لماذا وإلى أين ؟

حيلة الجزائر لجـرّ المغرب إلى مستنقع الحرب (تحليل)

لا صوت يعلوا في الأونة الأخيرة على صوت التصعيد المتواصل للنظام الجزائري واستفزازاته المتتالية على الحدود المغربية.

فمنذ رجوع جبهة البوليساريو ومن ورائها النظام الجزائري، الحاضن الأساس لها، بخفي حنين من أحداث الكركارات، لم يدخر جنرالات الجارة الشرقية جهدا في مواصلة شد حبل العلاقات مع المغرب للوصول  إلى غاية هو الوحيد يعرفها.

لكن المؤشرات المترادفة من خلال ما رشح من أحداث على الحدود بين الجانبين، تؤكد بشكل جلي رغبة الجزائر جر المغرب إلى مستنقع حرب غير محمودة العواقب، رغم تجاهل المملكة المستمر لهذه الاستفزازات.

الخميس الأسود..طرد مزارعي ضيعات العرجة

فبدءً بأحداث ضيعات العرجة بإقليم فيكيك في “الخميس الأسود” المؤرخ بـ 18 من مارس 2021، والذي أقدم فيه الجيش الجزائري على طرد مزارعين مغاربة بدعوى أن هذه الأراضي جزائرية.

رغم أن هذه الأراضي هي نفسها التي ظل أولئك المزارعون المغاربة المطرودين منها يستغلونها لعقود طويلة بأوراق ثبوتية تحمل ختم السلطات المغربية، وتؤكد أحقيتهم في استغلالها، لكن الجزائر أبت إلا أن تختار التوقيت المناسب رغم أنها لم تحرك ساكنا للمطالبة بهذه الأراضي طوال العقود الماضية.

وهو ما قابله المغرب بطريقة وصفها مراقبون بـ”العقلانية”، رغم أنه كان بإمكانه اللجوء إلى الرد العسكري، ما جنب المنطقة أول فتيل للحرب كانت الجزائر تحاول افتعالها.

حرائق القبايل وقطع العلاقات

ويبدو أن طرد مزارعي ضيعات العرجة، و قبلها أحداث الكركارات، لم تكن سوى قطعة الثلج التي تخفي جبل جليد من الأحداث التصعيدية من النظام الجزائري سرعان ما ذاب في اتجاه البد الجار المغرب.

حيث أعقب ذلك اتهام مباشر للمغرب بعلاقته بحركتي “الماك” المطالبة باستقلال منطقة القبايل شمال الجزائر، و”رشاد” الإسلامية، اللتان يصنفهما النظام الجزائري على أنهما حركتان إرهابيتان والمتهمتان بالتورط في إشعال حرائق غابات منطقة القبايل بالجزائر، وذلك بعد اجتماع لما تسميه “المجلس الاعلى للأمن بالجزائر” برئاسة عبد المجيد تبون.

عقب هذا التمهيد، أعلن وزير الخارجية الجزائرية، رمطان لعمامرة، أن بلاده قررت قطع علاقاتها مع المغرب، مرجعا ذلك إلى أسباب وتهم لم تقنع حتى الشعب الجزائري نفسه.

وهي التهم التي جاءت في 24 من غشت 2021، أي أسابيع فقط من مد المغرب يده إلى الجزائر عبر خطاب الملك محمد السادس، في 31 يوليوز المنصرم، الذي وصف البلدين بـ”التوأمين”، وطالب الرئيس الجزائري بطي صفحة الماضي وبداية مرحلة جديدة تُستهل بفتح الحدود.

إغلاق المجال الجوي

وكان آخر مسلسل التصعيد الجزائري، غير المفهوم تجاه المغرب، إعلانها، في 22 من شتنبر الجاري، إغلاق المجال الجوي الجزائري،، دون سابق إنذار، أمام الطائرات المغربية المدينة والعسكرية وتلك التي تحمل ترقيما مغربيا، في خطوة شبهها المحللون بمحاول “حصار” المغرب اقتصاديا.

إلا ان الرد جاء سريعا من الخطوط الملكية المغربية، في تصريح صحفي لأحد مسؤوليها، الذي اكد أن هذا الإغلاق لن يضر سوى بـ15 رحلة أسبوعية فقط، وأن الرحلات التي كانت تمر عبر الأجواء الجزائرية تصل إلى وجهاتها في الوقت المحدد”، وهو ما بدد آمال النظام الجزائري وجعل خطوته تبدو غير مبررة فعليا وهدفها الإضرار بمصالح المغرب أكثر منه هاجس أمني كما ادعته قيادة الجزائر.

إلا أن ما قمت به الجزائر من إغلاق مفاجئ لمجالها الجوي، يراه مراقبون أنه يتنافى مع الأعراف الدولية لحسن الجوار، ويشبه نوعا من أنواع الحرب الباردة.

فرقة عسكرية جزائرية على حدود فيكيك

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى استفزاز جديد، من خلال تمركز عناصر من الجيش الجزائري قبالة خندق للقوات المسلحة المغربية في المكان المذكور، قبالة الطريق الوطنية رقم 10 الرابطة بين فيكيك والراشيدية، الخميس 23 شتنبر الجاري.

وهو ما دفع مدرعات من الجيش المغربي للتحرك، دون إطلاق نار، ما عجل بتراجع عناصر الجيش الجزائري والعودة أدراج سبيلهم، وهو الأمر الذي أكده شريط  فيديو توصلت به “آشكاين” يوثق لحظة حضور القوات العسكرية المغربية إلى عين المكان.

في حين أوضحت صفحة “فار ماروك”، المتخصصة في أخبار القوات المسلحة الملكية، نقلا عن مصادر دبلوماسية وأمنية  لم تسمها، أن الأمر “يتعلق بلجنة مشتركة مغربية جزائرية تجتمع بشكل دوري لترسيم الحدود بين البلدين”. نافية حدوث أي احتكاك بين الجانبين.

كل هذه المعطيات والمؤشرات المترادفة كرونولوجيا، تظهر  جليا أن الجزائر تنهج حيلة ايتفزازية لجر المغرب إلى الرد والدخول في مواجهة عسكرية، لكن المملكة تواصل التعامل بحكمة مع كل القرارات التصعيدية وعدم مقابلتها بمثيلتها، تجنبا لحرب قد تفجر المنطقة ويكون الخاسر الأكبر فيها المصالح والروابط الأسرية والدينية المشتركة بين الشعبين.

أحمد الهيبة صمداني- آشكاين

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
زكرياء
المعلق(ة)
25 سبتمبر 2021 16:54

حال الجزائر اليوم كحال سفينة مهترئة توقفت محركاتها وغمرتها المياه من كل الجهات وربابنتها /كبراناتها يوهمون ركابها بأنهم تعرفوا على من أوقف السفينة وأحدث بها ثقوبا , ونسأل الله للركاب أن يمدهم بأطواق النجاة ويعيدوا صناعة باخرة جديدة تمكنهم من مواصلة مسيرة الحياة لعلهم يتلمسون الجواب المقنع عن السؤال الوجودي الذي حيرهم:Ou vas l’Algerie ?

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x