لماذا وإلى أين ؟

من يحمي المغاربة من “جشع” مختبرات تحاليل كورونا؟

شكل الارتفاع المهول لعدد الحالات المؤكدة إصاباتها بفيروس كورونا نقطة ضاعفت منسوب الإقبال على مختبرات إجراء فحوصات “pcr”  والاختبرات السريعة عبر الكاشف اللعابي للكشف عن كورونا، وهو ما جعل من بعض المختبرات تغذي عجزها  المالي الذي أصابها في فترات ما قبل هذا الإقبال اللافت، عبر مضافعة أثمنة الاختبارات، والتي تعتبر “الأغلى في المنطقة”، حسب ما أورده حقوقيون.

وخرج عدد من المواطنين والفنانين المغاربة، وأفراد الجالية المغربية التي توافدت على أرض الوطن لصلة رحمها، في تصاريح وفيديوهات متفرقة خلال ذروة الوباء الأخيرة، يشتكون عبرها مما وصفوه بـ”جشع” مختبرات تحاليل كرونا، التي أرهقت كاهلهم، وأنهكت قدراتهم الشرائية المحدودة، وهو ما يضعنا أمام تساؤل كبير عن: من يحمي المغاربة من جشع هذه المختبرات، أو بالأحرى كيف يمكن أن نتجاوز هذا الوضع؟.

منطق الربح حاضر بقوة

وفي هذا السياق، قال الحقوقي محمد الزهاري، إن “هذا الموضوع أثار انتباهي كحقوقي أولا، وأثار انتباهي كمواطن لأني عشت تجاربا من خلال أفراد أسر حكوا لنا تجاربهم مع مختبر من المختبرات، وتساءلت عن السبب الذي يجعل مختبرا يرفع الأثمنة، بينما كان في الظروف العادية، حيث لم تكن الجالية متواجدة في المغرب، ولم يكن الأشخاص في فترات السفر كما هو الآن، بمعنى ان الإقبال على تحاليل “”pcr” كان قليلا”.

“في حين نجد اليوم  أحد المختبرات توصلنا من مواطنين بشكاية ضدها”، يضيف الزهاري في حديثه لـ”آشكاين” مفادها أن “هذا المختبر على سبيل المثال لا الحصر، يستقبل حوالي 130 شخص يوميا لإجراء اختبرات كورونا، فتفاجات المواطنة المشتكية التي أخذت رفقة ابنها موعدا للاختبار، بأن نفس المختبر الذي كان يقوم بهذه التحاليل طيلة 6 أشهر مضت بـ400 درهم،  أضاف خلال فترة الذروة الحالية والإقبال المكثف عليه،( أضاف) للتعريفة الأصلية 100 درهم  لتصبح التعريفة الجديدة 500 درهم للشخص الواحد.”

ويرى الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، محمد الزهاري، في تصريحه لـ”آشكاين”، أنه “في الوقت الذي يُقبِل  فيه عدد من المواطنين على إجراء اختبارات تحاليل “pcr”، من المفروض أن يتم تخفيض أثمنتها لا أن يتم مضاعفتها، والذي يقع اليوم هو العكس”.

وشدد محدث “آشكاين”، على أن “منطق الربح حاضر بشكل كبير جدا، إذ ما معنى أن يتم تحديد تعريفة التحاليل في المحتبر في 400 درهم في وقت الذي كان فيه المختبر يستقبل بين 10 و20 شخص، في حين أصبح ثمن نفس الاختبار 500 درهم وعدد الوافدين على نفس المختبر يصول في اليوم الواحد 170 و200 شحص”.

جشع ومسٌّ بالقدرة الشرائية للمواطن

واعتبر الزهاري،  أن ما تقوم به هذه المختبرات في هذه الظرفية التي تشهد فيها إقبالا كبيرا، هو بمثابة  “جشع بالفعل ويمس بالقدرة الشرائية للمواطن، وفيه نوع من استغلال الوضعية، حيث عاينا عددا من المهاجرين يأتون للمختبرات رفقة أبنائهم وأسرهم مجتمعين، وينجزون اختبارات “pcr” بـ500 درهم للفرد الواحد”.

وأشار محدثنا، إلى أن “الكاشف اللعابي لكورونا، تم توزيعه سابقا على الصيدليات ليباع للمواطنين بثمن 100 درهم فقط، وقامت وزارة الصحة بسحبه من بعد، ليتم تحويل نفس الاختبار بالمختبرات بثمن 300 درهم، علما أن دول متقدمة أصبحت الصيدليات فيها تقوم بالتلقيح وبهذا النوع من التحاليل، بمعنى أن الدولة تعدد من نقط أخذ عينات إجراء التحاليل، ومن نقط  تلقيح المواطنين”.

