لماذا وإلى أين ؟

وزير الصحة يعتزم جلب أطباء كوبيين لعلاج المغاربة

عاد الحديث بقوة مؤخراً عن اعتزام المغرب فتح أبوابه أمام الأطقم الطبية الكوبية، انصياعا للتدابير المتخذة لمواجهة ضعف معدل التأطير الطبي بالبلاد، والتي فرضها تكريس مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، الذي سيشمل 22 مليون مغربي، زاد من تأكيده اللقاء الذي جمع يوم فاتح يناير الجاري بين وزير الصحة خالد آيت الطالب بالسفير الكوبي بالرباط، وناقشا فيه جملة مواضيع كان أهمها اتفاقهما على دعم الجهود بين البلدين في مجالي الصحة والتكنولوجيا الحيوية.

ريادة عالمية

ويُرجح أن تستعين المملكة في هذا الصدد بكوبا، المعروفة على الصعيد العالمي بتصدرها قائمة الدول المصدرة للأطباء، بعد تمكنها خلال العقود الأربعة من بناء أحد أفضل أنظمة الخدمات الصحية في العالم، على الرغم من الفقر والحصار المفروض عليها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تورد آخر الإحصائيات في هذا الصدد، أن حجم إنفاق الحكومة الكوبية من الناتج القومي الخام على قطاع الصحة يناهز 10.6%، ما يُمكن من توفير 76 طبيبا لكل 10 آلاف نسمة، وهي أعلى نسبة في العالم، وتتجاوز كلا من روسيا وأمريكا بأشواط، بنتها وفق 3 قواعد أساسية لا تحيد عنها منذ ثورة 1959 وهي: الرعاية الصحية الأولية الشاملة بما تتطلبه من خلق كم من الكوادر المؤهلة، وصناعة التكنولوجيا الحيوية والدوائيات، ثم الاستجابة للكوارث الطبيعية واحتواء الأوبئة.

وطيلة عقود طويلة، استفادت دول عديدة من خدمات الأطقم الطبية الكوبية، غير أن هذه الدول لم تكن بالأساس دولا متقدمة، بل كانت في الغالب دولا فقيرة، أو تنتمي إلى ما يُسمى بـ “الدول السائرة في طريق التنمية”، والتي ينتمي إليها المغرب، ارتبطت معهم بعقود طويلة أو قصيرة الأمد، ما يستدعي سؤالا عن الدافع الذي يُوجه أطباءَ ينتمون لمنظومة متطورة إلى دول محدودة الإمكانيات، حاولت عدة منظمات دولية عاملة في قطاع الصحة الجواب عنه، لتؤكد أن الطبيب الكوبي يُمكنه أن يتناغم كليا مع أي أجر يُدفع له في دولة فقيرة، كونه في الواقع لا يتقاضى أكثر من 60 دولار شهريا في بلاده، وهو الأجر الموصى به من طرف الحزب الشيوعي الكوبي لأصحاب السترات البيضاء، والذي لا يمكنه أن يتغير إلى الافضل بأي حال من الأحوال، علماً أنه لا وجود للقطاع الخاص في المجال الطبي بكوبا، وحتى إن تقاضى الطبيب أجراً كبيراً خارج بلاده، فهو لا يتحصل منه إلا على ما بين 10 إلى 25%، والباقي يذهب إلى حكومته !

واقع مظلم

سنة 2019، وفي فعالية أقامتها مؤسسة “ذكرى ضحايا الشيوعية”، قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون كوبا وفنزويلا:” إن المنظمة الطبية الكوبية هي آلية يَنتهك من خلالها النظام الكوبي معايير حقوق الإنسان وحقوق العمل المحددة دوليًا لشعبه، وفي الوقت نفسه يزرع الشقاق السياسي والاجتماعي في جميع أنحاء العالم”، كما كشفت أن العمل في ظل ظروف تعسفية وجائرة هي الحقيقة التي يواجهها العديد من العاملين الكوبيين في المجال الطبي البالغ عددهم من 34 ألف إلى 50 ألف في أكثر من 60 دولة، ووفقا للحكومة الكوبية، تضيف ذات المتحدثة، فإنها تحقق ما يقدر بـ 7 مليارات من الدولارات سنويًا من خلال تصدير واستغلال الأطقم الطبية، لتقول:”هذه ليست مساعدة تقدمها كوبا للعالم، هذا نشاط ربحي للنظام الكوبي، ومصدر الدخل الأعلى للنظام”.

