لماذا وإلى أين ؟

المغربي يهضم كل الأوهام حتى خرافة “الجن الذي يعيش داخل القادوس”

المغربي له قدرة على هضم كل الأشياء، كما أن له القدرة على هضم كل الخرافات، وخصوصا التي تكون مستوحاة من التأويلات الخاطئة للنصوص الدينية. وهنا سأعرض ثلاثة أمثلة شائعة في مجتمعنا.

1-الكلاب والملائكة:

الكل يعتقد أن المكان الذي يوجد فيه كلب لا تدخله الملائكة، ويجب على الكلاب أن تبقى خارج المنزل. منطقيا، إذا أخذنا عمارةً سكنية وكان لصاحب الشقة بالطابق الثاني كلب يعيش معه، فهل الملائكة لا تدخل هذه الشقة أو لا تدخل العمارة بأكملها وتصبح جميع الشقق خالية من الملائكة؟ وإذا اعتبرنا المدينة كلها فضاء واحدا، ونعلم أنها مملوءة بالكلاب، فهل هذا يعني أن المدينة بأكملها لا تدخلها الملائكة؟ وبإمكاننا أن نستمر على هذا المنطق ونطبقه حتى على الكرة الأرضية بأكملها كفضاء!

ثم أطرح سؤالا آخر، ما هو دور الملائكة وعلاقتها بالإنسان؟ وماذا يحدث إذا كانت داخل أو خارج البيت؟ وهل هي التي ستدافع عني أمام لص بداخل بيتي أم الدّوبِرْمانْ؟

2-الجن والقادوس والماء الساخن:

كل المغاربة تعلموا عدم إفراغ الماء الساخن في القادوس لتجنب حرق الجن الساكن بداخله. وإذا آذيناه بهذه العملية فسيؤذينا بدوره ويمسنا ويصرعنا. لنتصور الآن عمارة سكنية كل قواديس الشقق، كما نعلم، تصب في قادوس واحد. ولنتخيل أن صاحب شقة بالطابق الخامس يفرغ ماءا ساخنا في قادوسه وهذا الماء سيمر على قادوس صاحب الشقة بالطابق الرابع ويحترق جن صاحب هذه الشقة ويصاب بالصرع والمس في حين لم يفرغ أي ماء ساخن بقادوسه. هل هذا من المعقول ومن المنطق ومن العدل أن يصرع إنسان لم يرتكب أي خطأ؟

وما بالكم بقواديس الحمامات العمومية والصُّونا والمطابخ والمعامل التي تفرغ فيها كميات كبيرة من الماء الحارق؟ ومَن مِن العلماء عثر على جن قاطن بالقادوس؟ ولمّا يقوم السمكري (بْلومْبيي) بإصلاح القادوس لماذا لا يصرعه الجن القاطن به؟

3-أهل المكان “هْلّْمْكانْ”:

تعود المغاربة عند دخولهم إلى مكان ما لا يوجد فيه أي شخص أن يقرؤوا السلام. ولما سألت لمن يقولون “السلام عليكم”، كان الرد “على هْلّْمْكان”. ثم طرحت سؤالي: “من هم أهل المكان؟”، كان الجواب: “لكل مكان أهله من الجن، ومنهم المسلمون الذين يجب قراءة السلام عليهم”. “وأين هم لا أراهم؟”، والجواب: “هم يعيشون تحت أرض المكان”.

الآن إذا أخذنا عمارة سَكنية وبالضبط شقة في الطابق الرابع، مثلا، وتساءلنا أين هم أهل المكان “واشْ هُما لِّي في الطابق الثالث؟ جيراني لّي تْحْتي جنون؟ أم هْلّْمْكانْ عايْشينْ في وْسْطْ الضّاَلا الِّي هيَ أرض الطابق الرابع وْالسّْقْفْ دْيالْ الطابق التّالتْ، يعني هداكْ لّي في الطابق الثالث عايْش بين جْنون دْيال الطابق الرابع والطابق التالت؟ أم للعمارة بأكملها هْلّْمْكانْ وْحْدينْ عايْشينْ في “الكراج” والى ماكانْشْ كاراج يعني جْنون دْيال ليطاجاتْ كامْلينْ عايْشينْ عْند لِّي ساكنْ في رّيضْشوسي؟

