لماذا وإلى أين ؟

أصغر أستاذ دبلوماسي بالمغرب يتحدث ل”آشكاين” عن شخصيات سياسية درسها (حوار)

يزخر المغرب بكفاءات يسطع نجمها بين الفينة والأخرى، أو كلما سلط الإعلام عليها أضواءه ليخرجها للعامة في حلة تبهر المتلقي وتجعله يكتشف أسرار التفوق الذي وصل إليه، وما قد يشكله ذاك من مصدر إلهام لبقية الشباب المغربي الطموح.

من بين هؤلاء الشباب الذين سبقوا سنهم، وبرزوا في مجال تخصصهم وجمع ما تفرق عند الكثيرين وهو لم يتخطى سنه 23 سنة، وتخطى حدود المغرب، وصار أصغر أستاذ دبلوماسي في المغرب درس كبار الشخصيات السياسية داخل المغرب وخارجه وأصبح عضوا في نادي تابع للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وليد الروكي، الذي شهد له زملاؤه في المهنة ومن درسهم من الدبلوماسيين والشخصيات السياسية، بالتفوق والنبوغ، مما دفعنا لإجراء حوار معهم لمعرفة أسرار هذا التفوق وكيف استطاع أن يبلغ هذا المستوى في سن مبكرة

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية قربنا أكثر من شخصية وليد الروكي..وكيف انطلقت قصتك مع التدريس؟

وليد الروكي 23 سنة ومن مواليد القنيطرة، “قنيطري قح” أبا عن جد، ابن عائلة بسيطة جدا،  أبي رجل جمعوي وملاكم، بمعنى أني من أسرة جد متواضعة.

انطلقت القصة مع التكوين الذاتي في سن مبكرة حين كان عمري 14 سنة، وعند بلوغي سن 15 أردت أن أدرس الساعات الإضافية، في مواد علوم الحياة والأرض والفيزياء وبقية المواد، إلا أني لم أجد المورد المالي لتأدية واجبات الساعات الإضافية.

بعد هذا العائق اعتمدت على التعلم الذاتي عبر التثقيف بالنظير للغة الإنجليزية، فعندما رجعت للمؤسسة التي كنت أود أن أتلقى فيها ساعات إضافية وطلبت منهم أن يعفوني من تكاليف الساعات الإضافية مقابل أن أدرّس الأفراد لديهم.

هنا برزت الموهبة الفطرية التي وجدت نفسي أتمتع بها في علوم التدريس، رغم أني لم أدرس علوم التربية، إذ أن الطريقة التي كنت أدرس بها أجدها تندرج ضمن علوم التربية.

بعد انطلاقي، اشتهرت المؤسسة التي أدرس فيها، على أن بها شابا يبلغ 15 سنة ويدرس الإنجليزية ويدرس بشكل ممتاز وسلس، فأصبحت المنافسة بين مدارس القنيطرة لأدرس لديهم؛ رغم أنه في تكل الفترة كنت في مرحلة الانتقال من الثانوي الإعدادي إلى الثانوي التأهيلي.

ما علاقتك بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وسفراء الدول وكيف أصبحت تدرس المواد الدبلوماسية للسياسيين؟

في السنة أولى باكالوريا، اتصلت بي السفارة الأمريكية للمشاركة في نادي اسمه “IRC Club” والذي كان يشرف عليه السفير الأمريكي في إدارة أوباما، وتم تعييني فيه كأستاذ يدرس أساتذة اللغة الإنجليزية.

هذا النادي أنشأته إدارة أوباما في المغرب في السفارة الأمريكية خاص بالأساتذة والشخصيات السياسية بالمغرب، إذ كان معنا في هذا النادي شخصيات كبيرة مثل الباكوري، بنشماس، خالد الدقيقي في الجزيرة وغيرهم، كل هذا وأنا ما زلت في السنة الأولى باكالوريا.

وآخر تواصل لي مع أوباما، حين تلقيت رسالة شخصية منه يطلب مني الانضمام إلى ناديه الذي تحدثنا عنه سابقا، وشكرني فيه بأسلوب جميل وقدر كفاءتي، بعدها بثلاثة أيام تلقيت رسالة بريدية أخرى من زوجته ترحب بقدومي لأمريكا، إلا أن التحاقي تعذر لظروف ما”.