من جهة أخرى، تشير شهادات بعض الأطباء الكوبيين الهاربين من وطنهم، تعرضهم لأشكال مختلفة من الإساءات والانتهاكات تتمثل في ما يلي: التهديدات ضد الأطباء الذين يغادرون البرنامج، عدم دفع الأجور، الحركة المقيدة، وجوازات السفر المصادرة، ما دفع منذ سنة 2017 عددا من الدول إلى التخلي عن خدمات الأطباء الكوبيين، مدفوعة بضغوط جمعيات حقوقية داخلها، أهمها البرازيل وبوليفيا والإكوادور، كانت آخرها موريتانيا التي أوقفت عملها ببرنامج الأطباء الكوبيين شهر فبراير الماضي، ورغم عدم إفصاح حكومتها عن الأسباب الحقيقية للإقدام على هذا الفعل المفاجئ، إلا أن منظمات دولية عاملة في قطاع الصحة تميل إلى الإيمان بأن دوافع موريتانيا لا تختلف عن دوافع الدول الأخرى.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
محمد
المعلق(ة)
7 مايو 2021 11:24

أنه قرار سليم فالاطقم الطبية الكوبية معروفة بكفاءتها وتواضعها وعدم جشعها عكس قطاع الطبي في بلدنا

Ali
المعلق(ة)
6 مايو 2021 23:15

حذاري ثم حذاري من هذه الموجة. كوبا تتعاطف و بشدة مع مرتزقة البوليساريو. و بإمكانها استعمال هؤلاء الأطباء كجواسيس لصالح المرتزقة و سيدتهم الجزائر.

اليزيدي
المعلق(ة)
6 مايو 2021 21:44

هذه المقاربة لم تكن شافية للاجابة عن السؤال -المحير-لماذا سيلتجئ المغرب الى جلب الاطباء من دول أجنبية؟وهذا ذكرني -سنوات السبعينات الماضية-،حيث عمل المغرب على جلب مدرسين لمادة الرياضيات من رومانيا ،وقد كانوا دون كفاءة أو مؤهلات،كما وجدوا أمامهم -اللغة الفرنسية-التي لم يتمكنوا من تعلمها ،لذلك كانت تجربة فاشلة ،حيث كان أداؤهم -ناقصا ودون التطلعات-وهاهي نفس العملية ستنطبق على قطاع حيوي هو صحة المغاربة،فدراسة الطب والصيدلة في المغرب متميزة وصعبة،الشئ الذي يعطي أطباء وصيادلة -ماشاء الله-ذوي مؤهلات مرموقة وتتسع مع الممارسة والتجربة،فبدل تسريع وتيرة الدراسة وتسهيل الولوج بكليات الطب،تبحث الدولة عن الحلول -السهلة والفاشلة-بجعل المغرب تابعا حتى في مجال الصحة،لم يكفيها تبعيته الغذائية والصناعية ،لذلك عليها التراجع عن هذا القرار -البئيس-،وتيسير التكوين ،الطبي واعطاء المدرسة المكانة التي تستحقها…

Conspiracyo
المعلق(ة)
6 مايو 2021 21:39

اي منطق هذا الذي تكون الدوله فية الاف الاطباء وتبعثهم الى الاتحاد الاوروبي و تستقبل اطباء درجة ثانية لتاثيث النظام الصحي الفاشل
العبث بقيادة رشيدة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x