لماذا وإلى أين ؟

أين اختفت المدينة الصناعية التي وعد بها العماري المغاربة؟

مع اقتراب موعد كل استحقاقات انتخابية في المغرب، يطلق المرشحون عددا من الوعود التي يلتزمون بها أمام المواطنين، أملا في إقناعهم من أجل منحهم أصواتهم يوم الإقتراع. إلا أن أغلب هؤلاء المرشحين يتخلون عن مجمل تلك الوعود عندما يصبحون منتخبين. وهو الأمر الذي أسهم في نفور المواطنين من العمل الحزبي والسياسي؛ حيث يعتقدون أن الجميع “شفار” و”كذاب”.

الخطير فيما سبق، هو أن تكون الوعود الكاذبة آلية تعتمدها قيادة الأحزاب السياسية وممن يطلق عليهم “النخبة السياسية” من أجل إقناع المواطنين في الإنتخابات. ونحن على بعد أشهر قليلة من استحقاقات انتخابية جديدة، نستحضر ما حدث قبيل انتخابات 2016، عندما نسب الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة؛ إلياس العماري، مشروعا حكوميا ضخما لنفسه وعزم أنه “سيغير حياة ساكنة الألاف من المغاربة.

العماري والبروباكاندا

في بداية شهر ماي من سنة 2016، أعلن الأمين العام لحزب “البام” حينئذ؛ إلياس العماري، بصفته رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة؛ من العاصمة الصينية بكين، توقيع اتفاقية لإنشاء مشروع اقتصادي ضخم يوفر 300 ألف منصب شغل، مشددا على أنه هو من “أقنع المستثمرين الصينيين بالاستثمار في جهة الشمال”.

وهنا نتحدث عن المدينة الصناعية “محمد السادس طنجة تيك”، التي كان من المفترض أن يتم إنشاؤها على مستوى جماعة العوامة بجنوب مدينة طنجة، والتي استخدمها العماري كـ”آلية لاستمالة الناخبين بجهة الشمال خاصة والمغرب عامة، وإبراز نفسه أنه السياسي الوحيد القادر على استقطاب الإستثمارات الخارجية بحكم علاقته المشعبة”، واعتمدها وسيلة للدعاية الإنتخابية لهزم بن كيران.

صراع انتخابي

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سنة 2016؛ عبد الإله بن كيران، التقط الإشارة وفهم بأن العماري يستغل مشروع المدينة الصناعية بطنجة انتخابيا، لذلك حاول تكذيب كل تصريحاته، حيث قال بن كيران في لقاء سابق ببيت الصحافة بطنجة إن هذا المشروع هو مشروع الحكومة، وهي من أعدته وسهرت عليه، مكذبا بذلك الرواية التي قدمها العماري، الذي سبق له أن صرح بأنه هو من أقنع المستثمرين الصينيين بالاستثمار في جهة الشمال.

وكشف بن كيران أن هذا المشروع كان مبرمجا في الأصل بمدينة آسفي، قبل أن يتم تنقيله إلى مدينة طنجة، معتبرا أن تسويق عودة الفضل إلى إلياس العماري في جلبه، أمر مثير للاستغراب، مستغربا حضور العماري الذي يحسبه من “الدولة العميقة” وتوقيعه على الإتفاقية المندرجة ضمن 15 إتفاقية مع الصين أمام أنظار الملك.

مصير المشروع؟

لا يمكن لأي مغربي غيور على وطنه أن لا تنشرح نفسه وهو يستمع لخطابات العماري آنذاك حول المدينة الصناعية، حيث وعد بتوظيف 300 ألف مواطن في المشروع الذي كان من المفترض أن يكلف مبلغ 10 مليارات دولار ويقام على أرض مساحتها 1200 هكتارا. لكن بعد اختفاء إلياس إختفى المشروع كذلك، فأين وصل المشروع اليوم؟

رئيسة جهة طنجة تطوان الحسيمة؛ فاطمة الحساني، عن حزب “الجرار”، برأت الأمين العام السابق للحزب، قائلة “هذا مشروع الدولة والجهة تحتضنه ترابيا، مضيفة “الأمر بالعكس على قدم وساق، ماشية مزيان، ماعنديش بزاف ديال التفاصيل لكن زعما الأمور جد متقدمة مع الصينيين”، دون أن تكشف عن نسبة الإنجاز أو تفاصيل أخرى عن هذا المشروع الذي وصف سابقا بـ”الضخم”.

صورة لإعلان بداية الاشغال

 

ربط المسؤولية بالمحاسبة

المشروع الذي وقع مع دولة الصين، أثار على المستوى السياسي نقاشا واسعا قبيل الاستحقاقات الإنتخابية لسنة 2016 و”سخن الطرح” كما يقول المغاربة. وعلى المستوى الإقتصادي علق عليه آلاف المغاربة آمالا كبيرة، لأنه كان يُنتظر أن يوفر 300 ألف منصب شغل، أما على المستوى الإجتماعي فقد اعتبره آلاف الشباب فرصة للإنعتاق من البطالة وركوب قوارب الموت نحو أوروبا.

وأمام المعطيات المذكورة أعلاه، تطرح أسئلة عدة حول مصير هذا المشروع “الضخم”، هل كان فعلا مشروعا “حقيقيا” يروم تشغيل آلاف المغاربة ؟ أم جاء كوسيلة لإبراز إلياس العماري رجلا للمرحلة في فترة الإنتخابات ؟ وإلا فأين هذا المشروع الضخم ونحن قبيل استحقاقات انتخابية جديدة ؟ وهل سيفعل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كما حدث في مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”؟ أم سيمر مرور الكرام؟

إلياس العماري مع الوفد الصيني

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
30 مارس 2021 13:52

العماري كان رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة!!
اصلا هذا موضوع للنقاش….
جهة طنجة …جهة وجب اعادة النظر في تزكية كل طبقتها السياسية،خصوصا مدينة طنجة!!
نحن نتكلم انطلاقا من معطيات مكرواقتصادية و اجتماعية تجعل من الجهة قاطرة للنمو، فكيف يعقل ان يولى تدبير شانها من هب و دب!!

ابراهيم
المعلق(ة)
30 مارس 2021 12:01

لتسحر مع الدراري تيصبح فاطر مثل شعبي مغربي قح ينطبق على العماري وامثاله. حسبي الله ونعم الوكيل.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x