في السنة الثانية باكالوريا أصبحت مرافقا لغويا للسفير الأمريكي “إنفايت بوش” خلال جميع المؤتمرات وعرفت بين السفراء، لأصبح بعدها مرافقا للمسؤول على السفارة التركية، ثم سفراء آخرين من أفريقيا وآسيا، إذ اشتغلت في جميع المؤتمرات التي يحضرها السفراء في 2015- 2016 .

بعد مرافقتي لهذا العدد من السفراء، أصبحت أدرسهم موادا دبلوماسية، بعد انضمامي لمنظمة “المناظرين العظماء” (‘Great debaters’)، والتي كانت وطنية على الصعيد المغربي، تم انتقلت للاشتغال على الصعيد العربي والآن هي تشتغل على الصعيد العالمي بحكم أن أمريكا هي المكلفة بتمويلها، وهي معترف بها من السفارة الأمريكية ومن الإدارة الأمريكية.

كل هذا ولم أتجاوز 18 سنة و شغلت في هذه المنظم المتخصصة في المناظرات الدبلوماسية، مدربا للمدربين، في نفس الوقت أتابع دراستي بالباكالوريا بشعبة علوم الحياة والأرض بمدرسة عمومية وفي حي شعبي بسيط؛ وهذا لم يمنعني من التفوق الدراسي رغم أن توجهي وشغفي دراسة إنجليزية.

خلال هذه الفترة من انضمامي لنادي ” IRC Club ” كنت أطالع العديد من الكتب والتي بلغت 3 آلاف كتاب منها كتب مهدي، أركون، الفلسفة اليونانية والفلسفة الفرنسية الحديثة والمعلقات الشعرية وغيرها، ومن خلال هذه الاطلاع أنجزت دراسات نقدية خاصة بي.

بسبب هذه الاطلاع الواسع حضرت في قناة “ميدي1” ضيفا للحديث حول موضوع “سبب عزوف الشباب عن القراءة”، ففي الوقت الذي كنت أتحدث فيه خلال البرنامج أعجب مدير البرامج بأسلوبي وطلب أن أكون خبيرا تربويا للبرامج.  هذا الحضور الإعلامي وبفعل الإدارة الجديدة لترامب قلل نوعا ما من الحضور في التدريس الدبلوماسي مع السفارات.

كيف استطعتم في جمعية كنوز المعرفة أن تعيلوا أزيد من 1500 شخص متخلى عنهم وتحققوا مبدأ “العلم في خدمة الإنسانية”؟

بعد كل ما ذكرت  أسست جمعية كنوز المعرفة، بحيث أننا ندرس الناس كل المواد مجانا ولكن بشرط أن ذلك المقابل الذي كنا سنأخذه سنذهب جميعا ومعنا المستفيدون من الدروس المجانية، لشراء ملابس للأطفال المتخلى عنهم، إذ تلاميذنا في الجمعية هم من يبادرون.

بهذه الطريقة تمت إعالة 1500 طفل متخلى عنه مأكلا ومشربا، وهذا فقط في القنيطرة، وأدخلاهم لجمعية خيرية؛ وكانت هذه المحطة بمثابة رجوع إلى ماضي الذي حرمت فيه من الدروس الإضافية بسبب عدم توفري على المال.

وتم استضافتنا من جديد في قناة “ميدي1” باعتبارنا الجمعية الوحيدة التي تقوم بأعمالها تحت عنوان: “العلم في خدمة الإنسانية”، وهو ما جعل القناة تستدعيني لأصبح إعلاميا معهم وهو المجال الذي ولجته من حيث لا أحتسب”.

استمريت في المجال الإعلامي لمدة سنتين وتوطدت علاقاتي مع الفنانين بشكل كبير جدا، وشملت فنانين من العالم العربي مثل كاظم الساهر، سامي يوسف وغيرهم، فأصبحوا أصدقاء لي بعد أن كنت معجبا بهم.

بعد هذه المدة قررت أن أغادر المجال الإعلامي لأن شخصية القسم مازالت تطغى علي ولأني لم أستطع أن تخلى عن مواقفي في كثير من المحطات، والآن أنا أدرس جميع شرائح المجتمع في مدينة القنيطرة من شباب وشيوخ مواطنين عاديين وسياسيين وغيرهم، إذ تخليت عن جميع ما كنت فيه لأعيش سعادة التدريس.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x