كر وفر واعتقالات .. التفاصيل الكاملة ليوم “غضب المتعاقدين” (صور+فيديو)
في أجواء مشحونة بالاحتقان والغضب، شهدت شوارع العاصمة الرباط، الثلاثاء 6 أبريل الجاري، إنزالا أمنيا مكثفا، لفض احتجاجات “الأساتذة المتعاقدين” الذين حضروا من كافة ربوع المملكة، بالآلاف، لـ”المطالبة بالإدماج وإسقاط التعاقد” تزامنا مع خوضهم إضرابات عن العمل، دامت لأيام.
وبحسب ما رصدته “آشكاين” بالصور والفيديو، فقد كان هناك تمركز لعدد كبير من عناصر الشرطة بكل من باب الرواح، وشارع محمد الخامس، وشارع الحسن الثاني، وساحة باب الأحد، لفض الاحتجاجات، وسط شعارات رفعها المحتجون، للتعبير عن سلمية مظاهرتهم، وشعارات أخرى مطالبين فيها بفتح حوار اجتماعي معهم.
وأوضح محمد بولنوار، أستاذ وعضو لجنة الإعلام بالتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أن هناك “عددا من الأمور باتت مألوفة من طرف الأساتذة، كالمضايقات في الطريق مثلا، إذ تم منع عدد من الأساتذة من بلوغ مدينة الرباط” مشيرا “قوبل الشكل النضالي بالمنع في البداية، لكن ظل هناك صمود ولم ننسحب، كما تم منعنا من بلوغ ساحة البرلمان؛ وكان هناك عدد كبير من الإصابات، من بينها كسر يد أستاذ من مديرية خنيفرة”.
“اعتقالات بالجملة مست كذلك قيادات في التنسيقية الوطنية، منها من كانت أثناء الشكل النضالي، ومنها من تمت بعده، وهي غير مشروعة وغير مفهومة” يشير بولنوار في حديثه مع “آشكاين” معتبرا أن الأمر يُعد “استهدافا”، قبل أن يستفسر “علاش الاعتقال بعد انتهاء الاحتجاج، بكل ما فيه من إصابات واعتقالات، ما هو الجرم المُرتكب من طرف هؤلاء الأساتذة، ليتم اعتقالهم من الشارع العام، في الوقت الذي انتهى فيه الاحتجاج؛ وأزيد من ذلك هناك أساتذة تم مشاهدتهم لحظة اعتقالهم من طرف زملائهم، إلا أنه لا معلومات عن مراكز تواجدهم، ذهبنا لأغلب مراكز الأمن بالرباط، ويرفضون الإدلاء بأي معلومة”.
ويمضي بولنوار في حديثه مؤكدا على أنه “لا يعقل أن يظلوا مجهولي المصير، لا نعرف إذا ما تم إطلاق سراحهم أو استمرار اعتقالهم، هذا مشكل” ومشيرا أنه “ما بعد الفضيحة التي كانت في الإنزال الوطني أيام 16 و17 من الشهر المنصرم، كان على الدولة لزاما أن تنهج مقاربة أمنية أقل صرامة، لهذا فإن المنع اليوم لم يكن بتلك الشراسة، ربما السبب في الأمر هو الزخم الإعلامي السابق، والإساءة لصورة المغرب التي لم نكن نريدها، لكنها وقعت للأسف”.
ويختم بولنوار حديثه مع “آشكاين” بالقول إن “احتجاجاتنا سلمية، وكان من الممكن أن تتم الأمور بشكل عادي، ونتمنى من الدولة أن تمضي نحو الحوار البناء خدمة لهذا الوطن، وغايتنا ليست هي الاحتجاج بشكل دائم، نحن شباب في مقتبل العمر نطمح لمستقبل أفضل، ولأن نعيش حياتنا، ولكن الآن تُسرق أيام عمرنا في الاحتجاجات من أجل وظيفة، هي من حقنا دستوريا” مؤكدا “الحوار والتفاهم هو الحل في نهاية المطاف”.
الدولة تتعامل بمكيالين
وفي السياق ذاته، اعتبر عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن “احتجاجات المتحدث عنها يمكن النظر إليها في ثلاثة مستويات، المستوى الأولى إلى متى ستظل الدولة تتعامل بمكيالين فيما يتعلق بالوقفات الاحتجاجية، إذ يوم الأحد جمهور الوداد البيضاوي، خرج ولم يتكلم معهم أحد، واليوم تُقابل احتجاجات الأساتذة بهذا الشكل، ثم إن هذا التراجع الكبير المتعلق بالوقفات الاحتجاجية، بالرغم من تواجد حكم لمحكمة النقض يقر بأن الاحتجاجات السلمية لا تحتاج لترخيص ولا إذن، إذن اليوم هناك تراجع في هذا المكسب الحقوقي” مستفسرا “لماذا مدينة الرباط هي استثناء عن المغرب، والي الرباط كأنه يريد إغلاق جهة الرباط”.
