لماذا وإلى أين ؟

نقابي بـ “الشركة الوطنية” يعدد خلفيات استحواذ الأخيرة على “دوزيم” و “ميدي1 تيفي” (حوار)

سيشهد الإعلام العمومي  في الأيام المقبلة محطة جديدة، وذلك في أعقاب كشف وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس عن ولادة هولدينغ إعلامي ضخم، يجمع كلا من القناة الثانية والقناة الإخبارية ميدي 1 تحت مظلة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وفق هيكلة جديدة لقنوات القطب العمومي.

ففي الوقت الذي يرى فيه الفردوس أن من شأن هذا الورش أن يسهم في تحسين المنتوج الإعلامي الوطني، وخلق هوامش تقنية ومالية جديدة داخل القطب وكذا ترشيد النفقات الخارجية، سيما في ظل انخفاض الموارد الإشهارية، فإن عددا من العاملين خاصة في قناة ميدي1 يعيشون على أعصابهم، على اعتبار أنهم سيفقدون عددا من الامتيازات التي يحظون بها وكذا أجورهم المرتفعة بالمقارنة مع أجور الشركة الوطنية التي تعتبر مؤسسة عمومية محضة.

وعلى ضوء هذه المستجدات التي ستعرفها الساحة الإعلامية، أجرت “آشكاين” حوارا مع عمر إسرى، رئيس تحرير ونقابي بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لمناقشة الموضوع وتبعاته سواء على مستوى المشهد الإعلامي أو على مستوى الموارد البشرية التي ستعمل تحت مظلة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.

نص الحوار:

أنتم كنقابيين بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة كيف تلقيتم خبر استحواذ الشركة على دوزيم وميدي1 تيفي؟

هذه مبادرة لا يمكن سوى أن نرحب بها في وقت ينتظر فيه المواطنون إصلاحا عميقا للإعلام العمومي، من خلال استراتيجية واضحة تمكنه من لعب دوره في تقديم خدمة عمومية في مستوى انتظارات المغاربة،  وتواكب التحولات التي يعرفها المجتمع والدولة، خصوصا بالتزامن مع إطلاق عدد من المشاريع الوطنية الاستراتيجية وعلى رأسها الجهوية الموسعة بالإضافة إلى النموذج التنموي الجديد، في ظل هذه التحولات لا يمكن للإعلام أن يبقى على الهامش، وخصوصا الإعلام العمومي.

تقوية القطب العمومي من خلال خلق هولدينغ الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مع إدماج دوزيم وميدي 1، يجب أن يكون فقط انطلاقة لإصلاح عميق، والأمر هنا حتمي، وهناك عوامل وتغيرات وطنية ودولية تفرضه، على رأسها تحديات عولمة العرض السمعي البصري، الذي جعل المشاهد المغربي أمام آلاف القنوات المتنافسة، ومنها قنوات تخصص جزءا صغيرا أو كبيرا من برامجها للجمهور المغربي من خلال منتوج محلي يلامس القضايا الوطنية، دون أن نتحدث عن منافسة وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب للتلفزيون عموما، كل هذا يفرض على الإعلام العمومي تغييرا عميقا للحفاظ على المشاهد المغربي و استرجاع جزء ممن هاجر منه لمتابعة قنوات أجنبية في ظل ضعف جودة المنتوج المحلي، المسألة هنا سيادية ومن شأنها أيضا حماية المغاربة من عروض إعلامية أجنبية تنشر قيما غريبة عن قيمنا يمكن أن تصل إلى مستوى التحريض على العنف والإرهاب.

وبالتالي فنحن لا يمكن سوى أن نشيد بهذه الخطوة المتعلقة بخلق قطب عمومي سيادي يتشكل من 10 قنوات تتكامل وتتآزر فيما بينها لتقدم خدمة عمومية في مستوى التطلعات، خصوصا أن القناة الثانية بفعل مديونيتها و تراجع مواردها الإشهارية وكذا مع ارتفاع منافسة المنصات الرقمية، لم تعد قادرة على الصمود، وهي مهددة بالإنهيار في أي وقت، وتجربة ميدي 1 لم تصل إلى تحقيق الأهداف التي أسست من أجلها، المسألة إيجابية، لكن لابد من توفير شروط إنجاز هذا المشروع من وسائل لوجستيكية وتقنية وموارد بشرية مؤهلة.

2-طيب، هل كنتم على علم مسبق بهذا القرار؟

طبعا كنا على علم بالخطوط العريضة لهذا المشروع، لكننا لم نكن نتوفر على المعطيات التفصيلية التي نتوفر عليها اليوم، والمشروع مازال في بدايته، وكما يقال فالشيطان يسكن التفاصيل، لننتظر ونرى كيف سيتم تفعيل هذا التصور، وهنا لا بد من اعتماد المقاربة التشاركية لأنها مهمة في نجاح أي مشروع، فمن المفيد عقد لقاءات تواصلية وتشاورية داخلية لتدقيق الكثير من الأمور لإنجاح هذا الإصلاح و تقعيده بشكل ناجح.

