2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما هو مآل هذه الملفات الحارقة التي فجرها جطو؟

استقبل عاهل البلاد الملك محمد السادس بالقصر الملكي بفاس أمس الإثنين 22 مارس الجاري، زينب العدوي؛ التي كانت تشغل منصب الوالي المفتش العام للإدارة الترابية منذ يونيو 2017، وعينها في منصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.
تعيين العدوي، جاء خلفا لادريس جطو الذي ترأس المجلس منذ سنة 2012، مكان أحمد الميداوي الذي شغل منصب رئاسة المؤسسة الدستورية المعنية بـ”المساهمة الفعالة في عقلنة تدبير الأموال العامة” منذ فبراير 2003. فمن يكون ادريس جطو؟
فارس كبير
الكثير من المغاربة يعرفون إدريس جطو بـ”الفارس الكبير”، بعدما تم توشيحه من طرف عاهل البلاد بوسام العرش من درجة “فارس كبير”، وهو الذي ولد بالجديدة سنة 1945، وتخرج من جامعة محمد الخامس بمدينة الرباط بشهادة في العلوم الفيزيائية والكيميائية. وأحرز شهادة في التسيير من جامعة كوردوينرز في لندن. قبل أن يعين وزيراً للتجارة والصناعة سنة 1993، ثم وزيراً للتجارة الخارجية سنة 1994 ووزيرا للمالية سنة 1997.
في بداية العشرية الأولى من هذا القرن، عين رئيسا للمكتب الشريف للفوسفاط وتحديدا سنة 2001، قبل أن يعينه الملك محمد السادس وبشكل مفاجئ وزيرا أولا لحكومة ما بعد انتخابات 2002. لكن نجم الرجل سطع أكثر عند توليه رئاسة المجلس الأعلى للحسابات، حيث أن تقاريره استهدفت الجميع، و”لا تميز بين وزير فوق العادة أو مؤسسة مقربة من دوائر القرار”، وأبرزها استهدفت الوزير عزيز أخنوش. ما هي هذه التقارير؟
صفقة لقحات ياسمينة بادو
أول فضيحة فجرها المجلس الاعلى للحسابات وأثارت نقاشا واسعا خلال سنة 2014، هي ما يعرف بـ”فضيحة صفقة لقحات ياسمينة بادو”، حيث كشف المجلس اختلالات وخروقات كبيرة في كثير من الصفقات التي أجرتها ياسمينة سنة 2010، عندما كانت وزيرة للصحة في عهد حكومة عباس الفاسي.
وأفاد تقرير قضاة جطو، أن “بادو كلفت خزينة الدولة 425 مليون درهم سنويا، من أجل اقتناء لقاحين جديدين، ضد البنومكوك والروطفيروس، في البرنامج الوطني للتلقيح على مستوى المستشفيات العمومية، اللذان كان في غنى عنهما”، مشيرا إلى أن “اقتناء اللقاحين تم على حساب الاعتمادات المخصصة للمؤسسات الصحية، مما تسبب في آثار مالية مهمة على الحساب المرصود لأمور خصوصية للصيدلة”.
هذا التقرير كان قد أثار الكثير من المداد وشكل فضيحة سياسية حزب الاستقلال، خاصة أن المجلس الأعلى للحسابات أعاب على الوزيرة ياسمينة بادو، عدم إتباع المسطرة الجاري بها العمل من أجل اقتناء اللقاحات، ولم تستشر اللجنة التقنية والعلمية الوطنية للقاحات التي تتكون من أساتذة وأطباء ومن كبار مسؤولي وزارة الصحة.
الزلزال السياسي
ولعل أبرز حدث خلال مسيرة إدريس جطو، حسب المتتبعين للشأن السياسي المغربي، هو إعفاء الملك محمد السادس لمجموعة من الوزراء في حكومة عبد الإله بن كيران، بسبب تقرير أعده المجلس الأعلى للحسابات يتضمن نتائج وخلاصات حول برنامج الحسيمة منارة المتوسط.
وبسبب التقرير المذكور، أعلن عاهل البلاد عدم رضاه على عدد من المسؤولين في الحكومة السابقة “لإخلالهم بالثقة التي وضعها فيهم ولعدم تحملهم لمسؤولياتهم”، مؤكدا أنه “لن يتم إسناد أي مهمة رسمية لهم مستقبلا”.
وعلى خلفية تقرير جطو، تم إعفاء كل من رشيد بلمختار، بصفته وزير التربية الوطنية والتكوين المهني سابقا، ولحسن حداد بصفته وزير السياحة سابقا، ولحسن السكوري بصفته وزير الشباب والرياضة سابقا، ومحمد أمين الصبيحي بصفته وزير الثقافة سابقا، وحكيمة الحيطي كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالبيئة سابقا.
