لماذا وإلى أين ؟

إزدواجية الفعل الحكومي بين التمييز والتضبيب: قطاع تموين الحفلات نموذجا

الباتول السواط*

مند أن شرعنا في قطاع تموين وتنظيم الحفلات بالمغرب وتقلدنا مسؤوليات وطنية بجانب ثلة من الإطارات الوطنية الخلاقة، ونحن دائما نعلن الوضوح وتفكيك المنظومات الريعية داخل المؤسسات بصوت صادح في ظل آليات اشتغال مظلمة وظالمة، حيث تعرض الكثير لمسلسل ممنهج للأكاذيب والتشويه وأحيانا استعمال أداوت الدولة لكبح هذه الأصوات وعلى سبيل الحصر الاجتماع الوطني للإطارات بالعاصمة “الرباط” بعد قبول الترخيص ليقابل باستعمال القوة لمنع اللقاء.

والأسئلة الجوهرية التي تفرض نفسها بقوة؛ ما سر العداء لشيطنة التنظيمات الوطنية المدنية بقطاع التموين والتجهيز والحفلات والتظاهرات بالمغرب ؟ وما هي مضامين استعمال القوة لمنع التقنين؟ وما سر تشابك المصالح في نفس المضمون مع الفئات السياسية والنافدين في الإدارة ؟ وهل منهج الحكومة هي نفسها عقيدة الريع في التشابه؟

إننا عندما سنجيب على هذه الأسئلة فيجب التذكير بالسياق العام للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لممتهني هذا القطاع الخدماتي بالمغرب وما يرتبط به من نشاطات اقتصادية هامة والأجواء التي صاحبت الإغلاق التام خلال أزمة كورونا المستمرة لهذا القطاع دون غيره، تحت مبررات لا تتطابق تماما مع الإجراء ات التي اتخذتها الدولة مع باقي القطاعات، ورغم أن الإطارات الوطنية تنادت للحكومة ورئيسها ولكل الهياكل الحكومية بمذكرات ومخرجات واقعية لاتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجة هذه الإشكالات والبحث بشكل مشترك على وصفة علاجية لاحتواء الأزمة الحاصلة.

كان للحكومة توليفة أخرى وحسابات مغايرة على حساب السلم الاجتماعي، حيث جسدت التعليمات الريعية عبر تخصيص تعويضات (الجائحة) لشركات محددة مهيمنة على القطاع منطلقين من تكييف عنصري لمفهوم الشلة والعصبية بعناوين ثابتة تفسر قانون “الايالة المستقلة داخل الدولة “، إذ لا نجد تفسيرا آخر بالدرجة الأولي يفكك هذا الإقصاء التي تم بشكل ممنهج وبأدوات الدولة من لا دعم ممتهني هذا القطاع وحرمانهم من العودة للعمل، وهنا لابد أن نلفت النظر إلى عدة تصريحات حكومية مخادعة موجهة لهذا القطاع (سعد الدين العثماني وهو يضحك بقوة: ما كاين لا حفلات ولا أعراس)، لتؤكد هذا التكيف في الانحراف عن الشعارات المرفوعة والمس بجوهر الدولة والتعاقدات، وقد تناسى بشكل تام مسؤولي الحكومة أنه بصرف النظر عن إطاراتهم النافذة الطارئة على المشهد المدني كأداة كلاسيكية للمنظومة الانتهازية، نتائجها ستكون عكسية وستقع بفخها لأنه بفرض هذا الأمر الواقع يقابله ببساطة ردة فعل انقلابية على هذا الواقع البائس.

وانطلاقا من واجبنا الوطني واستشعارنا بالمسؤولية الخطيرة ومما لا يدع مجالا للشك إقصاء كل الإطارات الوطنية، بالمقابل استعمال إطار مدني طارئ في البروبكندا الإعلامية وحَمله على الإشادة بالحكومة وشيطنة الكل وتنفيذ الاجندات لمنظومة الاقتصاد الريعي وارتباطاتها، مما يؤكد على تجاوز الحكومة كل الخطوط الحمراء المرسومة دستوريا، وهذا ما جعل استعمال القوة لمنع كل الإطارات الوطنية بالعاصمة من عقد لقاءها التعبوي التنظيمي كتعبير تسارعي لوضع حد لأي قوى ممانعة لهذه المناهج السخيفة والاستهزاء بالعقل ليصل الحد إلى استهداف رموز الإطارات الوطنية بحجج وأساليب مضحكة.

وبكل صدق حينما نُعَنقد ونُقعِد الارتباط ببعض مؤسسات الدولة بالمنهج الريعي الذي يكون ناتج عن ردة فعلها بتقدميها للجمود بدل الحركية، نؤكد على رسالة ثابتة أن المهام الملقاة على كل وطني(ة) شريف(ة) هو وجباته اتجاه وطنه التي تبدأ بزرع البذور إلى غاية إنتاج الثمر، وهي واجبات صعبة لكن يجب أن تتكامل لنُبقي على الانجازات الحاصلة ونصونها ونطورها وتظل منسجمة، بهذا المعنى نحن لا نجزع حينما نشاهد كل هذه الانحرافات ليس بالمعنى أنها قدر، بل نحن نتعامل مع كيانات من المرتزقة وقناصي المبادرات الملكية وقطاع الطرق والمزيفين للحقائق.

وبالتالي يجب الانتباه إلى حقيقة بارزة أنّ الإطارات التي تعرضت للحجب وببلاغها الصادر التي تؤكد على الوطنية ونوازعها المبدعة وكذا الإدانة في توهين جسد الدولة ومحاولة استلابها. هي إشارة في خوض تجربة تربوية وأخلاقية أو بغيرها تدعوا القضاء على ينابيع الفساد الأساسية ودمج القانون بالواقع وفي طليعتها العيش الكريم والتكافؤ واستئصال التمييز.

وبالمحصلة ثمة ناقوسين لابد من قرعهما راهنيا ومستقبلا:

الناقوس الأول : إذا كانت الدولة تأخذ بزمام المبادرة فأنه يجب إعلان التفولد وإعادة تحديد إطار الاشتغال مع الوسائط الاجتماعية، واعتبار المصالح الريعية وتفسيراتها لإخفاء طبيعتها المتوحشة هو تهديد لاستمرار الدولة وتزعزع السلم الاجتماعي.

الناقوس الثاني: أنه لا يمكن للحكومة التعامل مع القضايا الاجتماعية على أنها هامشية، حيث أنه لا يمكن لنا كذالك بالمقابل أن نفترض حسن النية أو عدم الفهم والاستيعاب، لأنّ ما اقترفته الحكومة والإدارة في ممتهني قطاع تموين وتنظيم الحفلات بالمغرب ومن يرتبطون بهم وهم يعدون بالآلف يوصف بالجريمة واللصوصية، ومن هنا نقول إن الشمس فاقعة ومن السذاجة لدرجة الانتحار أن نفترض النية في الفساد وأدواته الريعية.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x