لماذا وإلى أين ؟

أتلاتي: هناك سبب لا يعرفه إلا الراسخون يجعل الآلة العسكرية الجزائرية تتخبط

 طارق اتلاتي*

في السياسة نظريات واقعية تقبل التنزيل والممارسة شريطة الإمساك بقواعد وأدبيات الفهم وإحكام المنهج تحقيقا لمقاربة التجانس في القول والفعل.

كما تمة نظريات هلامية لا تستوعبها بالمطلق مقومات المنطق، وبالتالي غالبا ما تحسب اعتباطا على ترف “المنطق” لفقدانها الأسس والآليات والمفاهيم، ما يدفع المتعصبين لهذه النظريات إلى إعمال منهجية التدليس لتصريف منظومة تزوير الحقائق نظير خلق واقع مزيف على الجانب الآخر المنتصب بكافة شموخ مقوماته الأدبية والتراثية والسياسية والتاريخية والجغرافية داحضا وماسخا لكافة مظاهر التزييف والتزوير والتدليس، بخاصة إذا ما كان الأمر في مثل هذه النظريات الاختلاقية يتعلق بما يعرف ب “التحويرات الترابية” التي تروم محاولة تهريب وتغيير المعطيات الجغرافية الملتصقة بطبيعة الأرض، كما هي الحالة المتجسدة في النظام العسكري الجزائري الذي بنى عقيدته الوجودية والسياسية التي أسس لقواعدها التآمرية الهواري بومدين في أبرز عملية تزوير شهدها تاريخ البشرية على وحدة الشعوب، وذلك منذ فجر الاستقلال إلى اليوم عبر بوابة تكريس أوسخ فصول العداء المصطنع ضد المملكة المغربية من خلال زرع كيان انفصالي وهمي ينازع المغرب في حقوقه التاريخية والشرعية والجغرافية بأقاليمه الجنوبية.

محطات في التاريخ المعاصر طويت وأجيال تعاقبت وسياقات تغيرت، لتظل الحالة السيكولوجية للقيادة العسكرية في الجزائر على حالها ثابتة على اللامنطق بفعل إصرارها على مواصلة تغذية العداء ضد المملكة المغربية عبر توسيعها لدائرة الإشاعات والافتراءات والأكاذيب المروجة لتهديداتها، والإمعان في وصمها بالعدو الكلاسيكي والتسويق لصورتها السوداء وغير المؤتمنة لجوارها في تكريس لعمليات تدجين واسعة النطاق بصفوف المواطنين عبر تسخير ممنهج لكافة وسائل الإعلام الرسمية العازفة على نغماته، إلى جانب التجنيد المفرط للذباب الإلكتروني المكلف بخدمة نفس الأجندات بغرض نسف أي تقارب بين الشعبين المغربي والجزائري، وتبخيس كافة المبادرات الأخوية للمملكة المغربية الرامية إلى طي صفحة الخلافات السياسية بالقفز على المزايدات الإعلامية والديبلوماسية المسممة للعلاقات الانسانية والروابط التاريخية، وفتح آفاق جديدة خالية من كل أشكال الحقد والضغينة والكراهية والاحتكام لمنطق الجوار السليم المبني على الاحترام المتبادل وترسيخ قيم التضامن واستشراف مستقبل إطار لمصير مشترك. لكن يبدو واضحا وبجلاء أن نظام العسكر بالجزائر متشبت بمنطق تقعيد العداء ضد المملكة المغربية، بالرغم من الدعوات الصريحة التي كان آخرها خطاب الملك بمناسبة عيد العرش الذي لخصه في رفع الحجر عن النظام العسكري الجزائري للمضي قدما نحو بناء تاريخ مشترك أساسه التآخي وخدمة الشعبين.

رد فعل جزائري كانت سمته هستيريا مبنية على رفع منسوب المخاوف والتهديدات التي لا توجد إلا في مخيال قيادات النظام العسكري لسنين يخبرها المغاربة جيدا يتمثل في الإبقاء على سياسة العدو الافتراضي المجسد في الجار المغرب.

وهناك سبب آخر لا يعرفه إلا الراسخون في الشأن الدولي يجعل الآلة العسكرية الجزائرية تتخبط ببلاغات رئاسية تذكي النعرات في محاولة لرسم خارطة إطالة عمر العسكر؛ فهل فعلا سيطول عمر العسكر بحكم الجزائر وسيشكل النظام بها استثناء على السياق الدولي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليظل نظام الجزائر النظام العسكري الشمولي الوحيد الذي لم يسقط إلى حدود الساعة؟

رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الله
المعلق(ة)
22 أغسطس 2021 08:34

مقولتان منطقيتان متناقضتان و متنافيتان يتشبث بهما العقل العسكري الجزائري و هما مقولة ” الحفاظ على الحدود الإستعمارية” و “حق تقرير المصير الشعوب ” .كابرانات الجزائر لا يتكلمون صراحة عن المقولة الأولى في دعايتهم لأنها ستفضحهم بينما يركزون على المقولة الثانية بانتقائية ماكرة فيحلونها لشعوب و ينكرونها على شعوب أخر ى .نفس قصة مشركي قريش مع الأشهر الحرم .

زكرياء
المعلق(ة)
21 أغسطس 2021 18:23

جوابا علۍ السؤال الإشكالية المطروح في نهاية هذا المقال فلننطلق من هذا السؤال الفرعي الذي يمهد للجواب:هل يجرؤ تبون الذي جاء به العسكر للرئاسة أن يحيد عن الطريق الذي رسمه له كبرانات الجزائر في رعاية مصالحهم وضمان استمرار وجوده وليس مصالح الشعب الجزائري ?! بداية الجواب بديهيا هي لا , ومايزكي هذا الطرح ما يلي:مختبرات المخابرات العسكرية الجزائرية لما لمست نوعا من التقارب بين الرئيس الراحل الشاذلي بنجديد والمغرب والسعي لحل مشكلة الحدود والصحراء المغربية تمت إزاحته بمسرحية هزيلة بعد أن أدخل العسكر الجزائري بلاده في عشرية دموية راح ضحيتها آلاف الجزائريين من أطر وكوادر ونخب وعامة الناس الذين لم تصرح السلطات الجزائرية بعددهم إلۍ الآن عكس إحصائها لمليون ونصف شهيد إبان الثورة! ثم جيء ببوضياف الذي تمت تصفيته بسرعة بمجرد إعلان تقاربه مع المغرب وبطبيعة الحال الاغتيال تم علۍ يد عسكري بسيط لا يعرف إلا تنفيذ أوامر رؤسائه! ويستمر مسلسل حمامات الدم العسكرية تخطيطا وتنفيذا إلۍ أن جيء ببوتفليقة الذي يعرفه العسكر حق المعرفة فأجلس علۍ كرسي الرئاسة حتۍ بعد أن أصيب بشلل حركي وعصبي في أكبر مهزلة عرفها تاريخ رئاسات الدول! واليوم يأتي دور تبون الذي يجيد كيل التهم للمغرب تنفيذا لأوامر أسياده وعلۍ رأسهم شنقريحة الذي لا يستحيي من القول بأن الجزائر أكبر قوة إقليمية ,التي هي فعلا أكبر قوة في إبادة الشعب ولو بإشعال النار في جسده ومنازله وخيراته ليدخل بذلك موسوعة التاريخ إلۍ جانب هولاكو ونيرون ودركولا الأسطورة التي تمشي علۍ أرض الجزائر . وأنۍ لها أن تصل بشرورها أرض المغرب الذي له ملك إلۍ جانب شعبه مجندون لحمايته وضمان استقراره ووحدته ونمائه

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x