لماذا وإلى أين ؟

قريبا سيطالب الشعب الجزائري برأس شنقريحة

نورالدين زاوش*

في تسعينيات القرن الماضي سافرتُ للجزائر العاصمة في إطار جولة مغاربية، وأنا في القطار، تبادلت أطراف الحديث مع مجموعة من الجزائريين من مختلف الأعمار؛ ورغم أن مدة الرحلة دامت لأكثر من عشر ساعات إلا أن لا أحد منهم انتبه إلى أنني مغربي؛ فنحن جميعا نلبس نفس نوع اللباس، ونتحدث نفس اللهجة ونستعمل نفس التعابير، ولنا نفس المبادئ والمعايير والتقاليد، وحتى وجوهنا تبدو عليها نفس الملامح والقسمات ونفس الآثار التي خلفها الزمن؛ حينها فقط، فطنتُ لكوننا شعب واحد تجري في عرقه نفس الدماء وتتراكض في عقله نفس الأفكار والمشاعر.

رغم أن النظام الجزائري قد أتى على خزينة شعبه من أجل أن يجعل مشاعر الإخاء هذه تختفي وتندثر؛ إلا أنها في أول مناسبة تعاود الظهور من جديد، هذا ما بدا جليا حينما فاز المنتخب الجزائري لكرة القدم بكأس إفريقيا الأخيرة وخرج الشعب المغربي إثرها إلى الشوارع وهو في غاية الفرح والاستبشار، وهي نفس المشاعر التي اختبرها قبله الشعب الجزائري العظيم بثلاث وثلاثين سنة، وذلك حينما تأهل المنتخب المغربي إلى الدور الثاني في كأس العالم الذي جرى بالمكسيك؛ مما يدل على أن للدم ذاكرة مثل ذاكرة النهر؛ بمجرد أن تهطل الأمطار حتى يتحسس الطريق القديم الذي تعوَّد الجريان فيه ولو كان قد جف قبل ذلك بمائة عام.

إذا كان الله تعالى قد سخط على الذين يفرقون بين المرء وزوجه وبين الأخ وشقيقه، فلك أن تتصور، عزيزي القارئ، حجم السخط الذي يلحق نظاما يصر على أن يفرق بين بلدين شقيقين وشعبين توأمين، تكبدا معا معاناة مقاومة المستعمر وابتهجا معا بالاستقلال، حتى إن بعض المسؤولين الجزائريين قد اعترفوا في العلن بأن الجزائر ما كانت لتستقل لولا المغرب؛ لكن حبل الكذب قصير والإجرام دوما له ثمن، ولن يكون الثمن هذه المرة سوى رأس شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، الذي سيعلقه الشعب الجزائري العظيم في الساحات العامة، إن عاجلا أو آجلا، مثلما علّق شعب رومانيا رأس رئيسه نيكولا تشاوشيسكو الذي عاش في بذخ لا نظير له وحرم شعبه من الخبز والحليب.

من المعلوم أن النظام الجزائري لا يعرف في تعامله مع الآخر سوى لغة الإرهاب والعنف والدم، وما المناورات العسكرية الأخيرة بالذخيرة الحية إلا حلقة من حلقات هذا المسلسل الهجين؛ ومع أن هذه اللغة، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، لم يعد يتحدث بها أحد من العالمين؛ إلا أن هذه العصابة مصرة على التمسك بها إلى آخر رمق، والطريف في الأمر أن تِرسانتها العسكرية مجرد خردة تماما مثل عقلية الجنرالات الذين يشرفون عليها.

*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابراهيم
المعلق(ة)
7 فبراير 2021 11:51

وجهة نظر مشروخة مليئة بالتناقضات.
اولا هل الإسلام جاء من اجل بلد واحد ام بلدان عديدة.
ثانيا من الافتراء القول بأن اللسان المغربي هو اللسان الجزائري قد تكون اللهجة الشرقية أرقب للجزائر لكن ماذا عن المراكشيين والبيضاويين والطنجاويين…. والاخر انك تجاهلت الأمازيغية وكأن ناطقيها ليسوا مواطنين.
ثم كم عدد تحليلات الحمض النووي التي قمت بها لتقول بالدم الواحد.
ان تحالف الجهل والانتهازية يعطينا هذا.

محمد
المعلق(ة)
7 فبراير 2021 08:08

ارى اخي الفاضل اننا مثل كورية شمالية والجنوبية فانقسمنا كانت من قبل تسمى بلاد المغرب الاقصى بما فيها تونس والجزائر والمغرب وصهراء الكبرى تبا للاستعمار

جمال
المعلق(ة)
7 فبراير 2021 07:40

وشنو سوقنا حنا ف شنقريطة ولا فرشيطة؟ ركزو لينا على المشاكل اللي كيعانيها الشعب ونتوما كتمشيو للتفاهة. شنو ستافذنا حنا هاد الخبر؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x