لماذا وإلى أين ؟

بلكبير: “حراك الريف” مصطلح استعماري قابل للاستغلال مثل البورليساريو (حوار)

تتجه الأنظار في الآونة الأخيرة صوب تعامل إدارة الدولة مع الملفات الحقوقية الكبرى بنوع مغاير تماما لما كان عليه التعامل في ما مضى، في جو من الترقب لـ”لانفراج سياسي” محتمل، خاصة بعد ما عرفه ملف حراك الريف من مرونة في تعاطي الدولة مع طلبات قادته بزيارة عائلاتهم، وسماحها لناصر الزفزافي وزملائه بزيارة امهاتهم مراعاة للوضعية الاجتماعية والإنسانية، وإعادة “حكيم حراك الريف”، محمد المجاوي إلى الوظيفة العمومية بعد مغادرته اسجن.

في ذات السياق، أوضح المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير، في حوار أجرته معه “آشكاين”، خلفيات التعامل الجديد لإدارة الدولة مع ملف معتقلي الحراك المذكور، مجيبا عن ما إذا كان هذا التعامل يشكل بداية انفراج سياسي في المغرب.

وفي ما يلي نص الحوار:

 ما تعليقكم على سماح إدارة السجون لقادة حراك الريف بزيارة عائلاتهم؟

أنا ضد مصطلح حراك الريف، لأنه مصطلح استعماري يصنف المغرب تصنيفا تقليداني لمجتمع الإقطاعي؛ هو حراك الحسيمة، بينما بنية الريف لديها مجال البنية المدنية والوطنية، وحتى من الناحية القبلية والجغرافية، فإن أغلبية الريف تضم الناظور وليس الحسيمة. فهل مثلا إن كان هناك حراك في أكادير، هل سنقول حراك سوس؟ أو إن كان في الجديدة نقول حراك دكالة أو عبدة؟.

أولا الحسيمة فيها الريف وغير الريف، ويجب أن نتكلم عنها كمدينة وليس كقبيلة.

المسألة الثانية، هو أن تسمية حراك الحسمية بحراك الريف توحي بالانعزالية، حتى لا أقول انفصالية، إذ أنهم لم يطرحوا ملف المدينة ضمن الملف الوطني.

وهذا هو أهم شيء آخذت به الدولة على الحراك، لأن هذا التوجه يغذيه الاستعمار الجديد، ويحيي بقايا المجتمع التقليدي والبنية القبلية، فبدل أن تكون التناقضات أفقية داخل الوطن تصبح تناقضات عمودية على أساس جهات وقبائل. ولهذا كانت قسوة الدولة وحزمها كبيرين.

المسألة الثالثة، فمن الناحية المبدئية، فهذا هو السلوك العادي المفروض من الدولة، لذلك فعقابها الذي قد يتجاوز أحيانا القانون، لأنه قاسي، فذلك راجع أن سلوك المحتجين يوحي بأخطار، وبالتالي قابل للاستغلال، كما وقع لنا في الصحراء المغربية، أي أنه قابل للتوظيف.

بمعنى أن البوليساريو في الأصل تفكيرها قبلي، وهذا التفكير داخل الوطن ليس فيه إشكال، ولكن ان يتم توظيفه ضد الدولة يصبح بمثابة مشكل، وبالتالي فقسوة الدولة جاءت من هذا المنطلق.

ولها فإن العناصر المعتقلة في حراك الحسيمة التي بدا منها أنها بدأت تعي خطأها الفكري والأيديولوجي والسياسي فهم يغادرون السجن. إذ أن هناك تعامل متدرج وحكيم وبعيد النظر، وذو بعد تربوي وليس عقابيا، وأعطى فرصة للمعنيين بالأمر ليحسوا أين يوجد خطأهم، فهو ليس في الاحتجاج او في ما أعلنوه من مطالب، ولكن خطأهم في الإطار الذي وضعوا فيه تلك المطالب، والذي كما قلت يوحي بالجهوية المبالغ فيها وبالقبلية.

وهو نفس المشكل الذي حدث في 1958 والذي عولج بعنف شديد، لان الدولة المغربية وحكومة عبد الله إبراهيم كانت لديهم معطيات على أن احتجاجات المنطقة استغلت من طرف إسبانيا.

وحتى الصحراويون لو أقاموا احتجاجاتهم في إطار وطني، كأن يطالبوا بمجلس تأسيسي او بحكم ذاتي او غيرها، ومادامت داخل الوطن، فحتى إن حملوا السلاح يمكن ان نتعامل معهم، كما فعل أدريس البصري مثلا.

والدولة لا يمكنها أن تقول هذه الأمور، ولا حتى المحتجون كذلك، ولكن الدولة تتصرف على هذا الأساس الذي ذكرناه.

وفي الأخير هذا المشكل المرتبط بحراك الحسيمة لا بد أن يحل، وقد مرت لحظات لإطلاق بعضهم، وبالتالي فإن هناك إشارات إيجابية من طرف إدارة الدولة والمجتمع، فلا شك أن الجميع يتعاطف معهم، ولكن الجميع ينتقدهم سياسيا، في خطابهم المتعلق مثلا بتحقير الأحزاب السياسية.