فضيحة مالية الأحزاب السياسية
وفي سنة 2017، فجر المجلس الاعلى للحسابات المسكوت عنه في مالية الأحزاب، حين أصدر ثلاثة تقارير، يهم الأول تدقيق حسابات الأحزاب وفحص نفقاتها في إطار الدعم الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها خلال 2015، وخص التقرير الثاني فحص مستندات الإثبات المتعلقة بصرف المبالغ التي تسلمتها الأحزاب والمنظمات النقابية في إطار مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية سنة 2015، أما التقرير الثالث، فيتعلق ببحث جرد مصاريف المرشحين الخاصة بحملاتهم الانتخابية والوثائق المثبتة لمناسبة الاقتراع ذاته.
وكشف التقرير أن الأحزاب استفادت من مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية بمبلغ قدره 250 مليون درهم في انتخابات 4 شتنبر الجماعية والجهوية، و30 مليون درهم في انتخابات 2 أكتوبر لمجلس المستشارين. مؤكدا أن ثمانية أحزاب لم تقدم ما يثبت إرجاعها إلى الخزينة العامة المبالغ غير المستحقة، في إطار مساهمة الدولة في تمويل حملاتها في انتخابات 4 شتنبر 2015، ويتعلق الأمر بـ 4.475 ملايين درهم.
ووجه المجلس الاعلى للحسابات حينئد، ملاحظات إلى مسؤولي الأحزاب والنقابات لإرجاع مبلغ 19 مليون درهم إلى الخزينة العامة، أو تسوية الوضعية داخل أجل 30 يوم من تاريخ التبليغ، إذ أرجع بعضها 10 ملايين درهم، فيما لم يتم استرجاع 9 ملايين درهم المتبقية.
اختلالات “المغرب الاخضر”
تبعا لذلك, أحدث التقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات سنة 2018، ضجة في المغرب وتناقلتها صحف وقنوات دولية، خاصة أنها كشفت “اختلالات كثيرة” في المخطط الذي يشرف عليه وزير الفلاحة والصيد البحري؛ عزيز أخنوش، الذي يقدم نفسه مشروع رئيس الحكومة المقبل، ووقف التقرير على مجموعة من التعثرات.
وكشف التقرير المذكور، “اختلالات” برنامج المغرب الأخضر؛ وعلى رأسها غياب تصور لتدبير المخاطر، و”اختلالات” برامج فلاحية رصدت لها وزارة أخنوش الملايين، إلا أنها فشلت ولم تحقق أهدافها، وأثقلت كاهل الفلاحين المنخرطين فيها.
حزب الأحرار لم يجد بدا أمام هذا التقرير الذي أصدره جطو، إلا اعتماد سياسة الهروب إلى الأمام، معتبرا التقرير “استغلالا سياسيا لعمل المؤسسات الدستورية”، مشددا في بلاغ سابقا له أن أخنوش يتعرض “لهجمة مغرضة، في استغلال بئيس لجزء من مضامين تقرير المجلس الأعلى للحسابات”.
مخطط “أليوتيس”
ومن الأمور الذي أثارت ضجة واسعة بخصوص تقارير المجلس الأعلى للحسابات، حديثه على مخطط الصيد البحري “أليوتيس” الذي يشرف عليه الوزير أخنوش رئيس حزب “الحمامة”، خاصة أنه وقف على مجموعة من “الخروقات” أبرزها عدم تحديد الغلاف المالي الإجمالي بدقة، ولا الميزانيات المخصصة ومصادر تمويل المشاريع المبرمجة، كما لم يتضمن أي برمجة لتنفيذ المشاريع.
كما سجل المجلس الأعلى للحسابات ضعف نسبة إنجاز المشاريع المهيكلة بالمخطط المذكور، وبطء تحقيق بعض الأهداف الإستراتيجية، منها حجم حصة المغرب في السوق الدولية، وإنتاج تربية الأحياء البحرية، وكذا استهلاك المنتجات البحرية داخليا، إلى جانب نقص في الموارد البشرية والمعدات العلمية المخصصة للبحث في مجال الصيد البحري.
ملاحظات مجلس جطو، أخرجت حينئذ الوزير أخنوش عن صمته، حيث قال في كلمة له خلال جلسة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، “أنا مستعد أن أحاسب، فالصيد البحري بخير”، مضيفا: “ما كاينش الريع في مخطط أليوتيس”، والمغرب يصدر ثروته السمكية لحوالي 134 دولة أجنبية، ما يجعل “أليوتيس” من أنجح المخططات التي أعطت نتائج كبيرة”.
مكتب “أونسا”
ويعتبر موضوع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا”، الذي فضح مجلس جطو عددا من اختلالاته، من بين المواضيع التي أثارت اهتمام المغاربة، خاصة أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات أكدت أن “أونسا” لا تراقب الكثير من المنتجاب التي يستهلكها المغاربة رغم خطورة المخالفات المسجلة.
