأندلس، لأن العديد من الناس لا يعرفون الصحراويين، ويجهلون ما يحصل، وبالتالي يتوجب علينا أن نُعرف بالقضية بطريقة أكاديمية وتواصلية، لأن المشكل لا يمكن أن يحل بالحرب، وهو مطروح في الأمم المتحدة في 57، أي 20 عاما قبل ميلاد البوليساريو، والمغرب ضغط على اسبانيا لتحرير الصحراء وأنشأ جيش التجرير الذي ضم الصحراويين، وهذا التاريخ غير معروف، والذين يدعون أنهم ليسوا مغاربة كان آباؤهم في جيش المغربي، منهم عبد العزيز المراكشي وآخرون مازالوا الآن، وهذه معلومات لا يعرفها كثيرون، والبوليساريو تسوق على أن الصحراء كانت فيها اسبانيا وأنها شعب معزول. الدفاع عن القضية لا يجب أن يكون بالفلكلور، بل بالأدلة والبرهان للإقناع.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x