لماذا وإلى أين ؟

تفاصيل ليلة جحيم غرق الدار البيضاء تحت الماء. . مسؤولون متهمون

“في غياب تام للمسؤولين نعيش كارثة بكل المقاييس، من فترة التسعينات” هكذا انطلقت واحدة من ساكنة مدينة الدار البيضاء، المتضررة اجتماعيا من هطول الأمطار، يوم أمس الثلاثاء، مشيرة “كلشي عمر لينا بالماء، الأثاث، الكتب، الزرع والطحين، جهاز الكمبيوتر الخاص بدراسة ابنتي، كل شيء ضاع، ونعرف أنه لن يكون هناك أي تعويض، كما سبق في عدد من السنوات الفارطة”.

فيما أكد، مواطن له محل لصيانة السيارات، في المدينة القديمة بالبيضاء، “ضاعت لي آلة تُقيم بـ22 مليون، وعدد من الآلات الصغيرة”، مضيفا بنبرة مليئة بالحسرة والغضب “لا مقدم لا شيخ، ولا أي شخص آخر من المسؤولين مهتم، ونرى خسارتنا أمامنا، تهلكنا اقتصاديا بكورونا، والآن خسارة أكبر بسبب نعمة الله المطر، وذلك لأن البنية التحتية هشة، وسبق لنا الشكوى في الأمر لسنوات عديدة، بدون جدوى”.

مدينة الدار البيضاء "تغرق".. ومنصات التواصل تعج بفيديوهات الكارثة

هي “ليلة سوداء” أو “ليلة في الجحيم” شهدتها مدينة الدار البيضاء، ليلة أمس، أمطار كثيفة لساعات متتالية، غزت المدينة، فانهالت على الأزقة ودخلت منازل ساكنة كل من يقطن بالطابق السفلي خاصة، وجعلت الطرقات تتحول إلى برك مائية حالت دون حركة السير، وكشفت عن هشاشة البنية التحتية، مما جعلت المواطنين في حالة غضب واستياء، مستفسرين عن الملايير التي تصرف كل سنة على إصلاحات المدينة، وعن دور المنتخبين، ومجالس المدينة، وشركة “ليديك” للتدبير المفوض.

“ليديك” في الواجهة

وفي هذا الصدد، ضغور محمد، مستشار في مقاطعة الفداء بمدينة الدار البيضاء، أعرب عن أسفه مما جرى ليلة أمس بالبيضاء، محملا مسؤولية ذلك لشركة “ليديك” بالقول “في سنة 2010 شهدت المدينة أمطارا استثنائية، سجلت 120 ميليمتر في ليلة واحدة، ووعدت ليديك آنذاك مجلس المدينة والجماعة بتوسيع الشبكات كي لا تتكرر الكارثة، غير أنهم للأسف لم يوفوا بوعودهم”، مشيرا “تم التعاقد مع ليديك في سنة في نهاية التسعينات، من أجل تدبير مشاكل الفيضانات الشتوية بالدرجة الأولى، واليوم بعد مرور 24 سنة لازلنا نتخبط في نفس نوعية المشاكل”.

وأردف ضغور، في حديث مع “آشكاين” بعد ساعات قليلة سيكون هناك اجتماع عاجل مع شركة ليديك، بمجلس المدينة، للتداول معها في شأن المشكل القائم، مشيرا “يجب الحديث معها عن المشاكل التي لا زالت تعايشها المدينة، ويجب العمل على محاسبة المسؤولين الذين لم يعملوا على الوفاء بوعودهم منذ سنة 2010″، مؤكدا “البلاغ الذي قامت ليديك بنشره هذا الصباح هو تجاري، وهي من تتحمل المسؤولية الأولى لما حدث للساكنة من كوارث، الأمر مؤسف”.

ليديك” تبرّر كارثة البيضاء بـ”غزارة الأمطار” – Kech24: Maroc News – كِشـ24 : جريدة إلكترونية مغربية

من جهتها، ليديك قالت في بلاغ لها، صادر بعد منتصف الليل، من يوم أمس الثلاثاء، أن “فرقها متمركزة ميدانيا للقيام بالتدخلات اللازمة، وضمان التعبئة المتواصلة قبل، أثناء وبعد هطول هذه التساقطات الاستثنائية”، مشيرة أن “أمطار يوم الثلاثاء سجلت أرقاما قياسية، حيث شهدت عدة أحياء بالدار البيضاء تساقطات قوية و استثنائية بلغت كمعدل 33,7 ميليمتر ما بين الساعة الرابعة زوالا والساعة التاسعة ليلا مع تسجيل 53 ميليمتر كحد أقصى في بعض المناطق”.

العاصمة الاقتصادية تغرق

أما سميحة لعصب، عضو المجلس الوطني للشبيبة الاتحادية، فأشارت أن “ما حدث يوم أمس بمدينة الدار البيضاء من فيضانات أغرقت شوارع العاصمة الاقتصادية التي تغطي نسبة 46 بالمئة من اقتصاد البلاد والقلب النابض لاقتصاد المغرب، حيث أن قطرات من الأمطار تمكنت من جر المسؤولين بالمدينة إلى ويلات اللامسؤولية وجعلتهم عراة أمام الرأي العام الوطني، إذ ثبت بالملموس أن لا إصلاحات تذكر ولا تجلي لأي درهم من دراهم الملايير التي ترصد للبنية التحتية لمدينة الدار البيضاء” مؤكدة أن “مفهوم المسؤولية يرتبط بشكل منطقي ومباشر بمفهوم المحاسبة، التي تترتب عنها عقوبات في حالة لم تكن المسؤولية كما ينبغي، وكما كان متفق عليها”.

الفيضانات Archives | جريدة السفير 24 Assafir

وأضافت لعصب، في حديث مع “آشكاين” أن “ما وقع نموذج واضح على فشل التدبير العمومي، وفشل التسيير السياسي للشأن المحلي، وسقطت عند كل شوارع الدار البيضاء شعارات الإصلاح الرنانة التي  كان أزيزها عند الانتخابات يزعج آذان المواطنين، من طرف التيار الذي أبان عن فشله الذريع في أمور كثيرة من مجالات التدبير العمومي للبلاد، ها نحن اليوم أمام تدبير أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه ضعيف إلى أقصى الحدود مسؤولون ليسوا مسؤولين لا يشتغلون إلا على تطوير حالتهم المادية فقط”.

فضيحة البنية التحتية ..الأمطار تغرق مدينة الدار البيضاء ( فيديو) - المنصة 24

وفي السياق نفسه، محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، كتب على حسابه بـ”الفيسبوك” قائلا “ساعات من الأمطار أغرقت مدينة الدار البيضاء في برك من الماء، وغرقت معها السيارات والترامواي وبدت المدينة التي تحتضن البورصة وأسواق المال والأعمال والشركات العملاقة شبيهة بقرية”، مردفا “مدينة الدار البيضاء بالأمس تتنفس تحت الماء”.

وأضاف الغلوسي، أنا ما حدث “كشف عن عورة المسؤولين عن تدبير أمورها، وعرت الوجه القبيح للفساد والرشوة والصفقات النتنة وأزاحت الماكياج عن وجوههم وعرت شعاراتهم حول الحكامة والشفافية”، متسائلا “لا أدري ما إذا كان هذا المنظر القبيح والذي كشف هراء  شعاراتهم حول التنمية المفترى عليها أمام كاميرات العالم قد جعل مسوؤلينا يشعرون قليلا بالخجل أمام هذه الفضيحة بكل المقاييس”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x