موردا أن “هذا في دول أخرى، في الوقت الذي نقوم فيه في المغرب بتركيز هذه العمليات في مختبرات  تقع في جهات معينة، وهذا له علاقة بسلسلة ما قبل وصول تحليلات جهاز الاختبار اللعابي،  من الخليط الذي يضاف في التحليل ومكان قدومه وصولا إلى المختبر المصنع، وكل هذا فيه نوع من عدم تقدير الظروف المعيشية للناس، وحتى ظروف التي فتح فيها المغرب أبوابه للجالية المقيمة بالخارج، لأنه بالفعل استمعنا للعديد من المتضررين ويعتبرون أن هذا الأمر جشع لدى مختبرات إجراء التحاليل”.

فحوصات كروونا بالمغرب هي الأعلى ثمنا في المنطقة

من جانبه قال الدكتور الصيدلاني، ورئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي،  إن “ما يقع اليوم  هو وجود فحوصات “pcr” تصل إلى 700 درهم و600 درهم، وهذا الثمن يُعَدّ الأعلى في المنطقة، لانه حتى بالرجوع إلى أوروبا فلحدود الآن مازالوا يقدمون للمواطنين كشوفات “pcr” بالمجان، وهذا راجع إلى وجود “مونوبول” يحتكر هذا النوع من اختبارات “pcr” “.

تخفيض اختبارات كورونا إلى 50 درهما فقط

فمثلا، يسترسل عزيز غالي في حديث لـ “آشكاين”، أنه “في القنيطرة يوجد مختبر واحد ينجز هذا النوع من الاختبارات، في حين لا يوجد أي مختبر ينجزها في مدينة الجديدة، وهناك مختبر في خميس الزمامرة، بالتالي  فهذا “المونوبول” الموجود هو الذي ساهم في ارتفاع تحاليل “pcr” للكشف عن كورونا، في حين ان ثمن اختبارات “pcr” كان يمكن أن ينخفض إلى 250 درهم  فقط في جميع المختبرات”.

وأوضح عزيز غالي، ان “هناك مستوى آخر مرتبط باختبارات الكشف اللعابي السريع الذي طورته الشركة المغربية “Gigalab”، والذي تم تنزيله للصيدليات بثمن 100 درهم، وحسب تحليلي فيمكن  أن نخفض ثمنه إلى 50 درهم، بحيث عندما يصبح عدد المقبلين عليه كبيرا  سنزيل 20 بالمائة  من الضريبة على القيمة المضافة(tva)، وربح الصيادلة 10 بالمائة يمكن تقليصة للنصف لأننا في أزمة، أي سيصبح 5 دراهم ثمنا للفحص، والمختبر سيقوم بمجهود وسيبيعه بـ45 درهما إضافة إلى 5 دراهم للصيدلي سيصبح المجموع 50 درهما”.

صيادلة المغرب قادرون على إنجاز مليون فحص يوميا

وأكد  المتحدث نفسه، على أنه “بالطريقة التي ذكر سيكون الاختبار متاحا للجميع، لأن المغرب يتوفر على 13 ألف صيدلية، وصيادلة المغرب يستقبلون بشكل يومي قرابة  مليون ونصف مليون نسمة من المغاربة، بمعنى أن الصيادلة قادرون على إنجاز مليون اختبار في اليوم، إضافة إلى أن هذا الاختبار لن يكون محصورا في المدن فقط، لأن الصيدليات متواجدة أيضا حتى في القرى، فيصبح احتبار كورونا قادرا على الوصول للبادية، وينجز بشكل عادي”.

وتابع محدث “آشكاين”، أن “الوزارة تحججت في سحبها لهذه الاختبارات السريعة بأن المنتج غير مسجل، لكن  في الوضعية الحالية للوباء يجب أن تعمل الوزارة  على تسجيله بسرعة، بالإضافة إلى أن هذه الاختبارات اللعابية تباع في السوق السوداء، بالتالي إذا كان غير مسجل فيجب سحبه من السوق بأكمله لا أن يسحب من الصيادلة ويباع في الشارع، أو عند بعض الأطباء اللذين ينجزونه بـ400 درهم للفرد”.

