لماذا وإلى أين ؟

من هو رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي شارك الأمازيغ إحتفالاتهم بـ”إيض يناير” بطريقته الخاصة؟ (حوار)

مع حلول رأس السنة الأمازيغية تتباين المواقف والتفاعلات معها وطرق الاحتفال بقدومها، فبين من يعيد تزيين موائد بيته بالمأكولات الشعبية الأمازيغية، وبين من يكتفي بصورة بلباس تقليدي أمازيغي يظهر من خلاله اعتزازه بهذا الموروث الثقافي المغاربي.

إلا أن مظاهر الاحتفال والإعجاب بـ”إيض يناير” تخطت الحدود المغاربية وبلغت فلسطين، فتجسدت عبر أنامل الطبيب الجراح ورسام الكاريكاتير الفلسطيني علاء اللقطة، الذي بارك للأمازيغ أينما وجدوا سنتهم الجديدة، وبرسمة تظهر براعته في اختيار الألوان وتقاسيم الوجه، وهو ما شهد تفاعلا لافتا عبر صفحته الرسمية مع هذه الرسمة، والتي انتشرت بشكل واسع بين رواد مواقع التواصل المغاربي. ما يثير تساؤلات حول علاء اللقطة، وهل له جذور مغاربية؟ وما سبب رسمته تلك؟.

ولمعرفة خلفيات هذه الرسمة الكاريكاتيرية، تستضيف “آشكاين” الطبيب الجراح ورسام الكاريكاتير الفلسطيني علاء اللقطة، في حوار خاص، لإماطة اللثام عن أسباب رسمته الأمازيغية، ومعرفة جزء من شخصية علاء، وكيف استطاع أن يزاوج بين مهنة الجراحة وفن الكاريكاتير؟ وما موقفه من التطبيع المغربي الإسرائيلي؟

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية …حبذا لو تقرب قراء “آشكاين” من شخص رسام الكاريكاتير علاء اللقطة؟

علاء اللقطة فلسطيني من بلدة الفالوجا المحتلة، ولدت في غزة عام 1972 بعد تهجير عائلتي إليها إبان احتلال فلسطين سنة 1948 ، نشأت في مخيم للاجئين لعائلة فلاحة كادحة كحال معظم الفلسطينيين في ذلك الوقت.

ورغم الظروف المعيشية الصعبة في المخيم، إلا أنني أتممت تعليمي الأساسي حتى الثانوية العامة بتفوق، مما أهلني لدخول كلية الطب، ثم أكملت دراستي العليا وحصلت على الدكتوراه في جراحة التجميل.

بين مهنة الجراحة وفن الكاريكاتير..كيف تم هذا الانتقال؟ وكيف تستطيع المزاوجة بينهما؟

حياة اللجوء والمخيم ومشاهد التهجير القسري لعائلتي وأبناء شعبي، وَلّد لديّ منذ طفولتي تساؤلات كثيرة: لماذا ليس لنا وطن حر مثل بقية أطفال العالم نعيش به في أمن وسلام، في كل مناسبة وطنية كانت تخرج مظاهرات في أزقة المخيم تحمل أعلام فلسطين، ويهتف الشبان بشعارات وطنية وتعطل المدارس، ثم تقابل هذه المسيرات السلمية برصاص وقناصة جنود الاحتلال وتسيل الدماء في الشوارع.

كل هذه المشاهد انطبعت في ذاكرتي وأنا ابن سبع سنوات؛ ثم تخمرت مع مرور الوقت حتى بلغت مرحلة النضج، لتسيل حبرا على ورق في خطوط معبرة عن آلام وآمال شعبي، في لوحات عرفت فيما بعد بفن الكاريكاتير الساخر.

بعد تخرجي من كلية الطب وجدت نفسي أمام جرحيْن اثنيْن: جرحٌ في الجسد “المرضى”، وجرحٌ في الوطن؛  فحملت مبضع الجراحة لأداوي جرح المريض، وحملت ريشة الرسم لأداوي جرح الوطن.

