لماذا وإلى أين ؟

مؤشرات عن قرب نهاية الأزمة الإسبانية المغربية

يبدو أن كرة ثلج الأزمة الإسبانية المغربية بدأت تخفض سرعتها واتجاه تدحرجها نحو الهدنة وحلحلة الأزمة، بدل اتجاهها السابق نحو التصعيد الذي بدا معه أفق التوافق مسدودا، حيث التقطت الجارة الشمالية في الآونة الأخيرة، إشارات علنية وأخرى خفية من المغرب، تفيد بقرب انتهاء الأزمة بين الجانبين

وكانت أولى هذه الإشارات  التي أشادت بها إسبانيا عبر إعلامها، هي عدم ذكر هذه الأزمة الحادة وغير المسبوقة بين البلدين في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش، وهو ما اعتبرته إسبانيا، خلال إعلامها، إشارة إيجابية،  أما الإشارة الثانية غير المعلنة التي التقطتها إسبانيا وروج لها إعلامها بشكل كبير هي عودة التنسيق الحدودي بين البلدين، ما أسهم في إحباط عشرات محاولات الهجرات الجماعية من الحدود المغربية إلى الثغرين المحتلين سبتة ومليلية.

وكان آخر هذه الإشارات الثلاث التي طفت علىسطح الأزمة بين البلدين هي حضور القائم بالأعمال الإسباني زيارة لدبلوماسيين أجانب لجهاز مكافحة الإرهاب المغربي، المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروف اختصارا بـ”البسيج”، يوم الخميس  المنصرم 5 غشت الجاري”، ما يطرح السؤال عن مسار الأزمة بين الجانبين، وهل يمكن  هذه الإشارات الثلاث مؤشرا على انتهاء الأزمة بينهما؟.

وفي هذا السياق، أكد أستاذ العلاقات الدولية و الخبير في الشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، على أن “المؤشرات كانت واضحة فعلا، خاصة أن العاهل المغربي في خطاب العرش لم يتنوال الأزمة الإسبانية، ولم يضعها ضمن أولويات السياسة الخارجية في الآونة الحالية، وكان التركزي كله  على الأزمة مع الجارة الشرقية الجزائر، وتورطها في العديد من الملفات خاصة في ملف زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، وأيضا العديد من الازمات المتعلة بماحدث في المنطقة العازلة بالتعاون مع البوليساريو”.

واعتبر العروسي، في تصريحهلـ”آشكاين”، أن “هذه المؤشرات ومنها السماح بإعادة انتشار قوات مراقبة الحدود والهجرة السرية ومطاردة المتسللين إلى الضفة الشمالية، وكلها مؤشرات تكشف على أن الازمة تمر من مرحلة انتقالية الهدف منها ربما هو التهدئة وقراءة المواقف من جديد، خاصة بعد إقالة وزيرة الخارجية غونزاليس لايا، وتعيين ألباريس مكانها وهو المعروف بمواقفه المتقاربة مع المغرب”.

وشدد الخبير في تسوية النزاعات، عصام العروصي، على أن “الحكومة الإسبانية الجديدة تفكر بمنطق إعادة ترتيب أوراق العلاقات مع المغرب، بمنطق توازن المصالح، كما أن الخسائر  التي تكبدتها إسبانيا هي التي سرعت بإعطاء هذا البعد الجيديد للعلاقات وإعادة ترتيب العلاقات الثنائية بين الجانبين، بعدما شهدته من مرحلة صراع واختناق وجمود، من خلال  استدعاء سفيرةالمغرب بإسبانيا، وغيرها من الإجراءات  الدبلوماسية الصارمة”.

ووسرى محدثنا أن”هذه الأزمة استنفذت كل وسائلها، وإسبانيا  وصلت إلى قناعة حقيقة، هي أن المغرب له العيديد من الامتيازات وهو يوفر لإسبانيا العديد من المزايا،خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإجرام، وعبور الجالية المغربية عبر موانئ إسبانيا، والمبادلات التجارية، إضافة إلى ما  ما يتوفر للمدينتيهن السليبتين سبتة ومليلية من عائدات  الاقتصاد غير المهيكل”.

المحلل والخبير في العلاقات الدولية: عصام لعروسي

وذهب الخبير في العلاقات الدولية نفسه، بقوله، إن “ما يجب أن تستوعبه إسبانيا هو تشبث المغرب بقضية الصحراء المغربية، خاصة بعد الانتصار العسكري الذي حققه المغرب في معبر الكركارات، وما تلاه من اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، فكل هذه الرسائل يجب أن  تستوعبها إسبانيا، لإعادة ترتيب العلاقات”.

هذه المؤشرات تنبئ بأن الازمة وصلت لنهايتها”، يستدرك الخبير في العلاقات الدولية نفسه، وأن “التصعيد  سوف يتوق، لأن إسبانيا عبرت عن حسن نيتها في استئناف العلاقات وفي استيعاب الموقف المغربي، وفي اعتبار المغرب كفاعل إقليمي لا محيد عنه بالنظر إلى  منطق توازن المصالح”.

ولفت لعروسي الانتباه إلى أن “إسبانيا  تجد نفسها الآن أمام فاعل إقليمي هو المغرب ويجب احترامه  بكل ما تحمل الكلمة من معنى، من خلال احترام حسن الجوار، واحترام  العلاقات المتكافئة، وليس كما كانت تعتقد إسبانيا في ما  كان يسمى بالدولة العميقة الإسبانية التي تؤمن بذلك التفوق ما بين الضفة الشمالية والجنوبية، ما جعلها تدفع بالاتحاد الأوربي داخل هذه الأزمة”.

وأرز المتحدث أن “هذه المؤشرات تفيدفي نهاية المطاف، أن إسبانيا استوعبت الدرس، وهي الآن بصدد ترتيب العلاقات على أساسا أركان ومقومات جديدة  تعطي للمغرب قيمته  الاعتبارية والمعنية، من خلال ضرورة استئناف التنسيق الأمني أولا ومعالجة الهجرة، واستئناف العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية أيضا”.

وخلص الخبير في تسوية النزاعات، عصام لعروسي، في حديثه لـ”آشكاين”، إلى أنه في “إطار الدبلوماسية غير العلنية، ربما تكون هناك  وساطات أمريكية وفرنسية أسهمت في تقريب وجهات النظر  بين الرباط ومدريد، حيث لا يشاء الطرفان تسليط الضوء على كل تطور لهذه المفاوضات، لإنهاء الأزمة في هدوء دون جلجلة إعلامية”.

أحمد الهيبة صمداني -آشكاين

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x