لماذا وإلى أين ؟

سيناريوهات مابعد فك منيب ارتباطها بالفيدرالية

آشكاين/إدريس بيكلم

مباشرة بعد انتشار خبر إقدام الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد، على سحب توقيع حزبها من التصريح المشترك، لأحزاب فيدرالية اليسار بشأن توحيد الرمز والشعار واللوائح في الانتخابات المقبلة، عرفت الساحة السياسية نقاشا واسعا وحادا خاصة بين أعضاء ومكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، ومناصري هذه التجربة من قواعد ومتعاطفين وحتى المواطنين الذين يرون في مشروعها بديلا محتملا لواقع العمل الحزبي والبرلماني في المغرب، ويهمنا في هذا المقال تسليط الضوء على سياق قرار السحب وفك الارتباط، وتداعيات ذلك سياسيا وتنظيميا وانتخابيا، على الحزب الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي.

سياق سحب التوقيع
كشفت العديد من المصادر على أن سحب توقيع الحزب الاشتراكي الموحد من اللائحة المشتركة، تم بشكل انفرادي للأمينة العامة، دون استشارة منها لأجهزة الحزب القيادية، وبشكل سري مطلق، وبتخطيط قبلي سري امتد لأسبوع،  كما صرح بذلك لموقع “آشكاين” عضو المكتب السياسي لذات الحزب، محمد حفيظ، والبرلماني عن فيدرالية اليسار، مصطفى الشناوي، مما يعني أن الأمينة العامة منيب، عقدت العزم مند أيام على فك الارتباط بالفيدرالية دون إخبار أحد، ولحاجة في نفس يعقوب تريد قضائها، ويفضي سحب التوقيع قانونا إلى فض التحالف انتخابيا، بمعنى دخول الاشتراكي الموحد للانتخابات بشكل انفرادي وبشعار ورمز خاص، دون تنسيق مع اي كان، وبمعنى آخر فك الارتباط بالفيدرالية.

تداعيات السحب على الاشتراكي الموحد
إن تداعيات هذا القرار لن تتوقف عند حدود المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، الذي يطالب به الجميع داخل الحزب، لكن قد لا تصل إلى حد عزل الأمينة العامة للحزب نبيلة منيب، فمهما كانت أسباب الدعوة للعزل أو الإقالة، فالأمينة العامة لديها مناصرون في صفوف الحزب، ما بين من يؤيد اختياراتها جملة وتفصيلا حتى النهاية باعتبارها “أيقونة” الحزب واليسار، ومن يؤيد بعضها ويرفض أخرى لكن لن يقبل بإزاحتها، ومن يرفض هذا القرار موضوع الخلاف لكن لا يعتقد أنه مصوغ كاف لإقالة الأمينة العامة، لكن بالطبع ستكون هنالك محاسبة لمنيب، ولن تصل حد الاقالة أو العزل حسب مؤشرات عدة، لأن ذلك من شأنه أن يعمق أزمة الحزب أكثر، ويقوض فرصه في الانتخابات المقبلة، كما أنه من الممكن أن تحدث تسويات للقضية تفضي بعدول الأمينة العامة عن قرارها، وتحقيق بعض من شروطها أو طموحاتها، وطي الخلاف إلى حين، كما أنه من المرجح كذلك وقوع المزيد من الانقسام والتوجه رأسا نحو الاقالة، لكن آثار ذلك ستكون وخيمة على الحزب، وإمكانيات وقوعه ضعيفة رغم عنف الهزة التي أحذتها قرار الأمينة العامة هذا.

الفيدرالية بعد هذا القرار
يتمسك الطليعة والمؤتمر بالفيدرالية، رغم نزول منيب من السفينة، ولحد الآن تؤكد تصريحات قيادة الطليعة والمؤتمر على استمرار التحالف ضمن الفيدرالية واعتماد اللوائح الموحدة والرمز والشعار الواحد وكذا الأفق الموحد في الاندماج، إذ أن هذه الأحزاب لا تعرف اشكالات تنظيمية كما هو حال الإشتراكي الموحد، ولا مواقف متناقضة لأعضائه حول هذه القضايا، فالبنية التنظيمية للحزبين هي بنية تقليدية لا تسمح بوجود أو انتظام تيارات في صفوفهما، كما هو الحال بالنسبة لحزب منيب الذي اعتمد هذا الشكل التنظيمي حتى يكون نواة الحزب اليساري الكبير، الذي يضم مختلف تيارات وفرق اليسار المختلفة و المتصارعة أحيانا، ويدير اختلافها بشكل ديمقراطي تعددي، يغني الحزب وطروحاته ونضاله، لكن في واقع الأمر حصل عكس ما كان مأمولا فهذه التيارات تصارعت أكتر مما توحدت واختلفت أكتر مما توافقت، وعوض أن يكون للحزب دور في توحيد اليسار صار يشتت ما بناه مند سنين.

السباق الانتخابي بعد هذا القرار
إن الضربة التي تلقتها فيدرالية اليسار الديمقراطي بسبب قرار منيب فك الارتباط بها انتخابيا، سيضعف فرص الفيدرالية في تحسين نتائجها وموقعها في البرلمان، وقد بدى ذلك واضحا من خلال ردود أفعال عدد من متعاطفي هذه التجربة على منصات التواصل الاجتماعي، حيت عبر العديد منهم عن سخطهم الشديد على هذه الخطوة، واعتبر البعض هذه الخطوة ضرب في العمق لطموحات اليسار، في الحصول على نتائج مشرفة، ومراتب متقدمة في الانتخابات المقبلة، وتطوير تجربة نائبيها المشجعة في هذه الولاية النيابية التي تشرف على الانتهاء، وبالتأكيد فإن الاشكالات التنظيمية التي ستصيب أي حزب من مكونات الفيدرالية ستصيب الأحزاب الأخرى، وعرقلة حزب للمجهودات الجماعية للفيدرالية ستسهم في تراجع تأثيرها في محيطها ومتعاطفيها.

لقد كان الأمل معقودا لدى فئة كبيرة من المواطنين من الشباب خاصة المرتبط منه باليسار فكرا أو حتى تنظيميا، أن تقدم الفدرالية نموذجا جديدا للممارسة السياسية والبرلمانية، أو على الأقل لتطوير تجربتها البرلمانية ، لكن انكسر الحلم على أعتاب اللوائح الانتخابية، وكأن مشروع اليسار والحزب الاشتراكي الموحد مؤسس أصلا على الانتخابات ورهاناتها، بينما في الحقيقة هو مشروع فكري وسياسي مرتبط بالدرجة الأولى بالنضال من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية داخل وخارج المؤسسات، ما يجعل رهان الانتخابات واحدا من المداخل التي تراها ضرورية لتحقيق ذلك، واليوم بعد كل ما وقع تراجع الأمل لدى العديد، وانطفأت شمعة الحماس لدى البعض الأخر، واصبحت الرسالة بحاجة لمن يعيد إليها وهجها ومضمونها الدي على أساسه كتبت أول مرة، وحتى لا يموت الحلم .

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x