رسمتك الأخيرة حول السنة الأمازيغية لاقت انتشارا كبيرا في الأوساط المغربية، كيف جاءت فكرتها وما هي الرسائل التي تريد إيصالها من خلالها؟

كان الدافع لرسمتي حول السنة الأمازيغية هو التعبير عن حبي وحب الشعب الفلسطيني لشعوب المغرب الكبير، وكتبت فوقها إهداء: “إلى أهلنا الأمازيغ في الشق الغربي من القلب.. سنة أمازيغية سعيدة”.

نحن في فلسطين، ومنذ فجر التاريخ، تربطنا بالشعوب المغاربية وحدة إخوة ودم، وقد وثقت كتب التاريخ أن خُمس أو رُبع جيش صلاح الدين الأيوبي الذي حرر به بيت المقدس كان من المغاربة، ولا يزال حتى اليوم باب للمسجد الأقصى يسمى باسمهم، وحارة في مدينة القدس تسمى بحي المغاربة فيها من أصالة وروح الشعب المغربي وحضارته العريقة.

أردت أن أقتنص هذه المناسبة “السنة الأمازيغية”، لأعبر عن امتناني بجزء عريق من تكوين هذه المنطقة القريبة من قلوبنا لأتجاوز الحدود وجدانيا، فالفن هو رسالة محبة ورسول سلام، وأنه كما فلسطين تعيش في وجدان الشعب المغربي، كذلك فالمغرب بشعوبها الأصيلة تعيش في وجدان الشعب الفلسطيني.

ماذا تعرف عن الأمازيغ؟

الأمازيع كما قرأت وحدثني زملاء الدراسة الجامعية المغاربة، أنهم سكان المنطقة منذ آلاف السنين، في حضارة بموروث ثقافي غني امتد من أقصى المغرب حتى غرب مصر شرقا، وشمل جنوبا عدة بلدان أفريقية.

وهم جزء أصيل من تركيبة هذه البلدان ذات التنوع الثقافي المتعدد، الذي أعطاها ميزة وزخما وإثراء، بل هو نموذج عالمي بالتزاوج والتعايش والسلام يحتذى به، عاشت هذه الأعراق جميعها على مدار مئات السنين في أجواء من التآخي أفرزت بلادا مدنية حديثة راقية كمظلة للجميع.

كيف استقبلتم كفلسطينيين أولا، وكرسامين للكاريكاتير خبر تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية؟

بداية نحن كشعب فلسطيني وكمثقفين وفنانين بشكل خاص نحترم سيادة الدول، ونعتبر شأنها الداخلي خطا أحمرا، لا نقترب منه حفاظا على أواصر الأخوة، ولأن صاحب القضية لا يستعدي عليه الناس، بل يسعى جاهدا أن يكسب وُدّ إخوانه ومؤازرتهم، فهم خير السند، ونِعم الأهل.

لكن من منبع فلسطينيتنا وما لمسناه على الأرض من تنكر الاحتلال للحقوق الفلسطينية، وإمعانه في استباحة الأرض والإنسان والمقدسات، وضربه عرض الحائط بكل القرارات والمواثيق الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة كحقوق معترف بها للشعب الفلسطيني، بل ومماطلته في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة معه من قبل الفلسطينيين أنفسهم منذ عام 1993 حتى الآن، وهو يزرع المستوطنات المحرمة دوليا ويلتهم الأراضي الفلسطينية والعربية كالجولان وغور الأردن؛ ولم يبدِ أي بادرة حسن نية بعد أن رفض المبادرة العربية للسلام التي اجتمعت عليها كل الدول العربية.

لكل هذه الأسباب، نحن نعتقد أن هذا الكيان المحتل لا يستحق منا أن نمنحه السلام أو أن نطبع علاقتنا معه إلا بعد عودة الحقوق لأصحابها.

نحن كشعب فلسطيني نحب السلام، ونحب الحياة، وقد ذقنا من ويلات الحروب ما لا يحتمله بشر، من تضحيات جسيمة خلفت الآلاف من الشهداء واللاجئين والمعتقلين؛ ونتطلع لغدٍ أفضل لأبنائنا.

لكننا نريد سلاما عادلا يعيد لنا حقوقنا المسلوبة ويوفر لنا حق تقرير مصيرنا بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x