لماذا وإلى أين ؟

الشكاوى ضد أعمال فنية .. تصرف حضاري أم تخلف فكري؟

لم يسلم عدد من الأعمال التلفزيونية الرمضانية لهذه السنة من رسائل احتجاجية وجهت للهيأة العليا للسمعي البصري- الهاكا ولم تسلم أيضا من الدعاوى الاستعجالية أمام القضاء من جهات اعتبرت أن هذه الأعمال مست بسمعة المهن، في الوقت الذي اعتبر فيه عدد من المغاربة والفنانين أن الفن والإبداع لا يجب تقييدهما وإلا فلا يمكن معالجة عدد من الظواهر الاجتماعية فنيا.

هذا الأمر خلق نقاشا مؤخرا، حيث حذر عدد من المغاربة من انتهاك حرية الإبداع التي يبتغي البعض تقييدها تحث ذرائع واهية وغير منطقية، بل الهدف منها بالدرجة الأولى خلق “البوز” بحسبهم، فهل المغرب اليوم أمام امتحان لتكميم أفواه المبدعين؟

شكاوى ودعاوى قضائية

أربعة أعمال تم تسليط الضوء عليها ونوقشت حولها مفاهيم حرية التعبير الإبداع الفني وتجسيد بعض ممارسات المحسوبين على عدد من المعن، ويتعلق الأمر أولا بسلسلة “الصلا والسلام” التي قامت النقابة الوطنية للعدول بإصدار بلاغ للرأي العام تعبر فيه عن استيائها الشديد من ما وصفته بـ “المغالطات القانونية التي تضمنتها الحلقة 16 من المسلسل، حين أظهرت مؤسسة التوثيق العدلي وهي تقوم بمهامها في شكل صورة مهينة ومغلوطة أمام المشاهد”.

وسلسلة “قهوة نص نص” التي رفع المحامي بهيئة الرباط، محمد الكصي دعوى استعجالية ضد قناة الأولى للمطالبة بتوقيف بثها مع تغريمها 100 ألف درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ، وذلك بسبب تضمن السلسلة مشاهدا اعتبرها عدد من المحامين تسيء لسمعتهم.

بالإضافة إلى خروج صفحة الممرضين لتنتفض هي الأخرى في وجه سلسلة “بنات العساس” لمخرجها ادريس الروخ، بسبب المحتوى الذي قالوا إنه يرسخ لفكرة أن الطبيب له مكانة وقيمة كبيرتين من الممرض، ما اعتبروه في ذات الوقت مسا بكرامتهم وسمعتهم.

وإلى ذلك، دخلت الجامعة الوطنية لمستقبل السككيين المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل في المغرب، هي الأخرى على خط الشكاوي الموجهة ضد الأعمال التلفزيونية، حيث أرسلت رسالة احتجاجية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري تشتكي من الحلقة العاشرة من مسلسل “كلنا مغاربة” الذي يبث على القناة الثانية، لتداولها اسم شخصية “عبد الله الشومينو” بشكل وصفته بـ “الاستفزازي والتحقيري في حق جميع رجال ونساء السكك الحديدية”.

حمق ولامنطق وتخلف فكري

مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية علق على الأمر مشبها إياه بـ “الحمق واللامنطق”، موردا بالقول ” بكل بساطة أعتقد أن هذا الأمر حمق، بمعنى هناك شيء غير منطقي لا يتعلق بالممثلين أو أشخاص آخرين مشتركين في الأعمال الفنية، وإنما الأمر خطير لأنه يمس بقضية “حرية الإبداع” التي هي أكبر من حرية التعبير، في الوقت الذي لا ينبغي المزايدة فيها”.

واعتبر بوحسين في تصريح لـ “آشكاين” أن الشكايات والدعاوى القضائية تنم عن “تخلف فكري” لدى البعض، مسترسلا “وإذا بغاو يشوهونا فهذي شوهة غتضحك فينا العالم وغتبين أن المغاربة لا يفقهون في الفن والأعمال الفنية بصفة عامة، في حين أننا جاهدين لممارسة حريتنا في التعبير والإبداع”.

الإبداع لا حدود له، يشدد االفنان والنقابي، “ثم أن الأدب العالمي مليء بالأطباء لي ممزيانينش والمحاميين لي ممزيانينش ووو.. وهاذ الناس لي كيشتكوا هاذ السلسلات والأعمال الفنية لأنه تم التطرق لشخصية جسدت دور إحدى المهن لي كينتموا إليها، كيديرو فينا الضحك”، بحسب تعبيره.

