نزهة مجدي
أثار اكتساح النساء لمباراة التعليم بنجاح جدلا واسعا، حيث تضاربت الآراء والمواقف بين من اعتبرها سياسة ممنهجة من طرف الحكومة المغربية، غايتها تقييد الفعل النضالي لشغيلة التعليم بإقصاء الذكور، وذلك بمبرر أنهن الأقل مشاركة في الفعل النضالي والإضرابات التي تدعوا لها التنسيقيات، وبين من اعتبرها مدخلا لمأسسة المساواة بين الجنسين بالوظيفة العمومية التي يهيمن عليها الذكور.
إن حسم هذه الجدلية رهين بالإحصائيات الرسمية التي تقدمها المندوبية السامية للتخطيط، حيث خلال 2019 بلغ عدد النساء 17.9 مليون امرأة، أي ما يعادل 50.3% و من أصل هذا العدد 13.4 مليون امرأة في سن النشاط، ولعله ما يفسر إقبال النساء على سوق الشغل، إضافة إلى النجاح الذي حققته المرأة المغربية في تقلد مناصب حساسة في الدولة، حيث أضحت تشارك في تسيير الشأن العام للبلاد و أبانت عن جدارتها في تحمل المسؤولية، ويمكن أن نعطي مثالا بواحدة من النساء الرائدات في المجال الاقتصادي بالمغرب “مريم بنصالح” كأول امرأة مغربية تتقلد منصب رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أي أن المرأة المغربية أصبحت فاعل اقتصادي يشارك في النهوض بالتنمية في البلاد ولابد أن نشيد بدورها وأن نشيد بنجاحها بدل أن نعرضها لشتى أنواع أساليب التهميش والعنف الجندري، وأن نهاجم تفوقها في ولوج قطاع التعليم ونجاحها باستحقاق وجدارة.
وللإشارة فليس قطاع التعليم وحده الذي اكتسح من طرف النساء، فقطاع الصحة أيضا بلغ فيه عدد الأطر 132 ألف و755 امرة عاملة من أصل 257 ألف، وهذا إن دل فهو يدل على نقلة نوعية في مجال إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الوظيفة العمومية، ولا علاقة له بنضال شغيلة التعليم، خاصة مع ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في المعارك النضالية التي تخوضها مختلف التنسيقيات من داخل قطاع التعليم بالمغرب، بل بينهن من احتللن مراكز قيادية في النضال وكن رقما صعبا في معادلة التغيير.
إن هذه النسب المرتفعة لا تلغي الهيمنة الذكورية على الوظائف بالمغرب، إذ تظل نسبة التأنيث في الوظيفة العمومية منخفضة … لا تتعدى 40%، ما يسائل الحكومة المغربية حول ما مدى التزامها بتفعيل برنامجها الحكومي2017 /2021 الذي وضعت فيه محور التمكين الاقتصادي للنساء ضمن قائمة أولوياتها المندرجة في الخطة الحكومية للمساواة، وما مدى التزامها دوليا بتنفيذ خطة عمل بكين بتقليص الفجوة بين الجنسين وجعل التمكين الاقتصادي للنساء احد أهدافها الأولوية. وهو الاشكال الذي ينبغي ان ينخرط كافة الفاعلين الاجتماعيين في اثارته باعتبار قضايا النساء في قلب المشروع الحداثي التنويري، ولا نهوض للمجتمع بدون دور فاعل للمرأة فيه.
ما فهم من المقال ان المساواة بين الجنسين تتحقق، فقط، اذا انتزعت المرأة هيمنة الذكور على مناصب الشغل بشكل عام، والوظيفة العمومية بشكل خاص، عوض ان تكون المساواة الفعلية تروم القضاء على مفهومي الهيمنة والاكتساح….
فبدل القضاء على الهيمنة الذكورية وتحقيق المساواة بين الجنسين، تريد النزعة النسوية المتطرفة استبدالها بالهيمنة النسوية، وهذا معناه الخروج من العبودية والدخول إلى اخرى.
ثم ارى ان المرأة تطالب اليوم بالمساواة مع الرجل في الحقوق فقط ( الشغل والراتب الشهري…) دون الاهتمام بالواجب الذي يشكل الوجه الاخر للحق، ولا يمكن فصل احدهما عن الاخر، انهما وجهان لعملة واحدة…
وهذا ما تؤكده تجربة بعض الموظفين الذين اختاروا امرأة موظفة كزوجة لهم… ليتفاجئوا فيما بعد عن رفضهن المطلق في مساعدة ازواجهن في الواجبات المادية لان الرجل في مخيال المرأة العربية عموما مهما بلغت من المرتبة العلمية والفكرية… وفي ظل الدولة الحديثة ما زالت مصرة على اعتبار نفسها في مرتبة اقل من الرجل؛ وتستشهد لك تارة بالنصوص الدينية التي تنتقيها بعناية السياسي ومصالحه، وتارة اخرى بما هو بيولوجي(آلام العادة الشهرية والحمل وتبعاته…). أليس هذا تناقض منطقي عقلي وواقعي؟؟!
انا ادعو من هذا المنبر اعادة النظر في مدونة الاسرة وتكيفيها مع هذه المستجدات حتى تتحقق المساواة بشكل فعلي واكثر عقلانية…. مساواة على مستوى الحقوق والواجبات معا. فمن غير المعقول ان تحضى المرأة بنفس حقوق الرجل وفي نفس الوقت تبقى في ذمته وتحت مسؤوليته( ينفق عليها، ويجهز لها المهر والمنزل…..)
فإما ان ناخد بقيم الحداثة كلية او نتركها كلية ونعود إلى التفكير القروسطوي …
تحياتي.
في انتظار الرد والتوضيح لكم كل الاحترام
Abdo grec )facebook)