2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

يبدو أن تصريحات المسؤولين الجزائريين أخذت منحى تصاعديا في الهجوم على المغرب، فغير بعيد عن التهم الخطيرة التي وجهها المجلس الأعلى للأمن بالجزائر إلى المغرب، جاء الدور مجددا على أسطوانة ترسيم الحدود مع جبهة البوليساريو.
وقال وزير خارجية الجزائر، رمطان العمامرة، في مداخلة قددمها عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد في أشغال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي، أمس الخميس 19 غشت الجاري،(قال) إن بلاده “أنهت ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة، بما في ذلك مؤخرًا ما أسمته الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”؛ وهو ما اعتبره متابعون “مجرد تصعيد كلامي، وغير قابل للتطبيق كون الجزائر تحتضن البوليساريو على أراضيها في تندوف التابعة لولاية بشار، إذ كيف لدولة أن ترسم الحدود مع كيان داخل أراضيها”، مستغربين من اعتبار للجزائر بأن الأراضي العازلة منطقة محررة والجدار الدفاعي المغربي حدودا للمملكة”.
وتعرف الأمم المتحد المنطقة العازلة أو الآمنة، بكونها “عبارة عن مساحة معينة في بلد ما تحددها الأمم المتحدة من أجل توفير الحماية للسكان المدنيين، ويكون ذلك في حالات الحروب والصراعات الداخلية. كما تقام مثل هذه المناطق على حدود دولتين متجاورتين يوجد بينهما نزاع وخلاف، ويتم إعلان المنطقة العازلة لخلق منطقة فصل بين القوات المتحاربة أو المتنازعة، وتسمى أيضا منطقة الفصل في بعض عمليات الأمم المتحدة. وتدخل المناطق العازلة ضمن وسائل الأمم المتحدة لدعم عمليات السلام وتخفيف التوتر بين المجموعات المتحاربة أو المتنازعة”.
والغريب في استمرار الجزائر قرع طبول ترسمي حدودها مع البوليساريو التي تحتضنها فوق أراضيها، أنها لم تحدد عبر وثيقة رسمية أو بتصريح رسمي وواضح يحدد معالم هذا الترسيم، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن ماذا تقصد الجزائر بترسيم حدودها مع جبهة البوليساريو؟.
وفي هذا الإطار، يرى الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الامنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “هناك مغالطات تاريخية وقانونية في ما قالته الجزائر عن ترسمي الحدود، إذ كيف يمكن الحديث عن ترسيم الحدود مع كيان وهمي لا تعترف به الأمم المتحدة”، مؤكدا على أن “مسألة ترسيم الحدود هي مجرد مناوشة ومناورة جديدة من قبل النظام العسكري في الجزائر لاستمرار العدوانية والهجوم على المغرب، من قبيل ما أعلن عنه مجلس الأمن الأعلى بالجزائر حول إعادة العلاقة مع المغرب ومراقبة الحدود”,
واعتبر لعروسي ، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “هذه المناورات تدخل في إطار التصعيد مجددا، وإذا تحدثنا عن حدود جغرافية وقلنا مثلا أن الجزائر سترسم الحدود مع البوليساريو فهذا يعني اننا نعترف بوجود هذا الكيان، ونعترف أن من يراقب الحدود هي البوليساريو، إلا أن العكس هو الحاصل الآن، إذ أنه بعد انتصار المغرب في الكركارات فهو المكلف بمراقبة الحدود والمنطقة، وهو انتصار عسكري حاسم دفع بالعديد من التوافقات خاصة الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه”.
وشدد محدثنا على أن “الحديث عن ترسيم الحدود مع جمهورية مخالف للقانون، حيث لا وجود لأي اعتراف بها سوى ما كان سابقا في منظمة الوحدة الإفريقية في الألفية السابقة، ونحن نعلم أنه حينها كنا نتحدث تاريخيا عن صراع شرق غرب وتقاطبات بين المعسكرين الغربي والشرقي، وكان هذا الاعتراف يدخل في هذا السياق، إذ أننا نتحث عن حقبة تاريخية محمومة، بينما الآن لا يمكن الحديث عن هذا”.
ولفت الخبير في تسوية النزاعات نفسه، الانتباه إلى أن “ما قالته الجزائر هو مجرد تصريح للتصعيد والضغط فقط، وليس هناك إمكانية لتنفيذه، لأنه في المنطقة العازلة لا وجود إلا لبعض المناوشات المضحكة التي قامت بها جبهة البوليساريو، كونها لم تغير من التوازنات العسكرية، بينما نحن نتحدث عن جيش مغربي تمرس على العمل الدفاعي والهجومي، بالتالي لا يمكن الحديث عن أي ترسيم للحدود من هذا النوع”، موردا أن “هذا مضحك ومسرحية هزلية تستمر فيها الجزائر”.
وخلص محدثنا إلى أن “ما تعلنه الجزائر يدخل ضمن البروبغاندا السوداء، لأن الهدف منه هو إثارة الفتنة، وإثارة الانتباه إلى أن هذا كيان ودولة ونحن نرسم الحدود معها في اتجاه تقرير المصير وغير ذلك”، مشيرا إلى أنه “عندما نتحدث عن تقرير المصير فهذا أمر ليس دائما سلبيا، ولا يعني الانفصال دائما، بل يمكن أن يتم تقرير هذا المصير داخل الوحدة وداخل البلد الواحد، خلافا للمعنى الذي لازال النظام الجزائري يفكر فيه، وهو أمر خاطئ”.
جدير بالذكر أن المجلس الأعلى للأمن بالجزائر، أعلن في اجتماع استثنائي له، الأربعاء 18 غشت الجاري، عن قرار الجزائر إعادة النظر في علاقتها مع المغرب، متهما إياها بتهم خطيرة، على خلفية حرائق غابات تيزي وزو بمنطقة القبايل، كما أمر المجلس “بقيادة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون “تكثيف المصالح الأمنية لجهودها من أجل إلقاء القبض على باقي المتورطين في الجريمتين وكل المنتمين للحركتين الإرهابيتين اللتين تهددان الأمن العام”، حسب وصفه، مضيفا “لا سيما (الماك) التي تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية وخاصة المغرب والكيان الصهيوني”.
واعتبر مجلس عسكر الجزائر ، حسب تعبير بيان صادر عن نفس الاجتماع. أن ما قال “أفعال عدائية متكررة من طرف المغرب ضد الجزائر”، دون أن يحدد ما هي هذه الأفعال، دعت بحسبه إلى ” إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية”.
أحمد الهيبة صمداني – آشكاين