لماذا وإلى أين ؟

كريمة نادر: الفصل 490 يستعمل كغرض انتقام شخصي وسياسي (حوار)

في الأسبوع المنصرم، تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، الحملة الرقمية للمطالبة بإسقاط الفصل 490 من القانون الجنائي، بتنسيق من حركة “خارجة على القانون”، التي أكدت في عدد من بلاغاتها، أن هذا الفصل “خطير وسلاح في يد قضاء لا يولي الأهمية الكافية لقضايا العنف ضد النساء و لحماية حياتهن الخاصة واحترام الحريات الفردية عموما”.

وفي هذا السياق، استضافت “آشكاين” كريمة نادر، عضو بائتلاف 490، المسمى حركة خارجة على القانون، وذلك للحديث أكثر عن الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي، إثر الجدل الذي خلقته الحملة الرقمية، عقب خروج الشابة المعروفة إعلاميا بّـ”فتاة الخمار” من السجن إثر قضائها شهرا حبسا نافذا.

نص الحوار:

بداية، في رأيكم كيف مرت الحملة الرقمية لإسقاط الفصل 490 من القانون الجنائي؟

الحملة الرقمية لقيت تفاعلا كبيرا، خاصة وأنه كان اعتصاما رقميا محددا في الزمن، بالتزامن مع خروج الفتاة هناء من السجن، والآن بالرغم من تسليط الضوء في هذه الأيام الأخيرة على مواضيع أخرى مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الحملة لازالت تثيرا نقاشا، ولا زالت حاضرة بشكل كبير، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا ضد الحملة.

ثم إن أسباب الحملة كانت انطلاقا من حصد التضامن أولا مع الفتاة هناء، وتسليط الضوء على الظلم الذي شكله هذا الفصل، من قبيل أنها أصبحت ضحية استغلال وعنف جنسي، وإدانة مجتمعية وتشهير، فضلا عن كونها ضحية قانون، ثم إننا كمنظمة مدنية عبرنا عن مطالبنا هاته بكل تحضر، وأشرنا للأمر بشكل تفصيلي داخل المذكرة التقديمية للعريضة التي طرحنا، والتي نسعى لإيصالها للبرلمان.

هنا يجب الإشارة، أن ضحايا العنف الجنسي والاغتصاب هي 10 في المائة عالميا، من تصل لمرحلة التبليغ، خاصة أنه في الغالب هناك شروط تعجيزية من أجل الإثبات، وممكن في هذه الحالات أن لا تتمكن من الإثبات فيصير الأمر وكأنه كان بإرادتها، إذن هذا الفصل يزيد من صعوبة تبليغ النساء عن حالات العنف الذي تتعرض له.

ما هو ردكم على من يتهمكم بنشر الفساد داخل المجتمع المغربي؟

هذه المسألة صراحة تقوم بإضحاكنا، لأننا نفهم وكأننا إن قمنا بإسقاط الفصل 490 من القانون الجنائي، وكأننا سننطلق بإخراج الأشخاص من منازلهم لكي يمارسوا علاقاتهم، في حين أن هذا الامر واقع تعكسه أرقام وإحصائيات مؤسسات ومنظمات بشكل سنوي.

بالنسبة لي إذن من يقول مثل هذا الكلام، هم فئتين، تتعلق الأولى بأشخاص تقوله بعدم فهم ووعي، لأنه في النهاية إن دقق الشخص قليلا سيجد أن هناك الفصل 480 من القانون الجنائي نفسه، يسهر على عدم الإخلال بالحياء العام ونحن لا نعارضه أبدا، لأنه لا يمكن لأي كان القيام بكل ما يريده داخل الفضاء العام، هذا أمر مفروغ منه، ثم إن هناك فئة ثانية تقول مثل هذا الكلام بغرض تضليل الرأي العام.

