لماذا وإلى أين ؟

محمد حاجب.. قصة إرهابي خلخل العلاقات المغربية – الألمانية

أثارت الأزمة الجديدة التي وسّعت الشرخ الذي يطال العلاقات المغربية – الألمانية منذ شهور العديد من الأسئلة، خاصة في الأوساط السياسية والصحافية بالمغرب وخارجه، حاولت استكناه الرسائل الحقيقية التي حملها البلاغ المغربي الأخير الصادر يوم أمس الخميس، خاصة أنه جاء بعبارات مباشرة، وتنطوي على اتهامات صريحة لبرلين، على خلاف البلاغ السابق لشهر مارس، الذي علّق من خلاله المغرب علاقاته مع السفارة الألمانية بالرباط، حيث أكد عمل سلطاتها مع محمد حاجب، المدان السابق بارتكاب أعمال إرهابية، وذلك من خلال كشفه عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية. فمن يكون محمد حاجب؟ وإلى أي مدى أثرت قضيته على العلاقات بين البلدين؟

ولد محمد حاجب سنة 1981، لأم تشتغل كاتبة ضبط بمحكمة مدينة تيفلت، ووالد يُدرس اللغة العربية، والذي سبق له أن سُجن سنوات الثمانينات بسبب انتمائه للحركة الماركسية، هاجر إلى ألمانيا سنة 2000، ليحصل على جنسيتها سنة 2008، قبل أن ينخرط في إحدى الجماعات السلفية ذات التوجه الجهادي تسمى “جماعة التبليغ”، تورط عناصر منها بعد سنة 2012 في عمليات إرهابية بسوريا والعراق، بعد انخراطهم في تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، لتنشر السلطات الألمانية مذكرات بحث دولية بخصوص من بقي منهم أحياء بعد ذلك.

بعد أن أحسّ حاجب بأنه يخضع لمراقبة الاستخبارات الألمانية على مدار الساعة، قرر أن يُغادر ألمانيا لينشُط في مجال الوعظ والإرشاد الديني بإحدى الوجهات الثلاث، الهند أو بنغلاديش أو باكستان، ليختار باكستان سنة 2009، مستغلاً القلاقل السياسية بذلك البلد، والتي تتيح له التنقل في مناطقها النائية التي تسيطر عليها طالبان بعيدا عن أعين قوى الأمن، ليدخلها متسللاً بعد أن دفع 50 دولارا كرشوة مقابل العبور إليها من الحدود الإيرانية، قبل أن يُلقى عليه القبض لاحقا في إحدى نقاط التفتيش بإقليم “بنجكور” المجاور للحدود الأفغانية، ويودع في سجن “كويتا” الذي يُعد بمثابة مُنشأة فرز، تقوم خلالها السلطات الباكستانية، بإشراف من عناصر استخباراتية أمريكية، بعزل الإرهابيين المُحتملين عن تجار المخدرات والمهربين.

خضع حاجب في سجن “كويتا” للاستجواب لـ 107 أيامٍ، وعندما لم تجد سلطات باكستان أي دلائل ملموسة تدينه، باستثناء دخوله البلاد بطريقة غير مشروعة، أقدمت على طرده سنة 2010 إلى ألمانيا، حيث كان 25 عميلاً مسلحاً من الاستخبارات الألمانية في انتظاره بمطار “فراكفورت”، ليُخضعوه بدورهم للاستجواب، قبل أن يُقرروا طرده إلى المغرب، بالرغم من كونه يحمل الجنسية الألمانية.

في المغرب ألقي عليه القبض، لتحقق معه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمدينة الدار البيضاء، قبل أن يودع سجن “الزاكي” بسلا، بعد إدانته بـ 5 سنوات سجنا، وذلك بتهم تتعلق بتشكيل عصابة إجرامية وتمويل الإرهاب، ليتورط بعدها في الدعوة إلى التمرد بنفس السجن سنة 2011، لتضيف المحكمة لمدة محكوميته سنتين أخريين، قضاهما قبل أن يتم إطلاق سراحه سنة 2017 ليغادر المغرب إلى ألمانيا.

في ألمانيا، وبعد رفع حاجب لدعوى قضائية يطلب فيها معونة مالية من الدولة يتهمها فيها بالتخلي عنه، أطلق العنان لنفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، ليُبادر أمام أعين السلطات الألمانية إلى تسجيل عدد من الفيديوهات، حاول فيها أن يلعب دور المعارض السياسي، مع أنه بخلاف الإرهاب، لم يمتهن السياسة يوما، لتزداد ادعاءاته بتعرضه للتعذيب بالمغرب، ما دفع الرباط إلى تقديم طلب للسلطات الألمانية بتسليمها إياه، وأمام رفض برلين، أصدرت الرباط مذكرة دولية للقبض عليه في منتصف غشت 2020.

وتعليقا على هذه التطورات المقلقة في العلاقات المغربية –الألمانية، التي أججها ملف الإرهابي السابق محمد حاجب بين البلدين، يقول الدكتور تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، “إن البلاغ الصادر عن وزارة الخارجية المغربية، جاء ليُعبر بوضوح عن تطور جديد في العلاقات المغربية – الألمانية، هذا التدهور الذي جاء في إطار التسلسل الذي عرفته هذه العلاقات، أولا من خلال إصدار بيان من طرف وزارة الخارجية يوضح أسف المغرب للمواقف الألمانية، ثم ثانيا عن الإحباط لمواقفها، وقد لاحظنا قبل ذلك كيف استدعي السفير الالماني بالرباط، ومن بعده أتى قرار استدعاء السفيرة المغربية ببرلين للتشاور، وهذا إجراء يُتخذ في إطار العلاقات الدبلوماسية قبل الوصول إلى درجة إغلاق السفارة، أو اعتبار سفير الدولة الأخرى شخصا غير مرغوب فيه”.

