لماذا وإلى أين ؟

ما الذي سنجنيه من قرار ترامب في دقيقته التسعين؟

حكيم الهندري

اذا انطلقنا من كون الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و معروفة أيضاً باسم الدول دائمة العضوية أو الخمس الكبار والتي تتضمن كل من الصين، فرنسا، روسيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية.باعتبارها القوى العظمى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والدائمة العضوية في مجلس الامن التابع للامم المتحدة والتي لها حق النقض، الشيء الذي يمكنها من تبني او منع أي مشروع قرار ضمن المجلس بغض النظر عن القبول الدولي به.

إذا انطلقنا من هاته البوستيلا postulat القانونية المؤطرة لعمل مجلس الامن و الامم المتحدة و المعروفة تحت حق “الفيتو” بما هو حق لكل طرف من الاطراف. ففي ماذا سينفعنا إعتراف الولايات المتحدة الامريكية بمغربية صحرائنا؟.

في الوقت والزمن الذي كان الرئيس الامريكي، المعتوه و الانتهازي … المنتهية ولايته “صلاحيته” يوقع قراره الرآسي القاضي بمغربية الصحراء بشرط تطبيع المغرب علاقاته مع اسرائيل. وبعدها مباشرة، خرجت روسيا، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الامن التابع للامم المتحدة، خرجت معلنة بأن هذا القرار لا يلزم لا مجلس الامن و لا الامم المتحدة و أنه مجرد قرار سيادي لدولتين لهما كامل الصلاحية في الاستفادة من مواقف بعضهما البعض في اطار علاقات ثنائية!!؟؟… وهو الموقف نفسه الذي ربما ستنتجه وستسير فيه الصين.

بالمقابل، ستستمر فرنسا في اللعب على الحبلين في علاقتها بالنزاع لانه ليس من مصلحتها، مرحليا، الاصطفاف في جانب اي طرف، مغرببا كان او جزائريا “البوليزايو”. فطبيعتها الاستعمارية التاريخية و مصالحها الانية … لا تسمح لها بالتمترس في اي خندق !!. و مصالحها في المنطقة تقتضي و كشرط اساسي، استمرار النزاع و ان يبقى النزاع قائما الى ما لانهاية …

بالاضافة الى ما سبق، فالواقع الحالي للعضو الخامس في الامم المتحدة، المملكة المتحدة، الحديثة الخروج من الاتحاد الاروبي و من منطقة البريكس، حيث كانت تؤمن تمرير مواقف و م ا من داخل الاتحاد الاروبي في علاقته بالحروب الدولية “طوني بلير وحرب العراق” في إطار حلف الناتو، و التي كانت دائما في تناغم تام مع و م ا في سياستها الخارجية … فإنه من الصعب جدا التكهن بسياستها الخارجية في المرحلة الحالية.

خلاصة، وفي تقديري الشخصي البسيط، لم نكن في حاجة لهذا الموقف الامريكي في دقيقته التسعين إن لم أقل في وقته الضائع. وذلك لاسباب عدة… :
* فقرار ترامب جاء متأخرا و هو مجرد قرار رآسي يمكن التخلي عليه، غذا، بقرار رآسي آخر…
* شعار المغرب في صحرائه و الصحراء في مغربها وفق الشروط الاقليمية والدولية القائمة حاليا، غني عن أي مقايضة بقضية أخرى بدون ضمانات …
* الموقع الجغرافي للمغرب وثرواته المنجمية والبحرية و اراضيه الفلاحية ومينائ طنجة المتوسطي … يمنحون للمفاوض المغربي، قوة تفاوضية قوية جدا … تفوق بكثير الديبلوماسية الكسولة القائمة على منطق المقايضة بمصائر الشعوب و حقوقها و المتجسدة في دول الخليج…

بناءا على ما سبق . أرى أن قضية الصحراء المغربية، ما كان لها أن تدخل او تناقش داخل نادي ملوك الخليج باعتباره ناد للكسالى و الخوف من إيران… كما كانوا يخافون من صدام العراق …

شروطنا التاريخية، ملوكا و شعبا، و موقعنا الجيوستراتيجي … يحتم علينا الدفاع عن مصالحنا بأسلوبنا الخاص، باسلوب منفلت من اساليب ملوك وامراء الخليج الغارق فالاستبداد و الرجعية و الاستثمار في الارهاب …
صحيح، كنا دائما شعبا و من خلال تمثياليته السياسية والمدنية و الحقوقية …نختلف الى حد التناقض مع المؤسسة الملكية في العديد من القضايا وفي محطات عدة … ونتج عن ذلك ما نتج… وهو ما يسمى بسنوات الجمر والرصاص وما تلاها من إنصاف و مصالحة … و ما الى ذلك.