وسجل قضاة المجلس الأعلى للحسابات حينئذ، أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) يفتقر لآليات الاشتغال والموارد البشرية خاصة البيطريين بسبب التقاعد، إلى جانب قلة عدد المفتشين، مشيرا إلى أن المكتب لا يغطي مراقبة الدواجن ٪20، ما يعني أن ٪80 تباع للمواطنين عبر القطاع غير المهيكل، ما جعل مستوى المخاطر الصحية مرتفعا، إذ تم إحصاء 15 ألف مجزرة تقليدية، بدون تفتيش بيطري، واستعمال معدات قديمة لا تتوفر فيها شروط النظافة أثناء الذبح.
أمام هذه المعطيات، خرج الوزير أخنوش في جلسة عمومية لمجلس النواب، ليؤكد أن مصالح وزارته تُراقب جميع المنتجات الفلاحية الموجهة إلى الأسواق الداخلية والخارجية، مشيرا إلى أن المراقبة تشمل جميع الخضروات الموجهة إلى الاستهلاك الوطني وليس فقط المصدرة كما يُروج البعض لذلك، في إشارة منه إلى مجلس جطو.
أما بعد ..
الملفات المذكورة كلها شكلت موضوع نقاش واسع في المغرب، بل إن بعضها استأثر باهتمام المواطنين والاعلام الوطني والدولي لأسابيع، وجعلت إدريس جطو فزاعة ترهب كل المتلاعبين والمختلسين للمال العام في مختلف المؤسسات العمومية الوطنية.
ومن خلال ما سبق، يتضح أن المجلس الأعلى للحسابات في عهد إدريس جطو، قام بدوره في فضح عدد من الملفات الحارقة والتي جعلت أحزابا ورؤساء أحزاب ووزراء في قصف الاتهام، ويبقى الدور على المؤسسات المعنية في متابعة الاشخاص والهيئات التي تورطت في اختلاس أو تبديد الأموال العمومية.
إلى هنا ينتهي مسار إدريس جطو على رأس المجلس الأعلى للحسابات، ويأتي الدور على زينب العدوي، فهل سيستعين المغرب بتجربة وكفاءة جطو الذي يعرف بـ”رجل الدولة بامتياز”؟ أم أن مساره انتهى بعد سنوات من خدمة المغرب من مناصب مختلفة؟
بالضبط…وهذا ما يقوله الكثيرون…لا فائدة من عبارات طنانة مثل:”ملفات حارقة”و”زلزال بوزارة الداخلية يشمل اعفاءات وإعادة تعيين وتعيين”الى غير ذلك من العناوين التي توحي بشيء ما لكنه في الواقع مجرد كلام للاستهلاك..فأغلب كبار الفاسدين وناهبي المال العام لم يطلهم القانون،فبعضهم تم العفو عنه وبعضهم الآخر تم”تطويل”أمد التحقيق حتى خرجوا من:”المتابعات”سالمين ليستمتعوا بما نهبوه…مقابل ذلك يتم تطبيق القانون ويصرامة لافتة في حق الصغار..ليس هناك نية حقيقية لمعاقبة الفاسدين وناهبي المال العام والمتهربين من الضرائب..الخ.. ومهما قيل ويقال عن مجلس الحسابات وهيأة محاربة الرشوة وعمل المفتشيات العامة لمختلف الوزارات…الخ…فكل ذلك لا قيمة له على أرض الواقع…مؤخرا تم التركيز على ما قام به أحد أعوان السلطة ضد المتعاقدين،ولا أحد أشار إلى رؤساء هذا العون ولو بكلمة واحدة رغم ان هذا العون كان بجواره أكثر من رجل سلطة وغيره من مسؤولي الأمن والقوات المساعدة…فنحن نعلم جيدا ان اعوان السلطة ينفذون أوامر رؤسائهم..لكن هؤلاء الرؤساء دائما:”أبرياء”… على هذا فإن عمل السيدة رئيسة المجلس الأعلى للحسابات لن تكون له فائدة تذكر بحكم منظومة الريع التي تنخر بلدنا من القاعدة الى القمة ويديرها لوبي قوي يمسك بيديه مفاصل القرار بالدولة ليحمي بها جميع الريعيين…وإذا ما تمت متابعة أحدهم فلأجل ذر الرماد بالعيون فقط:عيون المغفلين والجاهلين ولفت انتباه المستفيدين…لك الله يا وطني…
وما فائدة هده التقارير الورقية إلا جعجعة بدون طحين،هاهي يسمينة بادو تتمتع هي وزوجها في أحياء باريس و بشقتين تسكن إحداهما وتكتري الأخرى