ولأن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وفي إطار نقدنا البناء للأوضاع بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، فلا بد أن نذكر بنقاط إيجابية ومبادرات قام بها الرئيس المدير العام خلال السنوات العشر الأخيرة، ونعتبرها تمهيدا لهذه الخطوات التي نخطوها اليوم، من خلال توسيع باقة القنوات بالشركة وإدخال تقنيات ووسائل لوجستيكية مهمة تسهل العمل وترفع من جودته، دون نسيان التركيز على المنتوج المحلي الذي يعرف إقبالا كبيرا من طرف المشاهد المغربي، ونسبة المشاهدة خلال جائحة كورونا و رمضان الأخير تبين نجاعة هذه المقاربة، دون نسيان مشروع ال”تي إن تي” ودوره الإيجابي، عموما هناك مكاسب يمكن البناء عليها لإنجاح مخطط مندمج للإصلاح في أفق تجاوز الاختلالات والنواقص الموجودة.

3 -في نظركم ما الذي سيضيفه هذا الاستحواذ أو الإدماج في المشهد الإعلامي الرسمي ؟

هو في الحقيقة ليس استحواذا وإنما بداية لخلق وتقوية قطب سيادي يواكب التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها المغرب، وكذا التطورات على المستوى المهني والتكنولوجي في مجال الإعلام، مبادرة لا يمكن أن نحكم على نتائجها الآن لأنها في بدايتها، ونتمنى إشراكنا كأطر وكعاملين في كل هذه القنوات في مرحلة الهيكلة الداخلية لهذا القطب، وفي نسج ملامحه وتقعيد تفاصيله من أجل إنجاح هذا المشروع الطموح، لأننا في حاجة ماسة إلى رؤية جديدة تواكب تطلعات الشباب خصوصا، وتجعل الإعلام يلعب دوره في تجديد القيم التي بدأت تضمحل وتتفكك، قيم الوطنية والمواطنة والالتزام و التسامح والتعايش والتآزر، فالإعلام يحمل رسالة مهمة وخطيرة في نفس الوقت، وعلينا استغلالها بالشكل السليم حتى يكون في خدمة تطلعات الوطن والمواطنين بعيدا عن الاستيلاب.

4 -هل تعتقدون أنه بإمكان أن يضر القرار بحقوق العاملين سواء بالشركة أو باقي العاملين بكل من ميدي1 تيفي ودوزيم؟

هذا فقط الجزء الأول من الإصلاح الذي يجب أن يتسع مستقبلا، وهو بشكل عام لا يمكن أن يكون سوى في صالح العاملين، لأنهم الركيزة التي بدونها لا يمكن بناء المشروع وتحقيق هذه الرؤية الطموحة على أرض الواقع، وليكون الأمر كذلك، لا بد من أخذ آرائهم و اقتراحاتهم بعين الاعتبار عند مباشرة تفاصيل الإصلاح الفعلي، وهناك مشاكل يمكن أن تطرح يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، مثلا تفاوت الأجور بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ودوزيم وميدي 1 حاليا، إذ من الضروري اعتماد سياسة أجرية جديدة تنبني على تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع العاملين بالقطب، لأن هذا سيشكل حافزا للجميع لتفعيل الإصلاح الشامل للقطب العمومي، كما لابد ومن نسج اتفاقية جماعية منصفة و في مستوى التطلعات، ومن جهة أخرى فلا بديل من اعتماد الشفافية ومبدأ الاستحقاق بشكل حصري في الترقيات وتولي المسؤوليات لنكون أمام أطر أكفاء قادرين على تقعيد المشروع الذي نتحدث عليه.

كما أن تكثيف التكوين والتكوين المستمر مطلوب بشكل ملح، للرفع من أداء العاملين ليكونوا في مستوى هذا المشروع الطموح، و تشغيل كفاءات حقيقية جديدة من خلال مباريات شفافة بعيدا عن المحسوبية والزبونية، بالإضافة إلى توفير إمكانيات لوجستيكية و تقنية في مستوى عال لنواكب التطورات التي يشهدها المشهد السمعي البصري عالميا حتى نرتقي بمستوى تنافسيته.

كما لن ننسى ضرورة التوافق على دفاتر تحملات واقعية تكون في مستوى أفضل من نظيرتها الموجودة حاليا، مع عقد برنامج واضح و فعال، و موارد بشرية ومالية كافية لإنجاز هذه الإصلاحات، ونحن مستعدون كأطر وكنقابيين بالشركة في المساهمة البناءة في مباشرة الإصلاح في اتجاه خدمة عمومية تعتمد أساسا على مبدأ القرب و تواكب الانتقال الديمقراطي ومختلف الأوراش الإصلاحية التي يباشرها المغرب.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x