لماذا وإلى أين ؟

الفاتحي يتحدث عن عمل استخباراتي للسفارة الجزائرية في الاعتداء على مغربيات بباريس

ما زالت تداعيات تعنيف وقفة باريس من قبل بلطجية موالين لجبهة البوليساريو تضيّق الخناق الدبلوماسي على الدبلوماسية الجزائرية وقيادات الجبهة، خاصة مع “الارتباك” في تعاطيهم مع الأطروحة التفاوضية للمغرب.

وموازاة مع ما يمكن أن تقوم به الجالية في سلوك المتابعات القانونية في حق المتورطين بالدلائل والحجج في تعنيف وقفة باريس، تطرح تساؤلات عدة حول الخلفيات السياسية لهذا الاعتداء ومن يقف وراءه، خاصة مع ما شهده “الهجوم من تنظيم محكم”.

وفي هذا الإطار، أوضح عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، في حوار مع “آشكاين”، الخلفيات وراء هذه “الاعتداءات المنظمة” في حق الجالية لمغربية بباريس، مبرزا تداعيات تحركات الموالين للجبهة على الموقف الأوروبي من قضية الصحراء المغربية، ومعلقا على “التراخي” الذي تعرفه تحركات وزارة الخارجية لمقاضاة المتورطين.

وفي ما يلي نص الحوار:

كيف تقرؤون اعتداءات خصوم الوحدة الترابية على الجالية المغربية في ساحة الجمهورية بباريس؟

يمكن التأكيد بأن هذه الاعتداءات أسقط قناع الخطاب الثوري والنضالي، الذي كثيرا ما كان يكسب الجبهة الكثير من تعاطف الأحزاب اليسارية الأوربية ولاسيما الفرنسية.

وأعتقد أن دعاية الخطاب الثوري والتحرري برز زيفها بوجود تخطيط للقيام بعنف ممنهج، استهدف وقفة سلمية تضامنية نظمتها الجالية المغربية، دعما لوحدة التراب المغربي ولاستعادة حرية حركة المركبات التجارية والأفراد في معبر الكركرات واستعادة النظام والأمن بهذه المنطقة الاستراتيجية.

ويمكننا القول بأن الرهان على العنف في بلد ديموقراطي يعد انتحارا في أداء الدبلوماسية الموازية لخصوم الوحدة الترابية في أوربا. وأعتقد أن ذلك سيزيد من عزلة الخطاب الانفصالي في عموم أوربا.

هذه الاعتداءات كانت موجهة من لدن الجزائر والبوليساريو, ذلك لأن العناصر التي نفذت العنف ضد الجالية المغربية كانوا على قدر كبير من التحضير، برزت في زيهم العسكري وفي تسلحهم بعصي كما هو موثق بالصوت والصورة.

هل من دلالات أو رسائل ربما تبعث بها الجزائر والبوليساريو؟ وما تداعيات ذلك؟

ولأن في الاعتداءات لمسة رسمية للجزائر والبوليساريو، فإن في ذلك بعث رسائل إلى أوربا مفادها أنهما قد يستعملون ملف الهجرة لممارسة الضغط على الاتحاد الأوربي، بسبب استمراره في دعم تعاملاته التجارية والفلاحية مع المغرب والتي تشمل أقاليمه الجنوبية.

غير أن أقوى هذه الرسائل موجه إلى فرنسا لمواصلتها دعم الموقف التفاوضي المغربي في نزاع الصحراء؛ ذلك أن البوليساريو كثيرا ما وجهت انتقادات شديد لفرنسا، واليوم أرادت أن تبعث برسائل عبر استثمار زيادة الاحتقان الأمني داخل فرنسا.

ما تداعيات ذلك على الموقف الأوربي والفرنسي من نزاع الصحراء؟

أعتقد أنه بهذا الارتباك في سلوك الخصوم، عبر نقل الصراع إلى الفضاء الأوربي للممارسة لإعادة توجيه الموقف الرسمي الأوربي والفرنسي الداعم للموقف الأوربي لن يحقق هدفه. بل سيزيد من عزلة الخطاب الانفصالي.

ومعلوم أن الأوربيين يتكاثفون لحماية الأمن والاستقرار المجتمعي للحفاظ على بيئة تمارس فيها الديموقراطية بمختلف تجلياتها ومنها الحق في التعبير السلمي.

إن اللعب على وثر الانتقام من الموقف الفرنسي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، باستغلال الغليان الأمني الذي عرفته باريس، بسبب مظاهرات قانون الشرطة أمر سيقرأ سياسيا وقانونيا ولا أعتقد بأن القضاء الفرنسي سيتساهل مع مثيري الشغب تحت أي ذريعة.

والأكيد أنه سيفتح تحقيق في واقعة تجيش عناصر لإثارة الشغب والاعتداء على وقفة سلمية وسط باريس؛ ولاسيما أن التخطيط والاحترافية في الاعتداء رجحت عملا استخباراتيا قادته السفارة الجزائرية في باريس عبر تجيش عناصر استقدموا من مختلف الدول الأوربية.

ما تعليقكم على “تراخي” وزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج في الترافع لمتابعة بلطجية البوليساريو؟

أعتقد أن الوزارة واعية بما يحدث وتتابع ذلك عن كثب، ولا بد أنها مدعوة لمواكبة الجالية المغربية عبر إسنادها قانونيا لدى فرنسا؛ ومعنية أيضا بتوفير إمكانية التأطير والتكوين لمزيد من فعالية الدبلوماسية الشعبية، سيما أن الجالية المغربية بإمكانها لعب دور ريادي بارز لدى صانع القرار الأوربي.

إن تنشيط وتوجيه وتأطير الجالية المغربية يساعد في كبح تعاطف الأحزاب اليسارية الأوربية التي ظلت تقدم الدعم للجبهة، ولاسيما إذا حصلت الجالية على تكوين دقيق في الترافع باعتماد الارتباكات التي تقوم بها الجزائر والبوليساريو من قرارات لها علاقة بملف نزاع الصحراء.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
حمو
المعلق(ة)
6 ديسمبر 2020 13:20

عمل استخباراتي غبي بامتياز.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x