لماذا وإلى أين ؟

التدريس باللغة الحية والنموذج التنموي الجديد (2)

د. مراد علمي

اللغة الحية عندها تأثير بليغ على طريقة التفكير أو التصرف، الأقوال ديما كتــّـرجم للأفعال، الوعود كيفاش كتمّ؟ بالأقوال، باللغة الحية، ماشي بلغة أخرى، بعيدة كل البعد على المشاعر أو الأحاسيس، الأقوال هي سباب الأفعال، أو هادا هو دور اللغة البيولوجي، لمـّـا بغات الحكومة المغربية المواطنات، المواطنين ينخارطوا لا فى تطبيق التدابير الإحترازية ولا ّ التلقيح ما ستعملاتش لغة منمـّـقة ما كيفهمها حـدّ، غير واحد النخبة معربة ما كتفوتش 300 آلف، لأنها بغات توصـّـل المعلومة، تكسب رضى المواطنين، تتحبـّـب، تبني جسور، لغة الأم الحية أداة نسج، تشبيك العلاقات الإجتماعية، هي لغة التميز أو الإبداع بلا نهاية، نظرا لارتباطها بالذات بطريقة عفوية عميقة اللي ما عـمـّـر شي لغة غريبة، ثانية ولا ّ ثالثة تعلــّـمتيها يمكن ليها تاخود بلاصتها، هي دينامو التفكير أو العواطف.

عن طريق اللغة الأم كنكتاشفوا الحياة، العالم، محيطنا، بيها كنحتافظوا على الذكريات العزيزة علينا، غير إيلا تفوّهنا بكلمة “القنطرا” غادي نرسموا فى مخيلنا تقويسة على جنابها جوج سوار على ليمين أو ليسر، أمـّـا إيلا قولنا “قنطرة” باللغة العربية الفصحى شوف واش تحضر هاد الصورة ولا ّ لا، بحال إيلا قولنا “لو پو” بالفرانساوية، يمكن لينا نربطوا كلمة “القنطرا” بشي حاجة جميلة، رشيقة، أو راجع هادا بالأساس للمؤنث، أمـّـا المذكر بالفرانساوية من المحتمل إكون عنيف، خشين.

اللغة كتعطي ديما نبذة على طريقة تفكيرنا، نظرتنا للعالم أو ما كيدور فيه، مثلا الإدارة الأمريكية كتدفع اليوما كثر من 100 مليون دولار فى برامج معلوماتية باش تكشف نوايا المجرمين أو الإرهابيين الإسلاميين، غير المشكل المطروح هوما التعبيرات المجازية ولا ّ الجمل أو الكلمات اللي المعنى ديالهم ماشي هاديك باش نطقنا بيهم، بحال إيلا جنـــّـبنا الهضرة ولا ّ ستعملنا السخرية اللي صعيب على أي برنامج إفكــّـك تشفيرها، أو باش يفهم البرنامج المعلوماتي شنو بغى بنادم إقول ضروري نطعــّـموه بجميع معارف الناس، أو هادا شبه مستحيل بالطبع.

جميع البحوث اللسانية النفسية ثبتات أن لغة الأم الحية هي اللي عندها تأثير كبير على أنماط التفكير طيلة الحياة، اللي حل ّ كتاب أو قرا فيه قصة غرامية ولا ّ تخاصم مع شي حدّ غادي يتأثــّـر كثر، لأنه كنوضعوا يدّنا على موطن ضعف أو قوة فى نفس الوقت، أو علاش الكلمات العذبة، الشوق أو الحنان ولا ّ السب أو الشتم كيكون باللغة الحية ديال الأغلبية ديال المغاربة؟ لأنها قوية، كتدخول للقلب بلا فيلتر، يعني لغة الأم الحية مرتابطة بالكيان، بالذات، كيف قال واحد النهار الفيلسوف الألماني الكبير مارتيك هايدكر: “اللغة هي موطن الوجود”، هي المكون الأساسي ديال الإنسان باش ما إحـّـسش بالغربة، أو المشكل الكبير ديال الأغلبية ديال المغاربة كيحسـّـوا أنهم غرباء فى أوسط دارهم، فوق أرضهم، غير باش يرضيوْا أقلية معرّبة أوْ مفرنسة.