ماذا نعلم أبناءنا؟ الخرافات التي تدمر المنطق وتجعل من المغربي “مْكْلّْخْ” و”مخدر” وغير مستقر في تفكيره وصناعة أفكاره. والأخطر من هذا هو إذا حاول الطفل أو المراهق أو حتى الراشد نقد هذه الخرافات نتصدى له بالتهديد بخرافات أخرى مثل “أنا كَنْعْرْف واحْد السيد فرغ الماء سخون في القدوس وصْرعو الجن وأصبح مشلل وْدارو تْسْكناتْ”. بمعنى آخر كأن هذه الخرافة تقوم على تجربة علمية لا نقاش فيها! نوع آخر من التهديد لإيقاف الفكر النقدي “راهْ جْنونْ والملائكة مْذكورين في الكتب السماوية واشْ بغيتي تْكْفْر بالله وتْدْخْل للنار؟”

فما هي أهداف هذه الخرافات وغياب برامج ومشاريع لمحاربتها؟

1-قمع الفكر النقدي.

2-السيطرة على الفكر والتحكم فيه.

3-الإرهاب الفكري واستعباده.

4-زرع الرعب الفكري.

5-استدامة الجهل الفكري (هذا النوع من الجهل يبقى قائما مهما كان المستوى الدراسي والثقافي).

6-استنساخ فكر واحد لسهولة السيطرة على المجتمع (وهذا الاستنساخ الفكري ناجح جدا في المجتمعات المتخلفة ولقد سبقوا العلم في اكتشاف عملية الاستنساخ).

7-محاربة كل فكر جديد، وتأتي هذه المحاربة من الفرد المستنسخ وليس من الجهات المسؤولة. وهنا نرى النتيجة الرائعة لهضم هذه الخرافات، لأنها هي التي تحول الفكر النقدي إلى الفكر المْكْلّْخْ المستنسخ.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

9 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
الهاشمي
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 20:25

من خلال كلامك اظن انك ربما لاول مرة تسكن عمارة.لا تقف ما ليس لك به علم.انت شيطان ساكن فشى قادوس انت لي خلصنا نحضيو راسنا منك

فق من النعاس
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 17:25

كالحمار يحمل اسفارا.

الحداد
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 13:48

نعم هدا موضوع مهم وصاحب المقال اصاب الهدف فعلا هنا عندنا في دول المغرب الكبير زائد مصر نعيش على اشياء خرافية وغير منطقية ورغم ذالك نصق كل ما يقال من الخرفان الجن يسكن في القادوس خانز ولمادا لايسكن في القصور والفيلات والفنادق الفخمة كما يشاع تسكب الماء الساخن مع المغرب يضربوك الجنون كلام غير صحيح اما اضرحة الاولياء تجد العجب العجاب من التخلف ويوجد من بين الزوار بعض الشباب والشابات متقفين ولكن البيئة والخرفان طغت عل فكرهم الجن لايسكن في في جسم الانسان كما يحكون وهده الاوهام التي يعيشون فيها كثير من الناس يساهم في تأكيدها مجموعة من الدين يسترزقون بالرقية ويستغفلون طيبوبة بعض الناس ليستولوا على اموالهم لازم نمنع الرقات لانهم انتشروا في جميع المغرب وصار كل من لم يجد عمل يعمل لحية ويقول راقي شرعي

سعيد
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 13:31

تحليل منطقي و شفاف لواقع الخرافة بالمجتمع المغربي لكن الخرافة متغلغلة في عقول المغاربة لحد الذهول.
فاش تلقا طبيبة غادا عند شوافة…
فاش تلقا أستاذ يتحدت عن الجن و كأنه رآه….
فاش تلقا محاضر عند الشرطة مسجلة ضد الجن….
اش بقا متقول
مجتمع أصيب بجميع الأمراض عن قصد و عن غير قصد حتى أصبح متعفن و تفوح منه رائحة النتانة

