لماذا وإلى أين ؟

لخيار: سلالة كورونا الجديدة ستعرض الاقتصاد المغربي لصدمتين

مع ظهور سلالة جديدة لفيروس كورونا، تزايدت مخاوف المغاربة من احتمال عودة حجر صحي شامل، وما قد يخلفه من تداعيات نفسية واقتصادية واجتماعية على عموم المغاربة ومعه الاقتصاد المغربي، خاصة بعد آخر إجراء اتخذته الحكومة، الذي يشبه إلى حد كبير تدابير الحجر الصحي الأول.

وفي هذا السياق عدّد الخبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية المحلية التشاركية، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالمحمدية، زهير لخيار، السيناريوهات المحتملة في حال انتشرت السلالة الجديدة بنفس وتيرة سلالتها الأم، مجيبا عن سؤال إمكانية عودة المغرب لحجر صحي شامل، مبينا ما قد يخلفه ذلك من صدمات على الاقتصاد المغربي وأثر ذلك على مخزونه من العملة الصعبة.

 وفي ما يلي نص الحوار:

ما هي التداعيات الاقتصادية لظهور سلالة جديدة من كورونا على الاقتصاد المغربي عموما؟ 

في وقت ينتظر فيه العالم لقاح كوفيد 19، وبداية نهاية انتشار الوباء الذي خلف أزمة اقتصادية خانقة على المستوى العالمي، بحيث لم تسلم جميع الدول من الآثار السلبية لهذه الجائحة، بل حتى تلك الدول التي تتوفر على بنية اقتصادية صلبة، لم تستطع الصمود أمام الصدمات الخارجية والداخلية الناتجة عن التدابير الاحترازية المتخذة، من أجل الحد من انتشار الوباء، بما في ذلك تدابير الحجر الصحي.

في ظل هذا كله، عرف العالم ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن هذه السلالة الجديدة أكتر خطورة وأسرع انتشارا من سابقتها، مؤدية بذلك إلى إغلاق عدد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، التي حدثت فيها هذه الطفرة.

وفي هدا الصدد قررت الحكومة المغربية تعليق الرحلات الجوية مع المملكة المتحدة، ابتداء من ليلة يومه الأحد 20 دجنبر 2020، وذلك على إثر تطور الحالة الوبائية بالمملكة المتحدة، وظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد بها.

ويعتبر هذا القرار بمثابة خطوة إيجابية من الحكومة من أجل تفادي الوقوع فيما قد لا يحمد عقباه، في حالة دخول السلالة الجديدة من كورونا إلى المغرب، لأن ظهور هذه السلالة في المغرب يؤدي لعواقب ستكون جد وخيمة على الاقتصاد المغربي الذي لم يتعافى بعد من مخلفات الجائحة، و لن يتعافى منها إلا بحلول سنة 2022، حسب توقع المندوبية السامية لتخطيط.

وفي هذا السياق، أعلنت منظمة الصحة العالمية فرضية جد خطيرة، تلمح فيها على أنه من الممكن أن يكون هناك أشخاص حاملين لفيروس كورونا في سلالته الجديدة في العديد من الدول خارج الأراضي البريطانية، مما يزيد من خطر وصول هده الطفرة إلى المغرب، في حال ما إذا كانت فرضية منظمة الصحة العالمية صحيحة.

وإلى حدود الآن، ليست هناك أي تداعيات اقتصادية ملموسة للسلالة الجديدة من كورونا على الاقتصاد المغربي، لكن في حالة انتشار هذه الطفرة الجديدة من الفيروس بنفس وتيرة انتشار الطفرة السابقة، والرجوع إلى التدابير الاحترازية الصارمة، بما فيها الحجر الصحي الشامل، و إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية، فإن الاقتصاد المغربي سيتعرض لصدمتين.

صدمة داخلية مرتبطة بالعرض والطلب، لما قد ينتج عن توقيف مختلف الأنشطة الإنتاجية وفقدان شريحة كبيرة من المواطنين لمداخيلهم من ضرر الاستهلاك والإنتاج الوطنيين، مخلفة بذلك ضررا بالدخل الوطني، الذي سيؤثر أيضا على الاستثمار الوطني و الاستهلاك الوطني والادخار الوطني، مما سيعمق بدرجة أكبر، بما لا شك فيه، من عدم توازن المتغيرات المكرو-إقتصادية المتضررة سلفا من آثار الأزمة السابقة.

