لماذا وإلى أين ؟

الكتاب المغربي .. أية آفاق في ظل “كورونا”

حسين عصيد

تسير اسبانيا في طريقها إلى تصدر الدول الأوروبية من مجال النشر، خاصة وأنها قد بلغت في متم عام 2019، أي في الفترة ما قبل انتشار وباء “كوفيد 19” نحو 90.073 عنوانا مسجلا، بزيادة 10.9% مقارنة بسنة 2018، وفقا للبيانات التي أعدتها وزارة الثقافة والرياضة مطلع هذا الأسبوع، وتقدم هذه مؤشرات تتعلق بالكتب المسجلة على مدار العام، مع الأخذ في الاعتبار أن “الكتاب” هو أي عمل علمي أو فني أو أدبي أو أي عمل آخر مطبوع أو مقدم بأي وسيلة أخرى مقروءة، وهو ما يُعادل ثلاثة أضعاف الكتب الصادرة عن جميع الدول العربية في تلك الفترة، لا يزيد عدد كتاب الثقافة العامة من هذه الإصدارات على 5 آلاف عنوان، في حين تحتل نصيب الأسد من عملية النشر هذه الكتب المدرسية والمطبوعات الحكومية، أما المغرب فلا يتحصل إلا على نصيب هزيل من هذه المطبوعات بنحو 4 آلاف عنوان في السنة.
لعل مجال الكتابة والنشر بالمغرب لا يعيش فقط أزمة قراءة، بل تطوقه أيضا أزمة شاملة تهمّ السياسات الثقافية، إلى إشكاليات الطباعة والنشر والتوزيع والقراءة، بسبب سياسات سابقة وتداعيات جائحة “كورونا”، فما مآل صناعة الكتاب بعد جائحة “كوفيد 19″؟

لم يُخفِ الكاتب العام السابق لاتحاد الناشرين المغاربة محمد أحمد المرادي تشاؤمه من الظروف التي يمر منها الكتاب المغربي منذ سنة 2020، جراء تأثر القطاع ككل بالجائحة، إلا أنه أكد رغم ذلك، في تصريح لجريدة “آشكاين” الإلكترونية، أن “كوفيد 19” لم يكن فقط الإشكالية الوحيدة التي عصفت بهذا القطاع خلال الألفية الجديدة، بل طالته مجموعة من المتغيرات سببها – على الخصوص – سيطرة جهات محددة على هذا القطاع، وتستفيد من الريع خارج وداخل الوطن، ما جعله يدخل في دوامة من العبث والفوضى منذ سنوات طويلة.

وقد أكد المرادي أن الفئة الريعية الأولى تحتكر قطاع النشر باللغة الفرنسية بالمغرب، وتتوصل بالدعم المباشر من فرنسا دون اعتمادها على قنوات وساطة مغربية، حيث تبقى تمويلاتها كما أرباحها مجهولة، ولا تدخل في أية بيانات ذات صلة بقطاع النشر بالمملكة. أما الثانية فاستفادت من الصحوة الإسلامية للدول السنية في مواجهة المد الشيعي بُعيد سنة 1979، لتحتكر بدورها الكتاب الديني بالمغرب، حيث تستفيد من ناحيتين اثنتين: الدعم الذي تقدمه الدولة المغربية لطباعة الكتب الدينية، ثم الشحنات المجانية للكتب الدينية التي تأتيها من دول الشرق الأوسط، خاصة من المملكة العربية السعودية وقطر، وهاتين الفئتين تستأثران بحيز واسع من السوق المغربية للكتاب، فاسحة مجالا ضيقا لفئة ثالثة غير ريعية، وتتمثل في دور النشر التي تعتمد على امكاناتها الذاتية، وتؤمن بمبادئ نشر الوعي وقيمه بين المواطنين.

كما أشار المتحدث ذاته، إلى أن رعاية الكتاب يبقى موضوعا خارج حسابات وزارة الثقافية المغربية، مشدداً في الوقت ذاته على نضوج القارئ المغربي، وكون القطاعات ذات الصلة بالكتاب هي التي تتقاعس في إجراء دراسات تخص بيئة القراءة بالبلاد، في محاولة منها لحصر أعداد القراء، وكذا الميادين التي يهتم بها كل قارئ، ليضرب مثلاً بكتاب “يوميات كافر مغربي”، الذي حصد أعلى المبيعات، كونه خالف المألوف، واستهدف فئة معينة من المجتمع تهتم بهذا الشأن.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x