ويزيد غالي في حديثه مع “آشكاين” أنه “للأسف التدخل الأمني اليوم كان همجيا”، حسب وصفه، مشيرا غلى أنه “كانت هناك أستاذة محمولة بطريقة مهينة جدا، كأستاذة أولا، وكامرأة وكإنسان، لم يعيروا اعتبارا لأي شيء، فحُملت كشاة؛ الأمر فيه أكثر من انتهاك حقوق الإنسان، تلك الطريقة من الحمل تُعتبر نوعا من التعذيب، إذ لا يمكن تصور نفسية تلك الأستاذة من بعد”، مشيرا ” لا مؤشرات للتغيير حاليا، وحاليا هناك تسعة أساتذة للآن غير معروفة أماكن تواجدهم، هم مخطوفين”.
“تفريق التظاهرات واستعمال القوة غير المتوازي، يُعتبر تعذيبا” يؤكد غالي مضيفا “كنت حاضرا في احتجاجات ولاحظت أن هناك تدخلات لرجال الأمن غير مناسبة، وكان هناك استعمال مفرط للقوة، وندين في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان استعمال العنف في تفريق المتظاهرين، وموقفنا في ذلك واضحا، وكان موضوع لقاء مع أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إذ لا يمكن التعامل مع المحتجين بتلك الطريقة، ولن نسمح بانتهاك الحق في التظاهر، والكيل بمكيالين إذ يُسمح للبعض باحتجاج، ويتم منع آخرين ممن لهم حقوقا مهضومة”.
قضية رأي عام
أما مصطفى الأسروتي، فاعل نقابي، فقد أكد في السياق ذاته أن “احتجاج الأساتذة هو حق مشروع يكفله الدستور، ولا نقاش في هذا الأمر، وملف الأساتذة بات قضية رأي عام” مشيرا أنه “من 2016 وهؤلاء الأساتذة يناضلون، ولم يملوا، ولم يكلوا بالرغم من نوعية التعاطي مع احتجاجاتهم بالرغم من كل ما حصل، الشيء الذي يوضح مشروعية مطالبهم”.
“التعليم قطاع حساس يستثمر في الرأس المال البشري” يزيد الأسروتي في حديثه مع “آشكاين” مؤكدا “إذا لم يكن الأستاذ مرتاح ومتوفر لديه الاستقرار المادي والمعنوي، فإن الأمر سينعكس على المنظومة التعليمية” مشيرا “نرى عددا من الاجتماعات واللقاءات للوزير سعيد أمزازي، في إطار تنزيل الرؤية الاستراتيجية وقانون الإطار، لكن مع الأسف، إن الركيزة الأساسية التي ستعمل على تنزيل هذه المشاريع، وهي الأساتذة، نرى ما يحصل لهم”.
“الوزير وكأنه غير موجود من هذه الاحتجاجات، والحكومة وكأنها غير موجودة أيضا” يمضي الأسروتي مردفا “الاحتجاجات كانت منظمة، وفيها رسائل واضحة، لكن مع كامل الأسف قوبلت تدخلات أمنية عنيفة، إذ كان هناك إنزال أمني من مختلف المعدات، واعتقالات عشوائية للأساتذة وتكديسهم في مخفر الأمن الصغير، في الوقت الذي نتحدث فيه عن الإجراءات الاحترازية، يعني هناك تناقض كبير في هذه المسألة”.
واستغرب الفاعل النقابي من كيفية تعاطي السلطات مع قرارات المنع، بالقول “المنع كأنه مرتبط بالوقفات الاحتجاجية، في الوقت الذي يُسمح فيه بالأنشطة الحزبية وغيرها، الشيء الذي يوضح أن هناك تضييق على الحركات الاحتجاجية والفئات المتضررة” مؤكدا أن “الطريقة التي يمضي المسؤولين وفقها، لن تؤدي إلى أي نتيجة، فقط ستؤدي للمزيد من الاحتقان، خاصة أن اليوم رأينا أنه لم يتركوهم يحتجون، ولا هم فظوا الاحتجاج، وكأن الأمن يساهم في العرقلة وتعميق المشكل، فيصبح هناك عرقلة للطرق، وكر وفر، واعتقالات”.
وعن الحل الذي يجب أن يكون فعالا لحل ملف “الأساتذة المتعاقدين” يؤكد الأسروتي أنه “الحوار” بالقول “يجب أن تجلس الوزارة الوصية على طاولة الحوار سواء مع النقابات أو مع الفئات المتضررة، والقادم في نظري لا يبشر بالخير، وستكون هناك احتجاجات أخرى، لأن الاستراتيجية التي تمضي وفقها الوزارة لا تطمئن”.
هل نقول سلام على المصالحة ؟؟ هل نحن على عتبة سنوات الجمر؟!