لماذا وإلى أين ؟

سقوط حزب العدالة في امتحان الكركارات

*نورالدين زاوش

حينما يجد الجد ينكشف الصديق من العدو، وحينما يستعر حر الأحداث تبوح المواقف بخبايا النفوس، هكذا تجلى في أحداث الكركارات الأخيرة، بما لا يدع مجالا للشك، ما يحتله الوطن حقيقة في قلوب أتباعحزب الإسلام السياسي الذي يتربع على عرش الحكومة منذ قرابة عقد من الزمن.

إذا استثنيا بعض البيانات الخجولة الصادرة عن حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح في موضوع الكركارات، وأهملنا بعض البلاغات المتواضعة التي صيغت على عجل، نجد أن السواد الأعظم من مسؤولي الحزب والحركة، ومن مناضليهما والمتعاطفين معهما والناشطين في صفوفهما على مواقع التواصل والاجتماعي لا يولون الموضوع الحجم الذي يستحقه، ولا الأهمية التي يجب أن يحظى بها، وكأن الإشكال الحاصل لا يمس البلد الذي ينعمون بخيراته؛ أو بالأحرى يستنزفون خيراته.

مما لا تخطؤه عين ولا يغض الطرف عنه عاقل، التضامن الشرس والمهووس لهؤلاء الأتباع، أو إذا شئنا قلنا هؤلاء التُّبع، مع الرئيس التركي أردوغان حينما يشعرون بأنه مستهدف من جهات عالمية متربصة، حتى إنك تجد أغلبهم غيروا صور “بروفايلاتهم” بصور الزعيم، وانخرطوا أفرادا وزرافات في حملة دفاع شعواء لا تُبقي ولا تذر، وكأنهم في حرب مقدسةتحدد مصير وجودهم وليس فقط مستقبلهم السياسي، وهو ما لم نلحظ له أثرا في قضيتنا الوطنية الأولى وما لم نسمع له ركزا، وكأن هؤلاء النشطاء مواطنون أتراك وليسوا مواطنين مغاربة.

من حق الجميع أن يتضامن في وقت الرخاء مع من شاء بالكيفية التي يشاء؛ لكن حينما يطلق الوطن صرخاته ويدق أجراسه ما كانلأحد أن يتأخر عن تلبية النداء، ولا كان من حقه أن ينشغل بحماية دار جاره عن حماية داره، فهذا ما لا يفعله إلا أحمق مخبول، أو حقود عاق لأهله وذويه، أو رجل اختلطت عليه مفاهيم الخلافة والإمامة مثلما حدث لجماعة العدل والإحسان التي لم تصدر حتى بلاغا محتشما في الموضوع.

من كبائر الإسلام السياسي أنه لا يعترف بمفهوم الدولة في وجدانه ومشاعره وأولوياته، اللهم ذلك النذر اليسير المتناثر هنا وهناك في نصوص أدبياته ووثائقه وبياناته مما يسمح له بالاشتغال في ظل القوانين الجاري بها العمل، والذي لا يمكن اعتباره إلا ضرورة من ضرورات الفعل السياسي التي أُكره الإسلاميون على القيام به وقلوبهم مطمئنة بمفهوم الأمة على حساب مفهوم الدولة.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
مواطن
المعلق(ة)
10 ديسمبر 2020 00:20

تحية لهذا الكاتب فقد اصاب في توضيحاته. واضيف لذلك مثلا عندما قرر المغرب تعديل إتفاقية التبادل الحر مع تركيا وكيف تحركت الالة الدعائية الإخوانية.
اخوان بنكيران ليست لديهم اية استراتيجية في السياسة الخارجية او التعامل مع القضايا الوطنية.
ما يهمهم هو البقاء في الحكومة وليقع ما يقع.
انهم عبء ثقيل علينا.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x