لماذا وإلى أين ؟

هل انتصر منطق “تازة قبل غزة” ؟

اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، ومساندتها لمقترح الحكم الذاتي، وإعلان المغرب عن تطبيعه للعلاقات مع إسرائيل حدث مزلزل بكل المقاييس، ليس فقط لأنه لم يكن متوقعا بهذه السرعة، لكن أيضا لأنه قلب رأسا على عقب منطق التعامل مع هذا الملف من جانب مختلف الأطراف، ونقله دفعة واحدة من مستوى المشكل الإقليمي إلى التسوية الدولية.
 
أمام هذا الحدث يبدو المغاربة منقسمين بين من اعتبر هذا الحدث “يوما أسود في تاريخ المغرب” وخيانة للقضية الفلسطينية، ومن اعتبره “يوما أبيض” ومناسبة سعيدة تنهي عقودا من التوتر وتبشر بانجلاء وضع مرّ فيه المغاربة بأزمات اقتصادية خانقة بسبب مشكل الصحراء.
 
الذين اعتبروا القضية الفلسطينية قضية وطنية أولى قبل كل القضايا الأخرى اعتبروا هذه التسوية صاعقة وانتكاسة حقيقية، أما الذين اعتمدوا منطق “تازة قبل غزة” فوجدوا هذا الحلّ مريحا للمغرب الذي عانى الأمرين بسبب تعنت القيادة العسكرية بالجارة الجزائر، التي يحفزها الانتقام أكثر مما تحركها نوايا حسن الجوار.
 
المؤشرات التي توالت خلال الشهرين الأخيرين كانت تشير بوضوح إلى وجود شيء ما يُطبخ على نار هادئة، فتزايد حلفاء المغرب ضدّ الأطروحة الانفصالية، بمن فيهم الأكثر وفاء للجزائر وللبوليساريو مثل جنوب إفريقيا، والتحرك العسكري للمغرب بمنطقة “الكركرات”، والارتباك الكبير للقيادة الجزائرية بسبب عودة الحراك وإدانة المنتظم الدولي للنظام لخرق حقوق الإنسان بالجزائر، ومرض الرئيس تبون واختفائه عن الأنظار وانقطاع أخباره، وانعطاف البوليساريو نحو محاولة التقرب إلى الخطاب الإرهابي الداعشي بمنطقة الساحل، وتحرك اللوبي الخليجي واللوبي اليهودي بكل من إسرائيل وأمريكا، وإمعان بعض القيادات الفلسطينية في الميل إلى الأطروحة الانفصالية، كلها كانت عوامل تنبئ بانفتاح الوضع على كل الممكنات.
 
لا شك أن للقرار الأمريكي مخرجات وتداعيات كثيرة ستتوالى في الأيام القادمة، وأهمها تصفية الأطروحة الانفصالية وإلزام الجزائر بتغيير خططها تجاه المغرب لتدارك وضعها الداخلي، لكن بالمقابل سيُطرح على الأنظمة المُطبّعة مع إسرائيل التفكير في حلول بديلة لمعاجلة القضية الفلسطينية بمنطق سياسي جديد لإنهاء النزاع في الشرق الأوسط، وإحقاق حلّ الدولتين طبقا للشرعية الدولية.
 
في تعبيرات المغاربة والجزائريين وجبهة البوليساريو تبدو غلبة الجانب العاطفي وفورة المشاعر الجياشة، التي يختلط فيها الدين بالقومية والوطنية، مع ندرة الخطاب التحليلي الهادئ والموضوعي، لكن للتاريخ منطقه الخاص الذي لا تحكمه الأهواء والتمنيات، بقدر ما تسنده الوقائع وموازين القوى والرهانات المتواجهة على الساحة الإقليمية والدولية.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ولد لمديمع
المعلق(ة)
12 ديسمبر 2020 01:23

من قال بأن المغاربة منقسمون فهو كاذب ومخادع المغاربة جنود مجندون وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله/ القضية الفلسطينية لا علاقة لها بما حققه المغرب من انتصار على الظلم الذي أصابه من جيرانه وأعداء وحدته الترابية وهو إحقاق للحق والشرعية المغربية ليس الا/وتأتي إعادة العلاقات مع دولة إسرائيل إلى سابق عهدها لكن ليست على حساب القضية الفلسطينية بل ستكون دعما للسلام بين الفلسطينين والاسرائلين لتحقيق السلام بينهما في إطار المفاوضات برعاية المنتظم الدولي وتبعا للمرتكزات المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة بينهما سلفا منهاحل الدولتين ووضع الاقصى وغيرُ لك.

شهم
المعلق(ة)
12 ديسمبر 2020 00:42

تازة قبل غزة يجب أن يكون منطق جميع المغاربة ولا ذريعة لأي مغربي أن يسبق مصلحة جهة أخرى على مصلحة المغرب يكفي أن ندفع ثمن صراعات بلهاء لا ناقة لنا فيها ولا جمل وفي آخر المطاف نلقى شرا..شعار العروبة والإسلام لم يجلب لنا سوى المآسي.

