وجه مجموعة من الفاعلين المتتبعين للشأن السياسي والتربوي في البلاد انتقادات لاذعة لوزير التربية والتعليم الناطق الرسمي باسم الحكومة سعيد أمزازي، على خلفية قرار تسمية مدرسة للتعليم الابتدائي باسم الإعلامي بالقناة الثانية الراحل صلاح الدين الغماري، فهناك من اعتبرها “إساءة للغماري”، وآخرون اعتبروها “محاولة للركوب السياسي على سمعة الراحل”.
الغماري لم يكن رجل تعليم
وقال يحيى اليحياوي،أساذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن الغماري “لم يكن رجل تعليم تخرجت على يديه الأجيال، ولا استشهدت الكتب المدرسية بنصوص ألفها، تستوجب تذكير التلاميذ بفضله، من خلال إطلاق اسمه على مؤسسة تأتمن على قيم النشء”.
موردا أنه .”من الجائز أن يطلق اسم الغماري على مدرج بإحدى معاهد التكوين الصحفي مثلا، ولكن الراحل لم يطبع المشهد الإعلامي بأعمال كبرى تستوجب إطلاق اسمه على مدرج”.
“وإلا لباتت مدرجات المعاهد بعدد خريجيها الذين رحلوا، أو بعدد من يطلون علينا يوميا من على استوديوهات التلفزيون أو محطات الإذاعة، ولا زالوا ينتظرون”، معتبرا أن “عملية تغيير اسم المدرسة أمر غير سليم في حد ذاته، إذ أيا ما تكن التسمية القديمة، فلها حرمتها هي الأخرى، ولها رمزيتها وبها جزء من الذاكرة”.
لماذا العجلة في التسمية؟
وتساءل اليحياوي، في تدوينة على حسابه الفيسبوكي، عن “سبب إطلاق التسمية في هذا الوقت بالتحديد؟، والرجل لم يمض على مماته إلا بضعة شهور؟، ما الحكمة؟ ما الرسالة؟ هل ثمة من داع واحد، واحد فقط، يبرر العجلة في إطلاق اسم الرجل، فيما لم يتم الانتباه لعشرات من الكبار قضوا، ولم يلتفت لهم أحد، لا بل تم التنكر لهم بالجملة والتفصيل؟”.
وتابع المتحدث نفسه يطرح تساؤلاته قائلا: “ألم يكن من الأسلم والأكثر قبولا إطلاق اسمه على أحد استوديوهات القناة الثانية مثلا حيث كان يعمل، أو على فوج من مدارس التكوين الصحفي؟”.
أساؤوا للغماري من حيث لم يحتسبوا
وخلص المتحدث نفسه، إلى أنه “ليس بصدد التحامل على سيرة رجل كان وقضى، ولكن لأقول فقط بأن الذين أرادوا تكريم الراحل، لا يعرفون معنى التكريم، فإذا بهم عوض أن يكرموه، أساءوا إليه من حيث لم يحتسبوا”.
توظيف سمعة الغماري للركوب السياسي
من جانبه قال الفاعل النقابي والتربوي عبد الوهاب السحيمي “اتركوا المرحوم صلاح الدين الغماري فالتيقار. اتركوه يرقد في قبره بسلام”، مؤكدا “نحن مع تسمية المؤسسات التعليمية وغيرها باسمه، لكننا ضد توظيف اسمه وسمعته الطيبة للركوب السياسي ولتحقيق النقاط الانتخابية”.
منابر تنفخ الشخصيات
وأضاف السحيمي في انتقاده لما قام به أمزازي “ملي تتنفخك بعض المنابر الإعلامية المحسوبة على مجموعة معروفة، و تتولي تعتاقد انك بوحد مضوي البلاد، والكارثة أن بعض هذه المنابر منحتك صفة شخصية السنة وعندما نبحث عن الانجازات التي بناء عليها مُنِحْت هذه الصفة، لا نجد إلا الأصفار والضباب، بدليل أن جميع الفئات التعليمية مُقبلة على إضرابات مفتوحة شهر مارس المقبل”.
“ستقول هذه المنابر الاعلامية، أن الوزير استطاع ضمان استمرارية البيداغوجية في سنة صعبة. تنقول ليهم، البيداغوجية مستمرة في ليبيا اللي فيها الحرب، ومستمرة في تونس التي تعيش أزمة سياسية منذ أكثر من سنة، ومستمرة في الجزائر حيث الحراك وكورونا والرئيس مريض في ألمانيا، ومستمرة في موريتانيا”، يقول السحيمي مستدركا “يعني، لا يمكن أن نعتبر أن مجرد استمرار البيداغوجية انجازا، راه السؤال الحقيقي، هو بأي طريقة وبأي شكل وبأي مستوى البيداغوحيا مستمرة في المغرب؟”
وتابع المتحدث نفسه، متسائلا بلهجة عامية متهكمة: “واش البيداغوحيا مستمرة بالتعليم بالتناوب حيث المتعلم يدرس فقط نصف زمنه المدرسب؟ أم مستمرة بالتعلم الذاتي اللي في التلفزة؟ أم بالتعليم عن بعد اللي لم يعد يصدق وجوده حتى الوزير نفسه؟”.
