لماذا وإلى أين ؟

لعروسي يعدد اسباب تأجيل افتتاح قنصلية أمريكا بالداخلة (حوار)

استبشر المغاربة خيرا بعد اعتزام أمريكا افتتاح قنصلية لها بالداخلة، وهو ما أكدته زيارة مبعوثها، مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر، الأحد 10 يناير الجاري، إلى المقر الذي سيحتضن قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه الفرحة لم تكتمل بعد تأخير الولايات المتحدة الأمريكية حفل تدشين القنصلية، واكتفائها فقط بالزيارة للمقر، وهو ما أثار مخاوف متابعين للشأن الدبلوماسي، من إمكانية أن يكون هذا الأمر بمثابة تحول في الموقف الأمريكي؟ أو بداية تراجع عن قرار ترامب تلوح في أفق تولي إدارة بايدن زماما أموري بلاد العم سام.

ولاستجلاء هذه المخاوف، ومعرفة خلفيات وأسباب هذا التردد الأمريكي، وعلاقته بمصالح إسرائيل وموقف الإدارة الجديدة لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تستضيف آشكاين”، المحلل السياسي الخبير في العلاقات الدولية عصام عروسي، لبسط أهم أسباب هذا التأخير في تدشين قنصلية أمريكا في الداخلة وما يمكن استنباطه من رسائل وراء هذا التأجيل، وعلاقته باقتحام الكونغرس الأمريكي من قبل أنصار ترامب في “الأربعاء الأسود”.

في نظرك لماذا لم يتم افتتاح قنصلية أمريكا بالداخلة وتم الاكتفاء فقط بزيارة المقر؛ علما أن الترتيبات كانت على أساس افتتاحها؟

تأجيل افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة يرجع لعدة عوامل أهمها: الإدارة الأمريكية الحالية لا تستطيع خلال شهري ديسمبر ويناير، وهي فترة قصيرة أن تتخذ فيها عادة تدابير عملية وإجراءات دبلوماسية قطعية، إلى حين تنصيب جون بايدن وإدارته الجديدة لمباشرة مهامه الرئاسية في 20 من هذا الشهر. وهذا لا يعني أيضا تراجع الدولة الأمريكية عن التزامها، لكن هذه الفترة تتسم بالضبابية وعدم الوضوح.

كما أن الهجوم على مبنى “الكابتول” من قبل مناصري الرئيس ترامب، الذي قد يتعرض لسيناريوهات المحاسبة والمتابعة القضائية، بعد أن تجاوز حدود الدولة العميقة وعرض الديمقراطية الأمريكية، وبشكل غير مسبوق، إلى خطر الانزلاق نحو شفير الفوضى، أربك حسابات الإدارة الأمريكية، وجعلها تستبعد خلال الفترة المتبقية اتخاذ قرارات جوهرية من قبيل تدشين القنصلية الأمريكية في الداخلة.

إضافة إلى غموض موقف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن حول قرار اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، حيث لم يصرح إطلاقا بموقفه من هذا القرار، ويظل يحتفظ بأوراق لعب أخرى خلال فترة انتدابه المقبلة، عبر نهج أسلوب الانتقائية في التعاطي مع الملفات الدولية، وستكشف الأيام المقبلة التزام أو عدم التزام بايدن بإعطاء أولوية لهذا الملف، على غرار الملف النووي الإيراني، حيث أعلن عن موقفه الرامي إلى استئناف العمل بالاتفاق النووي 5+5؛ رغم ما يقال عن حماس وزير الخارجية المقبل بلينكن ومواقفه المقربة من المغرب.

هل يمكن اعتبار تصريح السفير الأمريكي بأن “الأمر سيستغرق أشهرا”، تحولا في الموقف بلاده؟

بناء على أهداف السياسة الأمريكية، يمكن تفسير زيارة الوفد الأمريكي لمقر القنصلية بالداخلة دون تدشينها، تأجيلا وليس تراجعا عن الموقف الأمريكي بمغربية الصحراء، ولكن يدخل في إطار زيارة ذات أبعاد اقتصادية وأمنية، شملت أيضا دولا عربية أخرى، كالأردن والجزائر، حيث قدّم شينكر ضمانات للجزائر بعدم إنشاء قاعدة عسكرية في الصحراء المغربية.

وتريد واشنطن تأمين مصالحها الحيوية بمسك العصا من الوسط، أي الاعتراف بمغربية الصحراء دون فقدان ورقة الجزائر القوة الاقتصادية والعسكرية؛ وكان هذا دائما موقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من دول المنطقة، باعتبار المغرب شريك استراتيجي وأمني يوفر بيئة آمنة للاستثمار، واعتبار الجزائر شريك عسكري.

