لماذا وإلى أين ؟

هل سيرفع الحظر الليلي بعد تهديد الحكومة للسلم الاجتماعي؟

مضت سنة وشهر على أول قرار حكومي من أجل التصدي لجائحة كورونا، وأهم ما ميز القرارات التي اتخذتها الحكومة المغربية في مواجهتها للجائحة، وذلك بإجماع جل المغاربة، هو الارتجالية والارتباك الواضحين في اتخاذها لهذه القرارات، وآخرها قرار استمرار الإغلاق الليلي لجميع الأنشطة التجارية والاقتصادي، إلا تلك التي تزاول نشاطها بترخيص من السلطات المختصة، بالإضافة إلى حظر التجوال، وهو القرار الذي كان جل المغاربة يستبعدونه، بعدما صدقوا وزير الصحة، خالد آيت الطالب، الذي أكد لهم أنهم سيصومون رمضان هذا العام بدون إجراءات احترازية.

فقبل 3 أشهر من رمضان، صرح آيت الطالب خلال حوار له مع الزميل عبد الله الترابي ببرنامج “حديث مع الصحافة”، أننا “غنصومو رمضان بدون تدابير احترازية”، مؤكدا على أنه “باش نحققوا التمنيع الجماعي في مدة قصيرة، فـ 3 أشهر ماشي صعيب”.

وعكس باقي القرارات التي اتخذتها حكومة العثماني سابقا، والتي غالبا ما كان المواطنون يخضعون لها، على مضض، عبر العديد من المغاربة، على طول خارطة المملكة، عن رفضهم لقرار الإغلاق الليلي الرمضاني، وخرجت التظاهرات، هنا وهناك، تطالب الحكومة بالتراجع عن قرارها تحت غطاء مطلب فتح المساجد لأداء صلاة التراويح، لكون هذه الشعيرة لوحدها، بالإضافة إلى كونها طقس ديني، تشكل نشاطا اقتصاديا يعيش منه المئات من الأسر.

المغرب لم يكن البلد الوحيد عبر العالم الذي فرض حظر التجوال ومنع أداء صلاة التراويح في المساجد خلال شهر رمضان، فهناك دول عدة اتخذت هذا القرار، منها عربية وإسلامية وحتى غربية، لكن؛ الاختلاف بين قرار حكومة بلادنا وقرارات دول أخرى هو أن هذه الأخيرة كشفت عن الإجراءات والتدابير المتخذة لتعويض المتضررين من قراراتها الاحترازية في نفس توقيت إعلان قرارها لمواطنيها، وتلك التي لم تكن لها حلول للمتضررين من هذا القرار تراجعت عنه أو خففت من وطأته، مثال تونس.

بل والأكثر من ذلك، فعدد من البلديات بدول أوربية، كفرنسا وإسبانيا مثلا، ورغم تخصيصها إعانات للمتضررين من قرار حظر التجوال الليلي، إلا أنها عدلت قرارها، وسمحت للمسلمين بخرقه، جزئيا، من أجل أداء صلاة الفجر والتراويح، وهو القرار الذي اتخذته السلطات الصينية، التي خرج منها الوباء إلى العالم، في مقاطعات بها أغلبية مسلمة، لما لهذه الشعيرة من دور في التنفيس الروحي على معتنقي هذا الدين.

فلماذا حكومتنا الموقرة مازالت متشبثة بقرارها الذي يهدد السلم الاجتماعي لما له من تبعات اقتصادية واجتماعية وروحية؟

كم سبقت الإشارة، فمنذ أول يوم من رمضان، قابل العديد من المغاربة قرار الحكومة بالتمرد والرفض، حيت خرج حشود منهم في تظاهرات ليلية متحدين حظر التجوال الليلي، ومطالبين بالتراجع عن هذا القرار، كما عمد آخرون إلى إقامة صلاة التراويح بالباحات وأمام المساجد، وكان الجواب هو المنع والتفريق والاعتقال.