هادي هي عملية بتر، تشويه الذات أو خلق المقالب، السي عبدالله العروي كان كيدافع على اللغة العربية بحال إيلا المنظومة التربوية المغربية منظومة ناجحة، فعــّـالة حاسدنا عليها العالم بأسره، غير أخيرا نتابهات الدولة على أن المواد العلمية بالعربية كانت كارثة حتى بدّلات لغة التدريس للفرانساوية، بعدا عل الأقل كتفيد، كمرحلة نتقالية مرحبة بيها، ولكن فى السنين المقبلة ضروري تلقى وزراة التربية الوطنية أو التعليم العالي شي حل أو تغير اللغة الفرانساوية بالنكليزية، لغة العلوم، العالم الحقيقية.

هادوا اللي ما عاطيين حتى شي قيمة للغة الأم الحية ما عارفينش بأن بيها كـنشطوا، نتسلا ّوْا، ندخــّـلوا الفرحة للدار مع الحباب أو الصحاب، نعاودوا النكت أو غير إيلا ذكرنا بعض المفردات المعينة بلغة الأم يمكن لينا نحسـّـوا بـما الشهية غير كيدفق فى الفم، يعني شعورنا غير موضوعي أو كيسترشد بالعبارات اللي كنستعملوا أو اللي كيساعدونا نرتــّـبوا بيها المعلومات بدقة أو بسرعة كبيرة، على عكس لغة غريبة، بعيدة كل البعد على هموم الناس أو المعايش اليومي، بالأخص فى مجال تداعي المعاني أو الإستعارات اللي كتنقل تجربة ملموسة للمفهوم نظري، موطن الإستعارة التقاطع بين الوعي، تصريف الأفعال أو التفكير، إيلا قولت مثلا: “فيروس متوحّش”، يعني عطيتو صفة معينة اللي أكيد غادي تكون عندها وقع قوي عند المتلقي اللي ما يكرهش إعاقب، يمكن يبغي إتابع قضائيا المصدر، أمـّـا إيلا قولت “فيروس” غادي يبقى الأمر مبهم، آش من فيروس؟ خطير ولا ّ حميد، قـتــّال ولا ّ نافع، من المحتمل نبغيوْا نعرفوا مناين جا، شنو سبابو، أمـّـا فى الصيغة اللولة حسمنا الأمر، كما كنلاحظوا كلمة وحدة كافية باش ترجـّـح كفة الميزان.

جميع أبحاث الدماغ كشفات أن لغة الصور، لغة الأم الحية، كتقوم بتنشيط العديد من مناطق الدماغ اللي مرتابطة بمعنى، بحمولات الكلمات، أمـّـا اللغة الثانية أو الثالثة ما كتعرف حتى شي نشاط فى الدماغ، لأنها بعيدة كل البعد على المشاعر أو الأحاسيس، على سبيل المثال إيلا قولنا “الحنان”، من المحتمل نتفكــّـروا واليدينا لمـّـا خداونا بين يدّيهم أو حسّـينا بهاد الدفء اللطيف، ديما غادي نربطوا هاد الكلمة بهاد الشعور العذب، واليدينا ما كيتعاملوش معانا بشي لغة أخرى من غير لغة الأم اللي غادي ترسم إطار معاملاتنا مع الناس، غير إمـّـا كنحاولوا نلقاوْا حلول، نعتارفوا بالجميل ولا ّ ديما كنلوموا لوخرين، إيلا عوّدنا الناشئة على التقدير، الإحترام غادي إكونوا فى مستوى الحدث، أو الفضل كيرجع للغة الأم الحية، كانوا الوالدين غير كيلوموا أولادهم أكيد أن هاد الناس غادي إكون لسانهم سابقهم.

لغة الأم الحية متحكــّـمة فى الإحتياجات أو الرغبات، بلا ما ننساوْا دور المشاعر اللي مرتابطة بيها، وإلا ّ غادي إكونوا مجرد صور ذهنية تجريدية بدون أي طعم ولا مذاق بالنسبة للسلوكيات الشخصية، مشاعر إجابية بحال السعادة أو الأمل يمكن لينا نعتابروهم وقود المعاملة مع الناس، يمكن لينا نعتابروهم تحفيزات مهمة قصد التشبت بواحد الهدف معين، خلــّـينا تطغى علينا مشاعر سلبية بحال الخوف أو اليأس غادي نخفــّـفوا من نشاطنا أو نتخلا ّوا على هدفنا.