وأعتقد في هذا السياق، أن الإدارة الأمريكية الحالية لن تستعجل في إنشاء القنصلية، إلا بعد معرفة موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الموضوع وبعد تأمين وتهييء بطريقة سلسلة مناخ الاستثمار، وإنشاء مشاريع اقتصادية ناجحة تجعل من أمر افتتاح القنصلية أمرا حتميا ولا بديل عنه.

هل كان لاقتحام مبنى “الكابتول” دور في هذا التأجيل؛ أم أن الموضوع له لعلاقة بافتتاح مكتب الاتصال المغربي بإسرائيل وآخر إسرائيلي بالمغرب؟

زيادة على العوامل التي ذكرتها تظل الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، ولا أظن الأمر سيتغير مع الإدارة الجديدة، متشبثة بالحفاظ على أمن إسرائيل كهدف استراتيجي والحرص على تطبيع علاقاتها مع الدول العربية ومنها المغرب تطبيعا شاملا.

ولهذا قد تلجأ إلى تطبيق سياسة خطوة-خطوة حسب منهجية وتعبير وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، للحصول على هذا المكسب، وتأخير افتتاح القنصلية إلى حين تحقيق العديد من المكاسب لإسرائيل، بينما المغرب يدافع عن مصالحه من خلال الاكتفاء حاليا بتطبيع بروتوكولي مع إسرائيل إلى حين اتضاح الصورة بشكل أكبر مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

وفتح مكتب اتصال بالرباط و آخر بتل أبيب هو تحصيل حاصل، وليس بالأمر الجديد بعد إغلاقه عام 2002 بعد اندلاع شرارة الانتفاضة الثانية.

والهجوم على مبنى الكابتول كما سبق أن أشرت، ربما ساهم في إضعاف وعدم مصداقية إدارة ترامب وتصنيف أعماله في خانة عدم الشرعية، واحتمال وارد المتابعة القضائية، مما ساهم في ارتباك هذه الإدارة عمليا و تلكؤها عن اتخاذ المزيد من القرارات الإستراتيجية.

ة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
السوسي
المعلق(ة)
14 يناير 2021 16:53

هذا الشخص الذي اجريتم معه الحوار يبدو انه غير ملم بمحريات الأمور.
أولا، امريكا اعلنت عن إفتتاح مقر مؤقت بآنتظار الإنتهاء من تأسيس قنصلية مكتملة.
– القنصليات و السفارات الأمريكية تخضع لدراسات دقيقة و لمعايير صارمة جدا و لا يمكن تحقيقها في أسبوعين او ثلاث و لهذا، قال مبعوث وزير الخارجية الأمريكي إن آفتتاح القنصلية قد يستغرق عدة أشهر.
و حتى لا يفهم البعض ان هناك تراجع في الموقف الأمريكي، قررت الإدارة الامريكية إفتتاح تمثيلية مؤقتة.

– ميزانية بناء القنصلية الجديدة ستفرج عنها إدارة بايدن.

– بالنسبة لقرار إدارة بايدن التراجع عن القرار فهذا جد مستبعد، لأن الإدارة الامريكية قد تغير الرئيس لكنها لا تختلف نهائيا حول حماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية.

– وزير الخارجية الحالي عقد عدة جلسات مع وزير خارجية بايدن المعين حديثا حتى يسلمه و يطلعه على تفاصيل اهم الملفات و من ضمنها ملف الصحراء المغربية. مما يعني إستمرار الإدارة الامريكية على نهجها و سياستعا رغم بعض التغييرات.

Must
المعلق(ة)
13 يناير 2021 11:17

القنصليات كما هي السفارات وملحقات الأمريكية تخضع في بنائها لعدة إعتبارات أمنية من ذلك موقع الإدارة و محطة رسو السيارات و شكل البنايات والسياج وأماكن قوات الحراسة…ولنتذكر أن أمريكا مهددة في أي وقت بأعمال إرهابية ولذلك على السفارة الأمريكية إنجاز دراسة معمقة وأخذ آراء إدارات عديدة من المخابارات الخارجية والخزينة العامة …لتخصيص الأموال لشراء البقع الأرضية وإنشاء البنيات والحصول على رخصة البناء من الإدارات المحلية . كلها هذه الترتيبات الإدارية والمالية تتطلب وقتا بعيدا على هته الطراهات التي أتى بها هذا المقال.

Tarafa
المعلق(ة)
13 يناير 2021 09:14

D’après cet article les américains ont poussé justement le Maroc à nouer des relations diplomatiques avec Israël sans aucune autre récompense de leur part. Donc cela va déranger le côté Marocain et va montrer que l’Algérie a plus d’influence sur cette administration des états Unis et que rien n’est fait jusqu’à présent uniquement de cinéma. e

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x