وفي المقابل، أكد بوحسين على أن الأعمال الفنية المسيئة لأحدهم، هي الأعمال التي يتم الإشارة فيها إلى شخص بعينه، ولكن عندما يحاول الفن بطريقة كوميدية أو درامية معالجة موضوع فيه مثلا قاضي مرتشي، فهذا لا يعني أنه لا يوجد قضاة مرتشون أو موضوع يتحدث عن صحفي غير مهني، فهذا لا يعني أنه لا يوجد صحفيون غير مهنيون، وهكذا”.

وسجل المتحدث على أن النقاش من هذا النوع يحيل إلى أن شيئا ليس على ما يرام، موضحا “الرسائل من الفن ماشي هي جيبنا محامي فاسد أو غير مهني ره الناس غيسحاب ليها جميع المحامين هكذاك، وبالتالي لا يمكن تقييد الفن ولا يمكن أن يبقى هؤلاء متربصين بالأعمال، كما لا يمكننا أن نظل نحن كفنانين ومنتجين ومخرجين أن نمارس الرقابة الذاتية في مواضيع عادية وواقعية ونبقاو نضربو لحساب لواه المعلمين ميعجبهومش هدشي لواه رجال الدين معيعجبهومش هدشي”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مواطن
المعلق(ة)
الرد على  Moh
30 أبريل 2021 20:01

اعمال فنية ههههه ارى بدون تعميم ان كتاب السيناريوهات والمخرجين مجندين لنشر التمييع والخلاعة على نطاق واسع.
ثانيا من حق اي شخص ان ينتقد.
بغينا سلسلات على الوزارء ورؤساء الجماعات والقياد والبرلمانيين.
وهاد الشي مامعمرنا نشوفوه ….

مراكش
المعلق(ة)
30 أبريل 2021 17:40

فعلا، هناك مغالطات قانونية تخص اجراءات الطلاق و تعدد الازواج في سلسلة ” الصلا و السلام”.
أما اذا كان ان الابداع مصلحا ، كما هو الحال في “نص نص” بالنسبة للمحامين و المسمون انفسهم “مثقفون” فلا حق لاحد في انتقاذ المبدع ، لان المر حقيقة مرة يعياني منها الشعب.

ملاحظ
المعلق(ة)
الرد على  Moh
30 أبريل 2021 15:32

اصبحنا ملائكة وانبياء في هذا البلد لا احد من حقه تجسيد او تقمص شخصية لمحامي او استاذ او قاضي او طبيب….. الكل منزه وليس فيه عيب الا يعتبر هذا نوع من الجهل عندما يجسد فنان شخصية ما هل هذا يعني انه يسيء لكل من له علاقة بها… سبحان الله لفيه الفز كيقفز…. كل المهن تضم شرفاء واندال واافنان يركز على جانب معين. ولايعني انه يخص الكل. المزايدات وحب الظهور…..

Moh
المعلق(ة)
الرد على  مكاوي
30 أبريل 2021 13:48

لا ديموقراطية بدون شعب ديموقراطي …اسيدي الناس عندنا فهاد البلاد تايحساب لهم غي السياسيين اللي معنيين بمنح الحقوق وبالديموقراطية المواطن هو خاصو يمارس الاستبداد اينما حل …

Moh
المعلق(ة)
30 أبريل 2021 13:42

اصحاب المهن المنتفضون ضد مواضيع هذه الاعمال “الفنية” على رؤوسهم ريس التوز المسروق هههه.هاد الناس خايفين على الماء العكر الذي فيه يكونون ثروات من النضوب ..هؤلاء هم صغار حماة الفساد وهؤلاء هم اعداء حرية التعبير …انا لا ارى اين المشكل؟؟؟ فمنتج العمل “الفني” اذا لم يشهر بشخص بعينه ولم يعمم ظاهرة ما على جسد قطاع ما واكتفى بالابداع فب شخصية افتراضية يشخصها ممثل ما فهاد الحالة ماال هاذ الدواعش ينتافضوا؟؟؟؟

مكاوي
المعلق(ة)
30 أبريل 2021 13:09

العجب المغاربة يوميا ينادون بالحرية والكرامة والديمقراطية ويطالبون الدولة والمخزن بحرية التعبير ويرفعون شعار لا للاستبداد و الطغيان لكن عندما تتاح لهم فرصة تشخيص شخصية المستبد والرقيب على حرية الاخرين فإنهم لا يترددون لحظة واحدة في ممارستها اكثر من المخزن نفسه لذلك لن تنجح الديمقراطية في المغرب لأنها ثقافة نفسية أولا وليست هناك ديمقراطية بدون ديمقراطيين لا يمكن تحقيق ديمقراطية بوجود شعب غالبيته تمارس الاستبداد بشكل يومي في البيت في العمل في الشارع في المقهى وها هو يظهر في الرقابة على حريات وإبداع الاخرين

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x