لماذا وإلى أين ؟

طريق أنجزتها شركة بيوي بالملايير تتخرب قبل تسليمها (صور)

الحسين غورا

يمكن الجزم بأنه لم تعرف أي طريق وطنية او جهوية واقليمية برقمها كما هو الحال بالنسبة لهذه للطريق 5407 لدى ساكنة تاهلة و نواحيها اذ أصبحت تذكر مرارا على لسان المواطنين في تجمعاتهم كما اتخذها آخرون هاشتاغ يعبرون عبره على رأيهم حولها.

لماذا قد تكون هذه الطريق ذات اهمية خاصة ؟
يجيب الاهالي والفاعلين المحليين بأنها ستسهل تنقل عشرات الاف المواطنين، فضلا عن أنها خطوة أولى وأساسية في بدء أي تنمية اقتصادية عبر جلب استثمارات مستقبلا لهذه المنطقة. لكن ما دفعنا أكثر لعمل هذا الربورتاج هو ظهور عيوب في الطريق بعد أسابيع قليلة من إصلاحها من طرف شركة وطنية معروفة الأمر الذي أثار حفيظة حقوقيون و دفعهم للاحتجاج والمطالبة بالتحقيق بـ”شبهات تبديد أموال عمومية و فساد و استغلال نفوذ”.

بالكاد صدقت ساكنة منطقة تاهلة والزراردة بإقليم تازة أن الأشغال قد بدأت بالفعل أخيرا لإصلاح وتوسعة الطريق الاقليمية رقم 5407 بعد طول انتظار دام لسنوات عديدة لم يتم فيها الوفاء بوعود كثيرة وبعد خوض احتجاجات على مدار أكثر من عقد من الزمن وصلت ذروتها سنة 2017 حينما اعتصمت ساكنة الزراردة ما يقارب الشهرين في مقر الجماعة القروية للزراردة قبل أن تفك السلطة، عن طريق تدخل أمني للقوات العمومية، اعتصامهم أياما قليلة قبل عيد الأضحى، وكانت أبرز مطالبهم، حسب وصفهم، حقوق بسيطة كالماء و الكهرباء و الطرق وخاصة إصلاح الطريق المذكورة، إذ كانت الآمال معقودة أن يشكل إصلاح الطريق الحيوية التي تربط بين إقليمي تازة و صفرو و تحديدا بين المركزين الحضريين تاهلة و رباط الخير(اهرممو) عبر جماعتي الزراردة و ا الصميعة رافعة لتقوية البنية التحتية و منه بدء تنمية المنطقة التي يقول اهاليها انها مهمشة.

لكن بالكاد مرت ثلاثة أشهر على إصلاحها وحتى قبل تسليمها الرسمي، ظهرت فيها عدة عيوب و اختلالات تقنية كثيرة على جوانبها، و حتى وسطها، تمثلت في حفر كبيرة نسبيا تحولت إلى برك مائية مع نزول الأمطار، كما تآكل الاسفلت ليظهر مكانه التراب في العديد من الأماكن على طول الطريق وكان واضحا للعيان أن جودة التزفيت و الإصلاح ككل رديئة جدا.

استنكر العديد من المواطنين ما وصفوه بالفضيحة التي بدأت المقاولة المكلفة بدرئها بالترقيع، وعبروا عن غضبهم واحتجاجهم في وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق رصد الخروقات وتوثيقها بالصور، ثم نشرها قبل أن ينظم أرباب سيارات الأجرة و نشطاء وقفات احتجاجية دعوا فيها إلى إصلاح فعلي للطريق كونها كلها بها اختلالات لن ينفع معها الترقيع الذي باشرته المقاولة، و الذي أكد الأهالي رفضهم له بإلصاق عبارة “لا لترقيع الطريق الإقليمية رقم 5407” في سيارات الأجرة والسيارات الخاصة وكذلك المحلات التجارية.

يصف علي بوزردة – وهو من بين المحتجين- حالة الطريق بكلمة واحدة، “إنها فضيحة”، قبل أن يسترسل موضحا بأن “جودة الإصلاح و التزفيت ضعيفة جدا و شابتها عيوب واختلالات تقنية واضحة للجميع، وهذا لا يليق بشركة معروفة وطنيا كشركة بيوي للاشغال، (شركة تابعة لرئيس مجلس جهة الشرق، عبد النبي بيوي) وأن هذا الأمر يعزز شبهة تبديد أموال عمومية يجب التحقيق فيها، خاصة إذا علمنا أن قيمة الصفقة تصل لأكثر من ثلاثة وثلاثين مليون درهم”.

