لماذا وإلى أين ؟

عادات صحراوية رمضانية (5): كْـرُورْ

تفوح رائحة الموروث الثقافي الذي تكتنزه رمال الصحراء المغربية من بيوت أهلها، كلما أرخت ليالي رمضان سدولها على هاته الأراضي الزاخرة بتراث البيظان.

ألعاب شعبية وتقاليد وطقوس خاصة توارثتها أجيال من الصحراويين جيلا بعد جيل، تكشف عمق وتنوع الحضارة التي تزخر بها بلادنا، ما يجعل الزائر للجنوب المغربي يغوص في رحاب أجواء الحاضر التي تعود به إلى كنف الأجداد.

واختارت الجريدة الإلكترونية “آشكاين” أن تبسط سلسلة رمضانية لمجموعة من هذه التقاليد الصحراوية العتيقة التي تختزنها الأقاليم الجنوبية والتي يتميز بها شهر رمضان بالخصوص،  من خلال حلقات برنامج “عادات صحراوية رمضانية”.

وسنتطرق في الحلقة الخامسة من هذا الشهر، إلى لعبة بسيطة للفتيات، تلعبها الفتيات لتمضية أوقت الفراغ، وهي اللعبة النسائية التي تلعبها الفتيات والصغار عموما: كْـرُورْ.

نبذة عن اللعبة:

لعبة “كرور” الشعبية النسائية لدى المجتمع الصحراوي، وهي من الألعاب الرياضية التي تعتمد حسابا ذهنيا بسيطا، وغالبا ما تلعبها الفتيات.

وتهدف لعبة “كرور” إلى  مساعدة الفتيات على الاستعداد لممارسة  الألعاب الأكثر تعقيدا، مثل “السيك”، وتتمثل فكرة اللعبة في محاولة ملئ مجموعة من  الحفر بالحجارة  أو بنوع من الثمار بقواعد وضوابط رياضية بسيطة نوعا ما ومحددة.

تختلف التسميات واللعبة واحدة

للعبة مسميات أخرى، نظرا لأنها ليست لعبة صحراوية خالصة، بل تلعب في مجموعة من الدول الإفريقية مع اختلاف القواعد وطريقة اللعب والتسمية.

فتسميها بعض المناطق في الجنوب الإفريقي بـ”Awelé”  أو “Awelé”، كما  تسمى في دول أخرى مثل موريتانيا بـ”كرور” نظرا لتقارب الثقافة مع سكان الصحراء المغربية.

مستلزمات اللعبة

وكانت “كرور” تلعب على حلبة رملية من حفر صغيرة، ابتداء من أربع حفر تقابل أربعا، أو ست حفر صغيرة على أديم الرمل، لكل واحد من الفريقين، إلا أن التمدن والتحضر طور من شكل اللعبة فتم استحداثها بحلبة خشبية مشابهة للحلبة الرملية؛ حيث يتم وضع أربع حبات حصى او علف ثمار او غيره، في كل حفرة قبل بداية اللعبة.

طريقة اللعب

يتقابل اللاعبان بالجلوس أمام الجهة التي تتواجد بها حفره، ويمكن لعدد الفرق أن يتعدى اثنان على أن لا يتجاوز عدد الحفر، ليمتلك كل حفرته، او “داره” كما تسمى لدى ممارسي هذه اللعبة.

تبدأ اللعبة بقيام أحد اللاعبين بحمل الأربع حبات حصى من إحدى “دياره”(حفره)، وتوزيعها حبة حبة على الحفر المجاورة “للدار” الفارغة، في اتجاه عكس عقارب الساعة، ثم يفعل الخصم نفس الشيء حينما يحين دوره.

ولكل لاعب منهما الحق في امتلاك الحصى الموجودة بآخر حفرة ملأها لدى الخصم، فقط إذا وافقت العدد اثنان 2 أو ثلاثة 3، كما يمكنه كذلك الحصول على الحصيتان أو الثلاث حصيات إذا ما وجدت بجوار الحفرة الرابحة بالاتجاه المعاكس لتحركه”، كما هو مشروح في الفيديو أسفله.

 

تربية على الإيثار وعدم إذاية الغير

جميع الألعاب التي تستهدف الأطفال الصغار، يكون الغرض منها غالبا التربية على قيم إنسانية محددة، تكبر في نفوس الصغار وتتجذر فيهم بطريقة سلسة ولينة، ومن هذه القيم قيم الإيثار وعدم إذاية الغير، والتي تربيها لعبة “كرور” في نفوس لاعبيها بشكل غير مباشر.

وفقا لقواعد لعبة “كرور”  لا يمسح للاعبها بحصاد حبات الحصى او التمرات الرابحة في دياره، كما لا يسمح له بـ”تجويع” خصمه، أو ترك كل دياره خالية تماما.

كما يمنع على اللاعب ملء داره التي ابتدأ بإخراج الحصى منها إذا ما أصبحت خالية، في حين يجب أن تمر لملئ الحفر المقابلة لخصمك أولا في حال كانت الحفرة الخالية آخر واحدة في الترتيب قبل المرور للجهة المقابلة.

نهاية اللعبة

تكون اللعبة قد انتهت عند إفراغ جميع “ديار” حفر أحد اللاعبين، ويعجز الخصم عن تزويده بحصيات نظرا لقلتها لديه، فيضيف هذا الأخير، الحصى المتبقية لمجموع ربحه، والرابح هو من يملك اكبر عدد، كما قد  تتوقف المنافسة إذا ما اتفق اللاعبون على ذلك.

أحمد الهيبة صمداني –  آشكاين

الحلقات السابقة:

الحلقات السابقة:

عادات صحراوية رمضانية (4): ظَامَا

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x