كيف تقرؤون السماح بإعادة إدماج محمد المجاوي المعروف بـ”حكيم الحراك” في أسلاك الوظيفة العمومية؟

الدولة المغربية أكثر من السابق، كلما خطوت نصف خطوة فهي تخطو خطوة، لأن استراتيجية الدولة العلوية في المغرب هو الإدماج، بمعنى أنها ليست ضد الاختلاف، ولكنها ضد الاختلاف خارج الحدود، بمعنى من أراد اللعب عليه ان يلعب داخ الملعب.

فداخل الوطن كل التناقضات قابلة للحل ولو بالعنف، ولكن داخل المربع، اما خارج المربع فالدولة لا تقبل.

 هل تشكل هذه الأحداث بداية انفراج سياسي بالمغرب؟

الانفراج دائما موجود، وتاريخ المغرب هو تاريخ انغلاق وانفراج، وهو ما كنا نتحدث عنها في السبعينيات حول جدل الانغلاق والانفراج، وهما طبعا نسبيان.

فإذا قارنا بين الوضعية في عهد الحسن الثاني رحمه الله والحالية، فنحن في بحبوحة اليوم، ولكن المطالب الحقوقية والديموقراطية لا حدود لها، ودائما الشعوب تطالب لكونها تحس بوجود نقص دائم، فهي بذلك دائما ما تطالب بانفراج أكبر، والدولة دائما لديها نزوع الضبط والمركزة.

فهذه الجدلية قائمة دائما، وتتحكم فيها عوامل كثيرة أهمها دور الخارج والأمطار، فهما عوامل حاسمة في عملية الانغلاق والانفراج.

فمثلا الحركة الإسلامية وعلى سبيل المثال جماعة العدل والإحسان، نجد أن هناك إرادة منها من الدولة، وهناك توجه في أوروبا لمحاربة الإسلام في حد ذاته، فما بالك بالإسلام السياسي، والبالتالي تجد الدولة نفسها أمام ضغوط خارجية للمصالح العليا للبلاد مع فرنسا وإسبانيا والجزائر والإمارات وغيرها. إذن، فانغلاق الدولة على عدم الانفتاح المطلوب اتجاه العدل والإحسان سببه الضغوط الخارجية.

وفي ما يخص عامل الامطار، فنحن في المغرب يرتبط اقتصادنا بعوامل لا إرادية، فعندما تكون الامطار ولا يكون هناك خطر الهجرة من البادية، وخطر الاضطرابات الاجتماعية، فإن الدولة تبسط يدها، والعكس عندما يكون هذا الخطر ماثلا.

لذلك فسيادة الدولة منقوصة، ليس بسبب الخارج فقط ولكن حتى بسبب الطبيعة، لأننا لسنا مجتمعا صناعيا، فالفلاحة تلعب دورا كبيا، سواء في المنتوج أو في استقرار البشر.

لذلك فعاملا الأمطار والخارج يلعبان دورا كبيرا في عملية الانغلاق والانفراج، ونتمنى أن يكون مستقبلنا لصالحنا على هذين المستويين.

وعلى كل حال فالمغرب أصبح يأخذ استقلاله الأكبر بعد علاقاته مع الصين إذ أصبحت تخفف عنه الضغوط؛ وهو ما ظهر في عملية التلقيح، التي لا تعد مسألة بسيطة، لأن الدولة استقوت وبينت على انها فاعلة ولها مردودية.

وأعتقد أن الأمور تسير في اتجاه الحل سواء في الشمال أو في الجنوب.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
بلال
المعلق(ة)
الرد على  من المحمدية
9 ديسمبر 2020 22:30

لا يمكن أن نحجب الشمس بالغربال كما لا يمكن أن نجعل من حمار، حصان سباق.
تحليل بلكبير تحليل منطقي و له دلالات لا يفهمها من هب و دب . حراك الحسيمة و ليس حراك الريف، سبقه حراك فاس و حراك الناضور و حراك الدار البيضاء و كلمة حراك ما هي إلا كلمة مستوحاة من الشرق العربي إبان انتفاضات الربيع العربي. كما كانت عليه كلمة العياشة ككلمة قدحية من الجزائريين الحاسدين للمغاربة الذين يفصحون و يجهرون بالولاء لملك المملكة المغربية. لنقول احتجاجات الحسيمة و هذا منطقي دون النفخ في ما وقع إذداك.

من المحمدية
المعلق(ة)
8 ديسمبر 2020 17:48

تسأله عن حراك الريف، وهو يجيب على بوليزاريو الحسن الثاني الامطار انغلاق انفراج ههه.
ويبقى الزفزافي رقم صعب واسم اصعب في الساحة المغربية الان، لو يفرج عليه لساعة اقسم انه سيتابع لايفه ازيد من 10 ملايين مواطن. وانت تحليل خارج السرب.
الدولة ذاهبة للحل لان وجود الزفزافي في السجن مشكلة لها رغم انها تريد ان توصل انها ليست مهتمة به .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x