Abdelilah
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 11:53

ضيعت 5 دقائق من حياتي حينما قرأت هدا التحليل الفاشل

Moh
المعلق(ة)
الرد على  /IDAHOCoeur D'alene
4 سبتمبر 2021 09:52

العنوان جيد ولكن طريقة علاج القضية بامثلة من هنا وهناك افرغت المحتوى من اي افادة ..من قرتءتي للعنوان اعتقدت انك ستجيب عن سؤال لماذا هذا الكائن. المروكي مستعد لعجن كلةماةلا يعجن داخل دماغه؟ ههه لدي سؤال لك. استاذ ..لماذا لم تتطرق لخرافة. رؤية الملك محمد الخامس وهو تغطي صورته كل مساحة القمر ههه؟ ولماذا برأت. الجهات المسؤولة. من تكريس هذا الواقع ؟وعلى اي حال فهذه الخرافات كانت في كل المجتمعات وقد الهمت صناع السينما في هوليود. وغيره لزمن طويل. مما ساعد في تدوير هذه المعتقدات الخرافية ..لم تذكر قصة الاطباق الطائرة التي تصدرت البوز من الستينيات الى التسعينيات وهي خرافة من صناعة الغرب وما زال كثيرون يتحدثون عن وجود ملفات في ادراج السي اي اي على ان تلك ااحكايات التي رواها فلاحون ومن هب ودب لها علاقة بكاءنات عجاءبية …وهناك خرافة مصاصي الدماء التي كانت المحتمعات الغربية تصدقها الى عهد ليس ببعيد الخ. الخو ..الا ان المشكل عندنا هو توارث هذه الخزعبلات واستمرار تصديقها في الالفية الثالتة حتى. من بعض “المثقفين”

ابوفاطمة
المعلق(ة)
الرد على  ابو زيد
4 سبتمبر 2021 08:39

دعك عنك هذه الأمور الغيبية فأنت لا تفقه فيها كماهي عادتك في الكتابة ..تريد ان تقنع نفسك وتقنع الناس انك تفهم في كل شيئ وانت لاتفهم في اي شيئ حتى ميدانك العلمي والاكاديمي المتخصص فيك فأنا متعحب كيف حصلت على الدكتورة فيه….على كل حال في مسألة الجن الذي تنفي وجوده وبالتالي تتنكر لأمر ذكره القرأن الكريم …وانا لايهمني الحادك وكفرك وأنا أدعوك ان تقرا في موضوع مايسمى بالطاقة السلبية للتي لانراها ولكن نشعر بها لعلماء واختصاصيين وباحثين غريبين وعشرات الالاف من الحوادث الغريبة الخارجة عن نطاق الطبيعة والمألوف التي تقع في جميع أنحاء الكرة الأرضية..الغربيون يسمونهم غزاة فضائيون يأتون من عالم آخر..بينما نحن المسلمون نسميهم الجن وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم ثلاث انواع..وانا فيهم الجن المسلم والشياطين وأوصانا ان نستعيذ بالله منهم..الشرح يطول ولايهمك المجال للايجار فيه….وعلى كل حال ايها المبروكي انا اتحداك امام نفسك وضميرك والسادة القراء ان تذهب لوحدك ليلا وفي الساعة الواحدة او الثانية الى منازل مهجورة وخربة وتجول فيها وخذ معك الكاميرا الحرارية للتصوير..وبعدها سترى …اتحداك نعم اتحداك ان تفعل..وانا اعلم انك اجبن من ان تفعل..

ابو زيد
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 04:11

قال تعالى ” اذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم….” قول الحق…
و اسألوا اهل العلم بدل سؤال من تريدون جوابا على مقاس افكاركم…
السلام عند دخول البيوت الغير الاهلة مستحب شرعا و كفى…
يجب عدم الخلط بين الخرافات و ما هو شرعي ،قد لا تجد فيه منطقا لانه لا يتوافقك و قناعاتك، لكن ذلك لا يعني أنك على صواب، فهل نترك اليقين ل…

/IDAHOCoeur D'alene
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2021 02:57

إلى العالم المفدى حاول أن تتعلم أصول دينك و الا ابتعد عن الدين.فلا تفقه شيئا ،و من خلال ما كتبت فإن تطعن في الدين…..

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

9
0
أضف تعليقكx
()
x