غير كنستعملوا لغة الأم الحية، يعني لغة التدريس، كتسجل محفزات كهربائية فى الدماغ قبل ما نقوموا بهاد المهمة أوْ لوخرى، مثلا، غير كنبغيوْا نشربوا قهوة على برّا، الدماغ كيستوعب الفكرة أو كيبدا إترجمها للواقع قبل گاع ما نخرجوا، كيقول ليك ما تنساش الفلوس، سوارت الدار، لبس الصباط إيلا كانت الشتى كتطيح، ما تنساش المظل، الكمامة إلخ.

هادا ماشي صراع بين اللغة المغربية أو العربية، ولاكن صراع بين العقل أو العاطفة، اللغة اللي ما عرفاتش تراعي الوعاء الثقافي أو الحضاري ما عمـّـرها تنجح، لأن اللغة ماشي غير أداة للتواصل ولاكن حمـّـالة للرسائل، توجهات، رغبات، حتياجات اللي دائما مرهونة بكشف سرها أو بعدها، أو إيلا ما حلــّـيناش مشكل لغة التدريس غادي تفرّخ المنظومة التربوية اللي بغا لينا السي عبدالله العروي غير الأفق المسدود، البطالة المتوحشة، تصدير الفقر، الهشاشة، الهدر المدرسي، كثر من 200 آلف كولا ّ عام، أو الهجرة الجماعية نحو الشمال بحال اللي حصل أخيرا فى سبتة أو مليلية.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

7 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
منير باعمار
المعلق(ة)
20 يونيو 2021 11:49

Un très bon article, Merci Professeur Mourad Alami pour vos différents essais sages et justes. En effet, nous ne pouvons avancer, faire des progrès comme tous les pays développés que si nous utilisons notre langue marocaine vivante. Ainsi, nous allons profiter entièrement de notre capital humain comme les Norvégiens, les Finlandais et Danois. Tous des pays démocratiques qui utilisent uniquement leurs langues maternelles vivantes. Car une langue qui ne se pratique pas tous les jours, toutes les semaines et toutes les années ne sert à RIEN. Sans langue vivante en tant que langue d’enseignement, pas d’avancée substantielle. J’admire votre courage et votre lucidité. En tant que spécialiste des langues et de la linguistique, vous etes le seul habilité à traiter ce sujet si crucial pour notre pays. J’attends avec impatience vos prochains écrits

الفرنسية عوض العربية
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 17:19

طريف أمر العروي، هو كتب جل كتبه بالفرنسية وفي نفس الوقت يطالب الآخرين باستعمال العربية الفصحى لأنها تتيح التواصل بين العرب! معلوم أن عرب الشرق الأوسط يعرفون الإنجليزية عوض الفرنسية.

مع من سنتواصل
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 17:16

ا صبت بالغثيان عند قراءة الفقرة الاولى !

بالدارجة التي لااااااترقى للغة لا يمكن ان نتفاهم حتى بيننا، بكل وقاااااحة تزعم انه الحل للتوضيف!!!!!!
سيشهد التاريخ انكم خربتم التعليم، بتطبيق توصيات اسيادكم

نبيل عيوش الصهيوني
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 17:13

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ
بِما تَحتَهُ مِن عَثرَةٍ وَشَتاتِ
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي

اللغة العربية و المتربصون
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 17:12

الديوان

الديوان » مصر » حافظ ابراهيم » رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
عدد الأبيات : 23 طباعة مفضلتي
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي

اخر مسمار في نعش التعليم
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 17:09

ااااااااه رأسي!!!!!!!
ماهته الخربشاااات؟ ما هذا الهذيان؟!!!!!
الدارجة ليست لغة اصلا فكيف تكون حية؟!!!! او ميتة!!!!!!

هي مزيج من الكلمات ويكاد سكان البيضاء لا يفهمون سكان طنجة، وكذلك وجدة!!!!

محمد
المعلق(ة)
18 يونيو 2021 10:51

تطاول الأقزام علۍ لغة لن يزيدها الا سموا …

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

7
0
أضف تعليقكx
()
x