إن تاريخنا الطويل و الممتد، هذا، هو ما يجعلنا شعب ذو قيمة وشان… وهو الذي جعل منا بلدا فريدا و منفردا بفعل التزامه بخصوصيته و إيمانه العميق بمحيطه … الشيء الذي جعل العديد من شعوب العالم تحترمنا لأنه و ببساطة لاننا شعب نحترم أنفسنا ونحترم الاخر … وبالتالي فتنوعنا و اختلافنا هذا، كان يجب أن يكون هو أس و اساس أسلوب دفاعنا عن قضايانا وبما يحترم تاريخنا ومبادئنا في علاقتنا بعدالة شعوب البلدان الاخرى من العالم … و بدون أي مقايضة، تحلل ما ليس بحلال و تجرم ما ليس بجرم.

إن قضية الصحراء، فهي صحراؤنا بالتاريخ و الجغرافية و باقي الروابط التاريخية… وإن قضية فلسطينية، هي قضية وطنية وكونية تهم جميع أحرار العالم الذين يناهضون العنصرية الصهيونية القائمة على سلب حقوق الناس و اراضيهم و تهجيرهم و سجنهم … لغرض في نفس صناع القرار العالميين. و هي قضية، مبدأ، اولا و أخيرا. والمبدأ لا يقبل التجزيء او المقايضة.

فلماذا تحاولون اخراجنا كمغاربة من نادي الاحرار وادخالنا نادي ملوك زناة الخليج. ونحن شعب المسيرة الخضراء ؟.
يا حبيبي نحن لسنا كذلك. ونحن أكبر من هذا… والتاريخ شاهد.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
الوجدي
المعلق(ة)
13 ديسمبر 2020 12:32

شكرا لك على هذا التحليل القيم
فعلا كل شيء له ثمن ، و ترامب تاجر كبير و لا يعرف لله في سبيل الله .
الكل يريد حقه من الصحراء المغربية ، روسيا تريد الصيد مجانا بدون مراقبة ، الولايات المتحدة ، تريد حقها من الفوسفاط ، وفرنسا تريد امتيازات كذلك فوق العادة .
انه مجلس النهب الذي اوصلتنا له الجزائر بسياستها الرعناء ، خسرت اموال طائلة من اجل اضعاف المنطقة باكملها .
سياسة الجمود و العنتريات التي دمرت المنطقة باكملها
المغرب قطع شوط كبير في التنمية و هو ليس في حاجة لا لاسراييل
و لا مريكان

لكن مع الاسف سيذهب ترامب و سيبقى التوقيع

ولد لمديمع
المعلق(ة)
13 ديسمبر 2020 11:42

أخا لفك الرأي/اعتراف دولة عظمى من حجم امريكا بمغربيته الصحراء؛له ما له من انعكاس اجابي على المقترح المغربي ويبطل إلى حد ما ادعاءات الأعداء الذين ينفقون بلا حساب من أجل الأضرار بمصالح المغرب/اما إعادة العلاقات مع إسرائيل فهذا ليس شيئا جديدا/المغرب كانت له علاقة جمدها عام 2002 واستمرت هذه العلاقة سرا والجالية المغربية في إسرائيل كانت تجد في القدوم لزيارة وطنها الأصلي عنتا حيث تدخل المغرب عن طريق أوروبا /الجديد الآن هو قدومها على متن طائرة إسرائيلية اومغربية مباشرة .

حمو
المعلق(ة)
13 ديسمبر 2020 11:35

اسمح لي بالزربة باش نقول ليك بأن موقفك قاصر وبالتالي سيكون خاطئا.
بدأت بمفاهيم باش تفعفعنا ولكن اقول لك الا تدري ان الأهداف التي تسجل في الدقيقة 90 حاسمة ومحبطة للخصوم.
الى تدري ان هذا الاعتراف مفيد جدا على الأقل من الناحية التجارية والعسكرية.
في الواقع اصبحت الجامعات تنتج لنا شهادات بدون علم.

معتوه
المعلق(ة)
13 ديسمبر 2020 11:22

لطالما كنا نعتز بدبلوماسيتنا الحكيمة التي ابعدتنا عن صراع الخليج وفوضى الربيع العربي. وصراعات الدول العظمى.
وها نحن اليوم نتنازل عما نملك تاريخيا وجغرافيا ونضعه على طاولة المراهنات مع دول الخليج والرئيس المعتوه خدمة لمصالح الكيان الصهيوني.
امريكا دولة ديمقراطية رغم تحكم اللوبي الصهيوني فيها ولكن التراجع عن قرارات المعتوه ترامب امر وارد من الادارة الجديدة وربما المزيد من التنازلات.

علي
المعلق(ة)
13 ديسمبر 2020 11:08

الحمد لله، بدأت حملة التصفيق و التملق للقرار تنجلي شيئا فشيئا.
سيكتشف المغرب عما قريب أنه وضع نفسه في فخ يصعب عليه الخروج منه.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x