فلحدود اليوم (الأربعاء 21 أبريل 2020)، كل ما قامت به الحكومة كإجراء لتعويض المتضررين من قرارها المشار إليه، أنها صادقت، بعد أسبوع من دخول شهر رمضان، على مشروع مرسوم يهدف إلى تمديد الاستفادة من التعويضات للعاملين بالقطاعات الفرعية المتعلقة بتموين الحفلات وتعهد المناسبات والتظاهرات إلى غاية 30 يونيو 2021 ، ومشروع مرسوم آخر يهدف إلى تمديد الاستفادة من التعويضات للعاملين بالقطاع الفرعي لفضاءات الترفيه والألعاب إلى غاية 30 يونيو 2021، فيما جاء ردها على الدعوات المطالبة بضرورة تعويض المواطنين المشتغلين بالقطاع غير المهيكل المتضررين من تداعيات أزمة فيروس كورونا، خاصة التجار وأرباب المقاهي والمطاعم المتضررين (جاء) على لسان وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي؛ حفيظ العلمي، وهو: “الله غالب”.

واعتبر العلمي في مداخلة له خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 20 أبريل الجاري، بأن الحكومة قبل فرض قرار إغلاق المطاعم والمقاهي “مكتمشيش باش تشوف السطوك دالمطاعم باش تخلصو لهم ولا تلقى لهم حل للسطوك لي بقا له من بعد”، وهو إقرار رسمي بكون الحكومة لا تراعي تبعات قراراتها الاقتصادية على المواطنين، بل و”كتزيد تْحُكْ على الضَّبْرَة” بمثل هذه التصريحات المستفزة، والتي لا تزيد الوضع إلا احتقانا.

لن يتناطح عنزان في كون الأمن الصحي أولوية، ولن يختلف عاقلان في كون الأمن الاقتصادي هو أساس الاستقرار الاجتماعي وركيزة الأمن الصحي، وأنه من مسؤولية الدولة تدبير الأزمات بحلول تحافظ على الأمن الصحي وتحمي الاقتصاد من الانهيار  وتضمن استمرار السلم الاجتماعي، لكن قرارات حكومة السيد العثماني تهدد كل هذه الجوانب في الدولة، فلا هي حمت صحة المواطنين، ولا هي حصنت الاقتصاد الوطني وعززت القدرة الشرائية للمغاربة، والدليل ما تعيشه الأسواق من ركود متزايد، والارتفاع في حجم نسبة البطالة، ولا اتخذت قرارات تخفف من الاحتقان الاجتماعي، وما نشهده يوميا من احتجاجات وخرق للتدابير إلا أكبر دليل.

وخلاصة الأمر أنه لولا تدخل الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة خلال هذه الجائحة، لكان المغرب في مهب الهاوية مع قرارات حكومة العثماني الارتجالية والعبثية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
kamal
المعلق(ة)
27 أبريل 2021 12:15

أسي العثماني 1000 درهم تعيش بها أسرة تتكون من 4 إلى 5 أفراد كفى ضحكا على الدقون المواطن يعاني الأمرين وانتم تتحدثون عن تحسن مستوى المعيشة. نعم تحسن مستوى معيشة النواب والبرلمانيين والوزراء وأصحاب الأجور الخيالية،وأسيادك يهربون ثرواث الشعب إلى بنما و سويسرا وتتكلم عن السلم الاجتماعي أو لا تنمية الإجتماعية أصمت خير لك حتى يتم التخلص منك كهؤلاء الذين سبقك الواقع كما ترى ليس ما تقول.

محمد
المعلق(ة)
22 أبريل 2021 00:45

ا جاء في هذا المقال بهتان واستغلال للدين وسعيرة رمضان المعظم على سبيل المثال أوروبا فتحت المساجد لي كلا لكن أبقت على الإغلاق الليلي وهي تحزركل من خالفه اي تؤدى الشعيرة والغلاق موجود والشعب يحترم القرار دون مناقشة أما شعبنا خاصة الشباب المتهور لا يعبرون بحجم الوباء والانتكاسة كما بق في عيد الاضحى المبارك السابق كفانا من التلاميذ والرطوبة على شعائر المسلمين للهو والنجوم والعربية والعهارة والفساد

حنظلة
المعلق(ة)
21 أبريل 2021 23:24

مع ذلك فرئيس الدولة راض على أدائها، عكس المواطنين الذين كرهوا حتى النظر إلى وجوه وزرائها

مواطن
المعلق(ة)
21 أبريل 2021 22:08

اشمن الله غالب واش الدولة نتسنا ثورة الجياع راه بنادم تقهر وصلات العضم قفة ب100درهم مشي حل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x