لماذا وإلى أين ؟

قوانين تكرس الهيمنة الذكورية على حقوق المرأة المغربية (تقرير)

رغم أن دستور 2011 يضمن المساواة بين كل من النساء والرجال دون تمييز، إلا أن كافة التشريعات القانونية لازالت تكرس لعقلية ذكورية على أرض الواقع،  ولازالت فئة كبيرة من النساء تعاني من أجل الحصول على أبسط حقوقها، ولا زالت التقارير الدولية ترصد انتهاكات صارخة في صفوف النساء، من عنف نفسي، اقتصادي، اجتماعي، جنسي، بأرقام صادمة.

لدينا قوانين بعقلية ذكورية

في هذا السياق، أكد المساعد الاجتماعي بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، محمد حبيب، أن “العقلية الذكورية لا زالت سائدة في المغرب، ولازالت عملية الولوج لمجموعة من الخدمات حكرا على الرجال دون النساء”، مشيرا “لا زلنا بعيدين كل البعد في المغرب عن المناصفة وعن مفهوم المساواة في شتى أنواعه وتجلياته، وإن الواقع العملي يؤكد ذلك، رغم عدد من المساعي الحميدة التي تهدف لتحقيق المناصفة”.

وأردف حبيب، في حديثه مع “آشكاين”، كون أنه “ما يمكن فعليا من تنزيل حقوق النساء بشكل عملي، هو التشريع، هو القانون الجنائي، هي مدونة الأسرة، قانون الحالة المدنية، قانون الجنسية، قانون الكفالة، يجب إعادة النظر في كافة مضامين هذه القوانين، والعمل على تنزيل الاتفاقيات الدولية من مساواة ومناصفة على أرض الواقع”.

 

وقدم المختص في قضاء الأسرة، عدد من المواد القانونية المكرسة للعقلية الذكورية، بالقول “تسجيل الأبناء في سجلات الحالة المدنية لازال حكرا على الرجل، في حين أن المرأة إذا أرادت تسجيل أبنائها لا يمكنها ذلك، رغم أن المادة 16 من قانون الحالة المدنية يمنح لها التصريح بتسجيل الأبناء، إلا أنه يتم اعتراض ذلك بمرر أنه ليست لها النيابة الشرعية، وهي للزوج فقط”.

“كذلك للزوج فقط الحق في الخروج بالطفل المحضون خارج أرض الوطن” يضيف حبيب في السياق نفسه “أما الزوجة فيتم مطالبتها بالحصول على الرخصة الأبوية، وفقا للمادة 172 من مدونة الأسرة، تتقدم بمقال استعجالي لرئيس المحكمة لترخيص التصريح أولا بإعداد جواز السفر، ثم لخروج المحضون خارج الوطن من أجل السياحة فقط، في حين أن الزوج يمكن له السفر مع ابنه، بشكل تلقائي بدون أي عرقلة”.

وعن الحركة النسائية، قال حبيب إنها “حققت مجموعة من المكتسبات على مستوى قانون العنف 13.103، رغم أنه قانون يعتريه العديد من الصعوبات، وهو في الإجمال قانون لمحاربة العنف ضد الأسرة وليس ضد المرأة”، خاتما حديثه “لدينا مشرع ذكوري، بعقلية ذكورية، مما ينتج عنه تشريعات تخدم الصالح الذكوري، إذ أن التمييز هو الإشكال الحقيقي  الذي لا زالت المرأة تعاني منه في جل القوانين”.

هناك إقصاء للنساء

من جهتها، سارة سوجار ناشطة حقوقية وسياسية، قالت إن “الاحتفاء باليوم العالمي بحقوق الإنسان هذه السنة أتى في ظرفية خاصة، بخصوص جائحة كورونا التي عرفتها الإنسانية كافة، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة بأنه للأسف هذه الجائحة كانت سببا في أن تمارس العديد من الدول المقاربة الأمنية في مواجهة فضاءات التعبير، واتخاذ عملية تدبير الوباء كذريعة من أجل انتهاك أكثر لحقوق الإنسان”.

وأشارت سوجار، في حديثها عن قضية المساواة، إنها “مرتبطة أساسا بمنظومة كاملة، انطلاقا من الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في شموليتها، إذ لا يزال هناك إصرار على استمرار التفقير والتهميش والإقصاء في صفوف النساء أكثر هشاشة، مع ارتفاع نسب العنف ضد النساء المغربيات وفقا لعدد من التقارير”.

“كذلك لاحظنا حملة واسعة من الاعتقالات في صفوف الناشطات السياسيات”، تردف الناشطة الحقوقية، مشيرة “كان هناك مثلا استدعاء فضيلة مخلوفي التي توبعت بسبب تدوينة قديمة لها تتضامن فيها مع معتقلين حراك الريف، كذلك استدعاء الناشطة بشرى الشتواني، فضلا عن عدد من التضييقات والحصار الممارس على الشابات المدافعات عن حقوق الإنسان في المغرب”.

وختمت سوجار، حديثها مع “آشكاين”” مؤكدة “طالما ليست لنا نساء صانعات للقرار السياسي، فأظن أننا لازال أمامنا طريقا طويلا من أجل تحقيق المساواة، وتحقيق بيئة ديمقراطية، وتمثيلية حقيقية، إذ أن العدد ليس هو المؤشر الحقيقي لولوج النساء للمجال العام، والتقييم الحقيقي هو عن مدى ولوجهن للفضاء العام بشكل يحفظ لهن كرامتهن وحقوقهن الكاملة، وهو الشيء الذي لازلنا بعيدين عنه”.

النساء القرويات مهمشات

وتشير أسماء المهديوي، الباحثة في قضايا المرأة والنوع الاجتماعي، بأنه “في المغرب لدينا تدني نسبة وصول النساء لمناصب المسؤولية، إذ فقط نسبة 23.5 من النساء استطاعت الوصول لمناصب مهمة، والنسبة الباقية كلها من الرجال”.

وتؤكد المهديوي، في سياق حديثها أنه “من الحقوق الأساسية التي لم تتمكن فيها المرأة من تحقيق نتائج مرضية؛ ولا زالت تؤثر على سمعة بلادنا في المحافل الدولية، تلك المرتبطة أساسا بالحق في الصحة”، مشيرة “لا زالت الكثير من النساء يلدن في منازلهن في العالم القروي، في غياب تام للمراقبة الصحية، كذلك لازال للنساء القرويات صعوبات عدة للولوج إلى المدرسة، رغم كل المجهودات التي تقوم بها الدولة”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x