وأردف أن “هناك من سيقول ما المعمول؟ شنو ممكن يدير الوزير راه الجائحة هادي والظروف صعبة؟”، ليجيب السحيمي “غادي نقول ليه، هاد الكلام كان ممكن نتفهموه خلال أشهر مارس وأبريل وماي من السنة المنصرمة، أما اليوم وقد مرت حوالي سنة من ظهور أول حالة كورونا في المغرب، لم يعد هناك أي مجال لمثل هذه المبررات”.
غياب إجراءات ملموسة لأمزازي
وطالب السحيمي في تديونته الفيسبوكية من متابعيه، أن يعطوه إجراءا ماديا وحيدا لأمزازي بقوله “أنا بغيتكم تعطيوني غير اجراء مادي وحيد، يعني ملموس على الأرض، داروا الوزير منذ تعليق الدراسة يوم 16 مارس 2020”.
وأضاف “ما سمته الوزارة التعليم عن بعد صرفت عليه الأسر والأساتذة، إجراءات آخر السنة تجند إليها جميع الأساتذة، الدخول المدرسي أنجحه عموم الأساتذة والإداريين.، عطيوني إجراء وحيد دارو الوزير كل هذه المدة”.
عطايا الوزير أمزازي
واسترسل المتحدث نفسه “اه نسيت، عطانا الوزير البلاغات والتصريحات والإكثار في ترديد عبارة: الوزارة قامت بعدد من الاجراءات، عطانا الوزير العصا في اليوم العالمي للمدرس، نعم عطانا العصا لان المكان الذي عُنفنا فيه محسوب على الوزارة و لا يمكن دخول عناصر القوة العمومية إليه دون إذن من الوزير شخصيا”.
وتابع السحيمي قوله “عطانا الوزير تصريحات أعلن عبرها تنصله من كل الاتفاقات التي أبرمتها وزارته مع النقابات ومع الفئات المتضررة، عطانا الوزير قرارات همت الاقتطاع القياسي من أجورنا الشهرية، عطانا الوزير اجراءات همت اقبار الحوار القطاعي والتنصل من كل الوعود والاتفاقات بعد جهود كبيرة جدا قام بها الاساتذة لانجاح موسمين دراسيين في ظروف تعتبر الأصعب في تاريخ الانسانية”.
وكان وزير التربية والتعليم سعيد أمزازي، قد أشرف، مساء يوم الثلاثاء 23 فبراير الجاري، على إزاحة الستار عن التسمية الجديدة لمدرسة الإسماعيلية الابتدائية بمكناس؛ ليصبح اسمها “مدرسة صلاح الدين الغماري الابتدائية”؛ واعتبرت الوزارة أن هذه التسمية “تذكار واعتراف وتقدير للمسيرة المهنية لهذا الصحفي؛ كواحد من الشخصيات التي ساهمت في إثراء الحقل الإعلامي ببلادنا”.
من المعلوم أن وزارة التربية والتعليم وزارة سيادية ،لاتختلف عن أم الوزارات،بل تسير في ركبها وتحت امرتها،اذ تجعل من المقاربة الامنية منهجا تتبعه لاقبار ماتبقى من المدرسة العمومية،فمختلف ما سمي بالاصلاحات التي أعلنت عنها هذه الوزارة كان مٱلها الفشل الدريع ،بدأ بعملية”التعريب”،وماتبعها من “ترقيعات” ،بعيدة عن الواقع التربوي المغربي(المخطط الاستعجالي_الرؤيا الاستراتيجية_مدرسة النجاح_برنامج”جيني”_برنامج “تيسير”_العناية بفضاء المؤسسات_فرنسة المسالك العلمية_…وجميع هذه ” الرتوشات”صرفت من أجلها الملايير تلو أخرى،دون حسيب أو رقيب ،وغلبت عليها الارتجالية،وخدمة المصالح الشخصية عن طريق تمرير صفقات التمويل ل”الاصدقاء وذوي النفوذ”،
والوزير الحالي ،لايختلف في ضعف الاداء عن باقي الوزراء الذين تعاقبوا ،غير أن فترته اتسمت بكثرة الاضرابات،وجائحة كورونا،وتراجع تحقيق مطالب الشغيلة التعليمية ،مما زاد من استفحال الازمة وتراكم الاشكاليات،وللنهوض بهذا لابد من ايجاد حلول فعلية لها،والقطع مع المقاربة الامنية…