فيما يخص الأزمة الخارجية، فإنها متعلقة بالأزمة الداخلية للشركاء التجاريين للمغرب، لهذا فإن اتار هذه الصدمة ستلحق ضررا كبيرا بعمليات التجارة الخارجية للمغرب، بحيث ستتسبب الحدود المغلقة في تراجع عمليات التصدير واستيراد المواد الأولية، وبالتالي تراجع الدخل الوطني ومخزون العملة الصعبة، ملحقة بذلك ضررا بتوازن الميزان التجاري.

إن ما سيجعل تداعيات هذه السيناريوهات جد مؤثرة على الاقتصاد المغربي، إن حدثت في المستقبل، هو كون الوضع الاقتصادي حاليا جد صعب، بسبب مخلفات الأزمة السابقة وأي أزمة مماثلة قد تقع في المدى القصير ستؤدي بالاقتصاد المغربي للانهيار.

هل يستطيع المغرب أن يواجه المخاطر الاقتصادية لحجر صحي شامل مقبل ؟ 

إن ما خلفه الحجر الصحي السابق، من اتار سلبية وجد قاسية على الاقتصاد المغربي، يثير فزعا كبير لدى الحكومة المغربية كلما لاح سيناريو العودة للحجر الصحي الشامل في الأفق.

وبناء على الضرر الذي مس بالوضع الاقتصادي في المغرب، من خلال تراجع مستوى الاستهلاك والناتج جراء توقف مختلف الأنشطة الإنتاجية، وفقدان مصدر الدخل بالنسبة للعديد من المواطنين بسبب التدابير الاحترازية عامة والحجر الصحي الشامل خاصة.

وبما أن المغرب لم يتجاوز لحدود الآن مخلفات هذه التأثرات، فإن المغرب لن يكون قادر على تحمل أضرار اقتصادية جديدة لحجر صحي جديد، من شأنها أن تعمق بشكل أكبر الأضرار السابقة مما سيؤدي لصدمة جديدة، وفي ظرف سنة واحدة على الاستهلاك والإنتاج الوطنيين الشيء الذي سيحتاج لمدة طويلة من أجل امتصاص آثار هاته الصدمات المتتالية.

ولعل عدم لجوء الحكومة إلى الحجر الصحي الشامل، رغم الارتفاع الجد كبير في عدد الإصابات بالفيروس بداية من، شهر عشت، وأيضا شروع الحكومة في تسريع عملية توفير اللقاح بالمجان لكل المغاربة، بداية من مطلع سنة 2021، خير دليل على عدم رغبة الحكومة في الرجوع للحجر الصحي الشامل، لعلمها أن الاقتصاد لن يتحمل الصدامات الناتجة عن هذا الحجر.

هل سيؤثر ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا على خزينة المغرب من العملة الصعبة؟

إذا وضعا سناريو انتشار السلالة الجديدة من فيروس كورونا بوتيرة جد عالية، وبالتالي رجوع أغلب دول العالم للتدابير الاحترازية الصارمة، بما في ذلك إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، فإن ما سينتج على هذا السيناريو المحتمل سيمس بالعمليات المتعلقة بالتجارة الخارجية مما سيؤثر على مخزون الدولة من العملة الصعبة.

بحيث سيؤدي التدبير الاحترازي بإغلاق الحدود إلى توقف المعاملات التجارية بين الدول، وبالتالي توقف عمليات التصدير من المغرب الى دول أخرى، وبما أن هذه الأخيرة تعتبر المصدر الأول لجلب العملة الصعبة لخزينة الدولة، فإن توقفها يؤتر على مخزون العملة الصعبة.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
22 ديسمبر 2020 21:57

بورصات العالم تهاوت بمجرد انتشار خبر الطفرة الجديدة في الفيروس!!!
انتم تحللون بفرضيات و كان المغربي (قفة) ما الجديد؟
المعلومة متاحة على جميع الاصعدة و القنوات مع وجود غموض يلف موضوع هذه الجائحة على المستوى العالمي…
طبعا كل الفرضيات تبقى مطروحة…
السؤال العملي و الواقعي و الذي يتطلب الاجابة الواضحة للمواطن متى سيبدأ التلقيح ؟ و لماذا هذا التأخير؟
اين الات الاوكسجين؟
لماذا يتم الاغلاق لمدة ثلاثة أسابيع دونما تصريح مباشر ؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x