مقاطعة، ما قولكم بالنسبة لمن يقول إن حركة خارجة عن القانون تسعى أساسا لإسقاط الفصل 490 لأن الدولة تقوم باستعماله ضد المعارضين؟

إذا رجعنا قليلا للوراء، سنجد نص البيان التضامني الذي أصدرنا إثر اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، وعبرنا فيه بشكل صريح أن مثل هذه القوانين في أحيان كثيرة تستعمل كأدوات انتقام شخصي وسياسي، والأكبر والأخطر من ذلك أن مثل هذه الفصول القانونية تكرس للتمييز المبني على النوع داخل المجتمع، بالرغم من مصادقة المغرب على اتفاقيات تُلزمه بتكييف قوانينه بما يتماشى مع توصيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فضلا إن الفتاة مثلا التي يتم الحكم عليها بناء على هذا الفصل فإنها تصبح عاهرة في نظر المجتمع، وغالبا من يطبق عليهم هذا القانون هم المنتمين للفئات المجتمعية البسيطة أو الهشة، وكذلك إن مثل هذه القوانين تعمل على تكريس “الهو” بين الفئات الاجتماعية الميسورة التي لا تعاني ولا تخاف من تطبيق هذه القوانين عليها، وبين أولاد الشعب، الذين نزيدهم مأساة.

طيب، هل ترون المجتمع المغربي محافظ؟

لا، إن المجتمع المغربي له عدد من النزاعات من المحافظة لكنه ليس محافظ، والمجتمع المغربي غير متجانس، وحتى لا نعمم، فإننا نعرف أن هناك ازدواجية داخل المجتمع بين ما يعيشه وما يُنتجه من خطاب المحافظة والتمسك بالأعراف، والأكبر دليل على ذلك، هؤلاء الإسلاميين الذين يُمسكون بالحكم وهم في الحقيقة يعيشون علاقتهم ويبرروها في كثير من الأحيان بزواج الفاتحة الذي لم يعد ينطلي على أحد.

ما هو ردكم على من يقول أن المجتمع المغربي، بالرغم من أنه ليس محافظا وبالرغم من تجلي العلاقات خارج الزواج، إلا أن إسقاط الفصل 490 من القانون الجنائي، يُمكنه أن يزيد من نسب حالات الإجهاض، أو عدد الأطفال المتخلى عنهم، ومشاكل المرأة التي تُرى الضحية في هذه العلاقات؟

كل من يقول هذا الكلام هو غير فاهم أن الفصل 490 ما هو إلا جزء من منظومة قانونية مقيدة للحرية، وللإشارة فالآن هناك أرقام تؤكد أن 24 طفل يتم التخلي عنه في اليوم الواحد بمعدل طفل واحد في الساعة، و800 حالة إجهاض في اليوم، إذن هذه الأمور هي متواجدة، وإذا قمنا بالتربية الجنسية، وبتقنين الإجهاض، وفتح إمكانيات الإجهاض لعدد من الحالات، فإننا سننقص عدد من الأطفال المتخلى عنهم، وعدد من حالات الإجهاض، وعدد كبير من المتابعات القانونية، خاصة أننا في مجتمع كل ممنوع فيه مرغوب.

وفي الختام، أريد القول إنه قبل عشرة سنوات، إثر الحراك المغربي كنا نطالب بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، وكل من الكرامة والحرية لا يمكن تحقيقهما، من دون إعادة النظر في مثل هذه القوانين أولا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Ahmed
المعلق(ة)
14 فبراير 2021 21:33

الزنا حرام حرام حرام حرام حرام حرام حرام حرام غغغ

ابو زيد
المعلق(ة)
14 فبراير 2021 20:58

من غير فاجعة طنجة و وفاة 28 شخص و كانهم لاشئ، و دفنهم ليلا تتمة لسرية وضعهم….كل كلام عن غير هذا فهو مشاركة في الجريمة!!
اي شئ غير هذا الموضوع لا يعني المواطن!
حتى ضحية الحيوان الذي اشهر بها، ستاير في نفس المنحى!!
تم وأد الضحايا…و الان الكل يشارك في وأد الضحية……
بعض السياسي الذين يتعلق لهم الجميع اينما مروا تركوا كوارث..فب المضيق و في طنجة….

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x