من جهتها؛ طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع تاهلة، بـ”فتح تحقيق نزيه لمعرفة المسؤولين عن الخروقات التي شابت إصلاح الطريق و محاسبتهم”، رافضة بدورها “منطق الترقيع”. كما طلبت فعاليات من المجتمع المدني – التي ترافعت بدورها لدى الجهات المعنية لإصلاح الطريق-(طلبت) في رسالة للوزير الوصي، عقد لقاء معها للتداول في ما آلت إليه الطريق المذكورة و توجت بلقاء مع الكاتب العام للوزارة والذي أقر- حسب ما نقله إدريس المؤدب، أحد المشاركين في اللقاء- أن “هناك عيوبا بالفعل في عمل المقاول بحسب التقرير الذي رفعه المختبر و أنه تم تنبيهه لذلك ويعمل على إصلاحها”.

ورغم أن السلطة ومديرية التجهيز الإقليميين يؤكدان أنهما لن يتساهلا في أي خرق لدفتر التحملات عند تسليم المقاول للمشروع إلا أن كثيرين يتخوفون أن يشكل ثقل الشركة المعروفة وكذلك نفوذ وعلاقات مالكها في إنهاء و تسليم الطريق بشكلها الحالي مع بعض الترقيعات هنا وهناك.

التقنية المعتمدة في إنجاز المشروع في الأصل غير ذات جدوى

مقاربة تقنية مغايرة قدمها حسن قرطيط -فاعل مدني بتاهلة- حيث يرى أن “التقنية المعتمدة في إنجاز المشروع في الأصل غير ذات جدوى و أنها تبذير للمال العام حسب التجربة و المؤشرات، و يحمل المسؤولية لمديرية التجهيز طالما لم تقم بإثبات جدوى التقنية المعتمدة وهي تقنية البيكوش ( bi-couche) التي تستعمل عادة في تشييد الطرق ذات حركة المرور الخفيفة ( trafic routier faible ). أما الطريق التي نحن بصددها فهي تربط مركزيين حضريين، تاهلة أكثر من 30 ألف نسمة واهرمومو أكثر من 22 ألف نسمة، فضلا عن الساكنة المجاورة للطريق ولكونها أيضا تربط بين إقليمي صفرو وتازة.

و يضيف في تدوينة له “أنه من المفترض أن دراسة المشروع قامت بقياس حركة المرور، فما هي الأرقام التي قدمتها هذه الدراسة بخصوص المعدل اليومي لمرور السيارات، بمختلف حمولاتها، بهذه الطريق؟ وماهي الأرقام المتوقعة، وهذا هو الأهم، بعد إنجازها؟ هل هذه الأرقام دون الحد الأقصى المسموح به بالطرق المنجزة بهذه التقنية أم تتجاوز هذا الحد؟ هناك معطى آخر محدد لجدوى هذه التقنية من عدمها هو تواجد مجموعة من مقالع الرمال بمحيط هذه الطريق، عندما يرتفع الطلب على الرمال ( كإنجاز مشروع كبير بالمنطقة مثلا) سيتم تخريب هذه الطريق بواسطة ناقلات الرمال في بضعة أسابيع.”

وساق مثالا على ذلك بإصلاح نفس الطريق في منتصف التسعينات بنفس التقنية، البيكوش، و التي اختفت قبل استكمال 10 سنوات من إصلاحها. لعل تشييد الطريق السيار بين فاس وتازة عجل بتخريبها كليا بالمرور اليومي للشاحنات الثقيلة من وإلى مقالع الرمال.

و طالب بالمقابل بإصلاح فعلي للطريق باعتماد تقنية النيلو أو الفينيسور Finisher أسوة بالطرق الرابطة بين المراكز الحضرية المماثلة لتاهلة و هرمومو بربوع الوطن.

ما زال الاهالي خاصة في جماعة الزراردة يحتجون بكل الطرق الممكنة وكلهم أمل أن يجد صراخهم آذانا صاغية من لدن الجهات المسؤولة قبل فوات الآوان لمحاولة انقاذ مشروع إصلاح الطريق الإقليمية رقم 5407 ،ويستجيب للمعايير المتعارف عليها .

تجدر الإشارة في الأخير إلى أن المقاولة المكلفة بتأهيل الطريق هي بيوي للاشغال المملوكة لشخصية عمومية تشغل منصب رئيس مجلس الجهة الشرقية، وهوعبد النبي بيو، و التي كانت تفوز بحصة الأسد من الصفقات و المملوكة لرئيس مجلس الجهة الشرقية، قبل أن تدينه المحكمة العام الماضي بتهمة تبديد واختلاس أموال عامة والتزوير كما رصد تقرير سابق لمجلس الحسابات في جماعة وجدة خروقات في عدة مجالات منها تزفيت الطرق.

 

 

 

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
طائر الفينيق
المعلق(ة)
24 فبراير 2021 22:55

هناك عيوب مردها جودة tout venant التي تحتوي على نسبة كبيرة من الحبيبات الدقيقة( les fines) مما يجعل المختبر المشرف على مراقبة جودة المواد المستعملة في قفص الاتهام كذلك

متتبع
المعلق(ة)
23 فبراير 2021 21:45

Si le marché prévoit une route èn bicouche ce n est pas la faute de la société mais de l étude du marché

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x