كما يؤكد ذات المتحدث، “أن هذا التدهور الذي طبع العلاقة بين المغرب وألمانيا، جاء في أعقاب مواقف اتخذتها برلين، أولا من خلال مواقف سفارتها وغيرها من مؤسساتها التي تمارس نشاطاتها على التراب المغربي، وثانيا من خلال مواقفها من قضايا حيوية وجوهرية بالنسبة للمغرب، كقضية الوحدة الترابية، حيث لا يُعقل أن تبادل الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، في حين تقوم ألمانيا بالاستنكار، وتحريض مجلس الامن الدولي على الانعقاد بهذا الخصوص، ثم التراجع عن التزاماتها القائمة حول التبادل فيما يخص الأسرار المتعلقة بتسليم أشخاص معينين”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

8 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Je suis
المعلق(ة)
8 مايو 2021 02:26

أضن أن المقاربة الأمنية التي تنهجها الدولة وفرض السلطة بشكل متعنت وغياب الحقوقي والمحوار. يجعل تنامي الكراهية ضد الدولة. لدى فئن الناس تتعاطف مع الكارهين والمنتقدين

زكرياء
المعلق(ة)
7 مايو 2021 21:13

التحولات الفكرية والإديولوجية من أقصۍ اليسار إلۍ أقصۍ التطرف باسم الدين كافيان للبرهنة علۍ أن محمد حاجب إنسان غير سوي وغير منسجم الشخصية التي بحث عن ذاته فيها فوجد ما يشبعها في تشكيل خطرعلۍ الغيروالتجني علۍ وطنه الأم المغرب ,ومهما ظن في نفسه أنه شخصية وازنة فهو يبقۍ في الأخير مجرد شخصية كرتونية أو كركوز يمكن أن تحركه الأيادي الخفية التي تجيد لعبة مسرح العرائس في مجال الديپلوماسية والسياسية

Moraya
المعلق(ة)
الرد على  مصطفى
7 مايو 2021 20:14

للأسف فساد المسؤولين المغاربة و تفشي الفساد في كل الميادين تقريبا هو ما يدفعنا نحن أبناء المهجر إلى الإحساس بنوع من الكراهية اتجاه بلدنا وهو ما سيرثه أبناؤنا للاسف الشديد إن استمر الحال على ما هو عليه دون محاسبة اللصوص (لوبيات الفساد)

يوسف.ق
المعلق(ة)
7 مايو 2021 16:45

الانهزامية تحتم لعب دور او ادوار الدفاع بل الانهزامية تفرض رد فعلي أو ردود أفعال ! لا مبادرة ولا حركة في رقعة الدول التي قطعت أشواطًا في الفكر الإنساني وأنسنة العنصر البشري بينما تتطاول هذه الدول لحشر وجودها في رقعة الدول المنزوعة السيادة لان الإنسان/المواطن في هذه الرقعة لا يجسد روح الأمة ولا كينونتها هكذا هو الفكر العالمي وهكذا ينظر إلى الدول التي شعوبها محتقرة لا تمثل السيادة الحقيقية بعيدا عن صورية المؤسسات:فكلما احتقر الانسان/المواطن في رقعته احتقرت واستبيحت سيادته!؟ لأنه لا يمكن تعويض القوة الشعبية بالقوة العسكرية والدبلوماسية والارتشاء الاستثماري.! قوة الدول من قوة الشعوب وضعفها من ضعف الشعب مهما حجبنا الحقيقة! وستبقى الحلقة مفرغة حتى يصبح النموذج الياباني جزء من التراث الانساني!؟

ملاحظ
المعلق(ة)
7 مايو 2021 16:18

الغرابة اامدهلة حقا ارهابي تم طرده من المانيا بسبب الارهاب وسجن في المغرب انفس السبب تستقبله المانيا ااتي طردته سابقا لتصنع منه معارضا سياسيا ماهذا العبث وهذا العداء للمغرب من طرف المانيا التي البارحة توحدت واليوم تدافع عن الانفصال انه سؤال محير فعلا.

مصطفى
المعلق(ة)
7 مايو 2021 16:16

منحرف،ضائع،برهوش
لعبة عيشورة

aziz
المعلق(ة)
7 مايو 2021 15:04

ألغت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية قرارا بالقبض على الناشط المغربي الألماني البارز محمد حاجب، والتي قررت بدورها أن السيد حاجب يمارس حقه كمواطن في التعبير والمعارضة السلمية.ا ادري لماذا كل هذا الهجوم في هذه الأيام على المعتقل السابق حاجب انا استمعت له بسببكم و الرجل له ادلة دامغة و ساطعة على انه ظلم في المغرب من نحية الحكم ومن التعذيب

سعيد
المعلق(ة)
7 مايو 2021 14:58

باكستان برأته و ألمانيا أيضا و أنتم تدينه فكيف تحكمون؟
كل من يدعي التعذيب في المغرب تشنون عليه حربا شرسة ،كأن المغرب دولة الحق و القانون؟ كيف تحكمون؟
أنتم تعرفون كل المعرفة ان المغرب بلد الحكرة و التعذيب كل من موقعه.
و انت صاحب الجريدة تعرف هذا و تشتكي منه أليس كذلك؟
اليوم ألمانيا و بالأمس القريب أمريكا في شخص العمراني و قبله فرنسا في شخص المومني و القائمة آتية لا محالة .
ابحثوا عن الداء في الأجهزة القمعية و في استقلال السلطات لعلكم تنقذون ما تبقى من الوطن .

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

8
0
أضف تعليقكx
()
x