مغربي
المعلق(ة)
الرد على  أستاذ تقني متقاعد من أكادير
12 ديسمبر 2020 00:06

احسن ما يقال عن هذا انه مقتضب للمغالطات المنطقية. لم لا تقول كما قال الاستاذ أحمد عصيد “تازة قبل غزة” وانتهى؟ كثيرون هم محبي الترترة بدون جدوى. انا اقول تازة قبل اية بلدة اخرى وبكل الطرق.

حمو
المعلق(ة)
11 ديسمبر 2020 23:43

وإمعان بعض القيادات الفلسطينية في الميل إلى الأطروحة الانفصالية.
لماذا لا يتحدث الإخوان المسلمين فيما بينهم وبقايا البعث عن هذه النقطة…..
فلقد اطلعت باستهجان على موقف حركة حماس من الموقف السيادي الذي اتخذه المغرب.
الدولة المغربية عندها مسؤولية تاريخية وقد كانت في الموعد.
عندما تقطع تركيا علاقاتها مع اسرائيل عاد يمكن يهدر افتاتي والمقرئ ابو زيد وغيرهم.
خستئم.

أستاذ تقني متقاعد من أكادير
المعلق(ة)
11 ديسمبر 2020 23:32

إن قضية التطبيع مع إسرائيل قضية سيادية لا دخل فيها لا للدجالين ولا للمرتزقة ولا للخونة ولا للسفهاء ولا للسياسويين الشعبويين ، بل هي شان وزير الخارجية بوريطا ووزيرالداخلية لفتيت والديبلوماسي عمر هلال خادم الاعتاب الشريفة ، والمؤسسات الوطنية الدستورية الرسمية المعنية بأمن وسلامة الوطن والمواطنين ،
وإن دولة إسرائيل فإنها دولة عظمى قوية أبى من ابى وكره من كره ن ، والحق يقال إذا كان النصر لا يكون من الله فإن الله هو الذي نصر إسرئيل وجعلها الله تسيطر على كل الدول القوية في العالم من امريكا وروسيا واستراليا ودول أربا وكل دوال العالم القوية هي فداء لدولة إسرائيل تفديها بالدم وبالمال ، وان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العلم التي تمتلك الحصانة القوية والدائمة ضد قرارات مجلس الأمن وضد محكمة الجنايات الدولية , والويل ثم الويل لمن خولت له نفسه أن يحاول أطلق النار على إسرائيل فإنه سيمحى من على الكرة ألأرضية كما أعلنت عن ذالك أمريكا وبريطانيا وألمانيا وكل دول أربا ولهذا فإن دولة إسرائيل العظمى القوية المتحكمة في العالم لا تلتفت ولا تعتبر أزيز الذباب ولا نباح الكلاب ولا نهيق الحمير ، وأما من جهتي أنا فالتحيا دولة إسرائيل عظيمة قوية والتحيا دولة فلسطين حرة أمنة مستقلة وعاصمتهما القدس ، وأيها الدجالون الجاهلون إنه يظهر على أنكم تجهلون تاريخ الأمم والشعوب القديمة وتجهلون ما يستفاد من القرآن من أن فليسطين المقدسة هي مسقط رأس سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسحاق الذي ولد يعقوب الذي هو إسرائيل الذي ولد سيدنا يوسف عليه السلام الذي أورثه الله الملك على مصر ، ومسقط رأس الأسباط ، أيها الدجالون لا ولن يقبل منكم أن تزايد علينا في هذه القضية ولا أن تضللوننا من أجل أن تجعلوننا فليسطينيين أكثر من الفلسكطينيين الذين منهم مئات الآ لف يعملون في إسرائيل ولا يعملون عندك يأ أفتاتي ولا عند أبو جهل المقرئ ، ولا عند أية دولة عربية ، ومن الفلسطنين عشرات البرلمانيين العرب الإسرائيليين من مسلمين ومسيحيين ودروز أعضاء في البرلمان الاسرائلي ولا يرضون أن تتكلموا باسمهم ولا يرضون لا بهراءكم ولا بأزيز كم المقزز وبدون أطيل معكم في هذا التعليق الوجيه سأكتفي بما جاء في كتاب الله العزيز من الآية التالية :
وبخصوص التلقيح يا مجيد العليوي الخائن المرتزق هل يقبل العلق أن لا تلقلح كل الدول مواطنيها والمغرب لا يلقح مواطنيه والله يا الجالة لإنك أصيبت بالزهيمر والحمق الذي هو داء ماله دواء .
يحيا نتنياه تحيا دولة إسرائيل عظيمة قوية تحيا دولة فلسطين مستقلة آمنة ، تحيا السامية يحيا نتانياهو إسقط المجرم المرتزق مجيد العليوي اللقيط الذي لا أصل ولا وطن له ,
ومسك الختام : ُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x