لماذا وإلى أين ؟

فاجعة معمل طنجة تعيد قضية “استغلال النساء” للواجهة

بالرغم من مرور سنتين على تطبيق قانون مكافحة العنف ضد النساء 103.13، فإن فاجعة معمل النسيج بطنجة الذي وُصف بـ”السري”، سلطت الضوء من جديد على قضية “استغلال النساء في مجال العمل”، بعد أن أفادت السلطات المحلية كون أغلب الجثث كانت لعاملات بالمصنع، من بينهن أربعة شقيقات.

وعملت فاجعة “القبو” الذي تحول لمعمل للنسيج، على كشف اللثام عن وضعية النساء  في ميدان العمل، بالنظر إلى الحقوق المهضومة، من قبيل أجور هزيلة، وساعات عمل طويلة، ناهيك عن إمكانية تعرضهن لما يُمكن وصفه بالحيف والتحرش الجنسي، وعدد من التصرفات الماسة بكرامتهن الإنسانية.

ووفقا لأب ضحية متوفاة “منذ سنة وابنتي تشتغل في هذا المعمل بدون أوراق قانونية، فقط وفقا لوعود بدون وفاء، وأثناء تفشي وباء كورونا تم وعدهم مرة أخرى بتسجيلهم في الضمان الاجتماعي، لكن بدون تنفيذ للأمر”، وهو نفس القول الذي مضت على إثره  تصريحات عدد من الناجيات من الحادث المأساوي، بالقول إن “الباطرون” منذ سنوات وهو يعدهم بتسوية قانونية لوضعيتهن المهنية، دون أن يفي بذلك.

تعليم ضعيف ووضعية اجتماعية هشة

وفي هذا الصدد، كشفت أسماء مهديوي، باحثة في شؤون المرأة، أن “الواقع يوضح انصراف العديد من النساء المغربيات للعمل في أعمال تعتبر امتدادا للأعمال المنزلية كالتنظيف والنسيج والفلاحة، وهذا يعود لضعف تعليمهن وللظروف الاجتماعية التي تتسم بالفقر والهشاشة وهي الوضعية التي تساهم في معاناة الأجيرات واستغلالهن بأجور أقل من الرجال”.

وزادت مهديوي، في حديث مع “آشكاين” أن عمل المرأة في قطاعات كالنسيج والفلاحة يجعلها تُنتهك في حقوقها، إذ تعمل في الغالب “بدون عقود عمل، ووثائق تأمين، وبالتالي يتم حرمانهن من حقوقهن في التعويض والحماية القانونية، وهذا يأتي في ظل انعدام تفتيش حقيقي للشغل وانتشار واسع للبطالة، والذي تعزز في الظروف الحالية لجائحة كورونا حيث كانت النساء من أكثر المتضررين من تداعياتها”.

 

أما بالنسبة لظاهرة التحرش بالنساء في أماكن العمل، تُردف مهديوي “بالرغم من أن المشرع المغربي يجرمه بموجب المادة503-1 من قانون العقوبات،  وتعتبره مدونة الشغل خطأ جسيم من قبل المشغل مع وضع إمكانية التقاضي بيد المتضرر والمطالبة بالتعويض، إلا أنه لا يزال مستفحلا وفق ما تفيد الشهادات والتقارير”.

“تبقى  الحماية القانونية للمرأة ضعيفة” تختم مهديوي حديثها، مشيرة “نفس الأمر فيما يتعلق  بالمساندة الأسرية والمجتمعية، لذا يبقى الصمت هو سيد الموقف لدى النساء المستضعفات، بالرغم من التقدم الملحوظ على مستوى التوعية، لذا لا بد من التغيير في النظرة المجتمعية للمرأة العاملة، بالنظر لجهود الدولة ومجموعة من الفاعلين المدنيين”.

عاملات بـ”قبو” يُشغل أزيد من 130 عاملا

وكشفت لطيفة الحمود، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، في سؤالين كتابين منفصلين، وجهتهما إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير الشغل والإدماج المهني، أن “المعمل الذي يتواجد في قبو إحدى الفيلات السكنية، يُشغل أزيد من 130 عاملة وعاملا في قبو دون مخارج ولا منافذ إغاثة، حيث أرغمتهم ظروف الحياة الصعبة والبحث عن لقمة العيش على قبول الاشتغال في ظروف لا تمت للإنسانية بصلة”.

من جهتها، دعت اللجنة المركزية للعمل النسائي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الجهات المختصة، إلى “فتح تحقيق نزيه يكشف المسؤوليات ويرتب الآثار القانونية اللازمة، عن حادثة مصنع النسيج بطنجة الذي وصف بـ”السري”، وتسبب في وفاة مجموعة من العاملات والعاملين غرقا يوم الاثنين 8 فبراير 2021، وذلك إنصافا للموتى وذويهم وردعا للبقية ممن لازالوا يخرقون القوانين في عالم الشغل”.

ضرب سافر للقانون

ونددت اللجنة في بلاغ لها، توصلت “آشكاين” على نسخة منه، بـ”الظروف اللاإنسانية التي تشتغل فيها الكثير من العاملات في كل القطاعات في ضرب سافر بمقتضيات القانون والتزامات المغرب الدولية في علاقتها بالاتفاقيات الأممية التي تحمي حقوق العاملات والعمال”.

واستنكرت اللجنة، ما وصفته بـ”سياسة غض الطرف التي تعتمدها السلطات في عدد من المناطق تجاه خرق القانون والسماح بالنشاط الاعتيادي للعاملات في وحدات توصف بالسرية، دون مراعاة شروط الصحة والسلامة مما يعرض حياتهن وأمنهن للخطر، كما حدث في حادثة طنجة المفجعة”.

وفي السياق ذاته، أدانت المنظمة الديمقراطية للشغل، في بلاغ لها سابق، فاجعة مصنع طنجة، مشيرة أن  أغلب ضحاياه من النساء، ومطالبة بضرورة العمل على “تحديد المسؤوليات ومعاقبة كل من يتحمل المسؤولية من قريب أو بعيد في وقوع هذه الكارثة، التي راح ضحيتها أزيد من عشرين قتيلا”.

وتجدر الإشارة، أن حصيلة ضحايا الحادث الذي وقع قبل أمس في معمل للنسيج بمدينة البوغاز، بعد انجراف مياه الأمطار بداخله، ارتفعت إلى 28 قتيلا، أغلبهن من النساء.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x