الحكومة لا تريد أن تعرف العدد الحقيقي للمصابين بكورونا

وذهب غالي بالقول، إلى أن “الوضع الحالي به إشكالان، أولهما: جشع بعض المختبرات التي يمكن أن تفرض أثمنة كبيرة، إذ ان هناك  مختبرا قد أصدرت في حقه الوزارة بيان على أنه ينجز اختبارات في الرباط بشكل غير قانوني، وانها ستقوم بإغلاقه، في حين تم عكس ما ادعته الوزارة تم منحه في اليوم الموالي رخصة متابعة عمله، لانهم وجدوا أنه لوحده انجز  20 ألف اختبار قبل ذلك الوقت”.

إضافة إلى ذلك، يورد غالي “أصبح أطباء يقومون بهذه الاختبارات  بـ 400 درهم، في حين انه إذا تم تعميممهم على الصيدليات  التي تتوفر على تسجيل للحالات التي أجري لها الفحص، فسيتم رصد كل من أجرى الفحص ويمكن تتبع أثره، ولكن ربما أن الحكومة لا تريد ان تعرف العدد الحقيقي للأشخاص المرضى بكورونا في المغرب، لأن تعميم الاختبارات كما أشرنا سيعطي الوضعية الحقيقية، بالتالي فالحكومة مازالت تتحكم في الأرقام، وتقول انها انجزت 30 إلى 40 ألف اختبار ووجدت ضمنها 8 إلى 10 آلاف مصاب، بالتالي ففي تقديري 25 بالمائة من الأشخاص اللذين انجزوا الاختبارمصاببون بكورونا”.

سنصل 50 إلى 60 ألف حالة مؤكدة

الإشكال الثاني يستدرك رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هو “أين هو دور اللجنة العلمية التي توصي بالإغلاق والترخيص للوزارة باستعمال هذا الدواء من غيره، فلماذا سكتت عن الاختبارات، إضافة إلى أن أحد أعضاء اللجنة العلمية في تصريح سابق لـ”آشكاين”،  قال إنه لا يتوقع أن ترتفع هذه  الحالات بهذا الشكل، في حين أنني توقعت أن الوضع سيصل إلى هذا الارتفاع وأكثر، لذلك فعلى الأقل إن كانت اللجنة العلمية غير قادرة على  القيام بدورها، فعلى الأقل يجب أن تعترف بأخطائها”.

وخلص الطبيب الصيدلاني والحقوقي عزيز غالي، إلى أن الاستمرارا في  هذه الوضعية مابين 20 شتنبر و20 أكتوبر احتمال كبير سنصل إلى 50 و60 الف حالة إصابة مؤكدة في اليوم  الواحد، بالتالي حتى إذا اقتضى الحال يجب أن نفتح نقاشا علميا لإيجاد الحلول لهذه الإشكالات، لأن جميع الدول تناقش الحلول إلا نحن”.

إجابات معلقة حول سحب “الكاشف اللعابي” من الصيدليات

وفي سياق متصل، حاولت “آشكاين” التواصل مع شركة “gigalab” المغربية التي طورت “الكاشف اللعابي” والمعروف باسم “Gigalab Covid 19 Ag Gold Saliva” والمعد للاستخدام التشخيصي المختبري في كشف فيروس كورونا، لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء سحب وزارة  الصحة لاختباراتهم السريعة من الأسواق، إلا أن جميع هواتفهم ظلت ترن دون مجيب رغم إخبارهم بشكل مسبق بصفة المتصل، كما أن الشركة المعنية لم تتجاوب، لحدود كتابة هذه الأسطر، مع بريد إلكتروني وجهته لها “آشكاين” لأخذر رأيهم في الموضوع.

أحمد الهيبة صمداني – آشكاين

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
صحراوي مغربي
المعلق(ة)
10 أغسطس 2021 21:23

الحكومة والسلطات العليا في البلاد هي المسؤولة عن حماية الشعب

كريم
المعلق(ة)
10 أغسطس 2021 16:09

مكتكن دولة فيها الموسسات حشوما طرح هذ السؤال الان في اروبا طسط بطل

مواطن صالح
المعلق(ة)
10 أغسطس 2021 13:19

أنا درت لبنتي test pcr في مختبر في مكناس ب ألف درهم. الشفرة بالعلالي

إبراهيم
المعلق(ة)
10 أغسطس 2021 13:18

لو كانت هناك دولة بمؤسسات حقيقية لما وصل الأمر الفقر زائد البطالة وpcr نار على الفقير كان هذا الفيروس لم يتعظ به الناس قل لي بالله عليك اين المسؤولين عندما نرى دولا أوروبية صغيرة pcr مجاني وليس لها بترول ولا شيء والمغرب بثرواته ولكن لا شيء يسير في جميع القطاعات اين الخلل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x