لماذا وإلى أين ؟

دروس 8 شتنبر

كل تجربة سياسية إيجابية كانت أم سلبية بحاجة إلى قراءة واستخلاص دروس من أجل المستقبل، ومهما كانت انتخابات 8 شتنبر الأخيرة مثيرة للنقاش والاختلاف والأخذ والردّ في تقييمها وتقدير قيمتها، إلا أننا يمكن منذ الآن اعتبار الدروس المستخلصة منها على الشكل التالي:

ـ أنّ وباء كورونا وطريقة تدبيره من طرف السلطة قد أظهرها في عيون الشعب بمثابة “المنقذ”، ما يفسر واحدا من العوامل التي أدت إلى زيادة إقبال الناس على صناديق الاقتراع في الوقت الذي كان منتظرا فيه ارتفاع نسبة العزوف وانعدام الثقة (هذا إذا كانت الأرقام المعلنة رسميا صحيحة طبعا).

ـ أن أسلوب عمل السلطة وتدخلها في الانتخابات لم يتوقف لكنه انحسر نسبيا وإن كان قد ظهر في بعض المناطق بطرق سافرة، وفي بعضها الآخر بأساليب مستترة، غير أن ذلك لا يساهم في تطوير التجربة الديمقراطية في المغرب، بل يجعلها مسلسلا بطيئا ومتعثرا.

ـ أن الاعتماد على المال والأعيان للتحكم في الخريطة الانتخابية ظل معمولا به في تجاهل متعمد من السلطة، التي تعتبر أنه بدون ذلك قد تنخفض نسبة التصويت إلى درجة تضيع معها شرعية الحكومة المنتخبة. وهذا معناه أننا لم نصل بعد إلى ضمان نسبة تصويت تعكس تطور الوعي المواطن المشارك في تدبير الشأن العام.

ـ أن بروز العنف الانتخابي (الرمزي والمادي) في عدد من المناطق يعكس استمرار الروابط القبلية والعشائرية والتكتلات المافيوزية الأوليغارشية، وهي سلوكات لا تقوم السلطة بأية تدابير استباقية أو متابعات بعدية لإنهائها.

ـ أن الجمع بين الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية في نفس اليوم قد غطى على ضعف الإقبال على التشريعية.

ـ أن ضعف الأحزاب سواء في خطابها السياسي أو في علاقتها بالنظام أو في تأطيرها للمواطنين يمكن التغطية عليه خلال الحملة الانتخابية إذا استطاعت الأحزاب تغيير أسلوب مخاطبتها للمجتمع واستعمال تقنيات التواصل الحديثة ووضع الشباب والنساء في الطليعة وتقديم وعود تستجيب للملفات الحارقة التي تطرحها الفئات العريضة من المجتمع (بغض النظر عن مدى واقعية تلك الوعود).

ـ أن مقاطعة الانتخابات ليست حلا لأنها لا تضعف النظام، ولا تمنع من وجود مؤسسات وحكومات متتالية وسياسات وقرارات تنطبق على الجميع ويستفيد أو يتضرّر منها هذا الطرف أو ذاك.

ـ أن شرعية حزب يرأس الحكومة لا يمكن أن تمتدّ إلى أكثر من ولايتين، وأن الاعتقاد في إمكان تمديد تجربته الحكومية بتوزيع الصدقات أو وضع قبعة المعارضة أو استعمال النعرات والعواطف من أي نوع تقدير غير صحيح وغير واقعي.

ـ أن تجربة الحزب “الإخواني” في الحياة السياسية المغربية، والتي خرج منها معزولا بدون حلفاء، ينبغي أن تدفعه إلى القيام بمراجعات حقيقية وعميقة، سواء على مستوى الفكر والإيديولوجيا أو التنظيم والعمل الميداني.

ـ أنّ الشعبوية لم تعُد تنفع في إخفاء الأخطاء وأوجه التقصير السياسي في تدبير الشأن العام، وأن “البوز” الإعلامي لا يعني بالضرورة الشعبية والمقبولية.

ـ أنّ الدين لم يعد ينفع كإيديولوجيا للتخدير والتهدئة واستمالة الناخبين.

ـ أن الديمقراطية ليست هي صناديق الاقتراع فقط أو صوت الأغلبية كما كان يعتقد البعض، لأن الأغلبية تتغير وقد تنقلب إلى ضدّها أحيانا، بل الديمقراطية مبادئ وقيم عظمى ينبغي أن تؤطر السلوك والوعي وعمل المؤسسات، وفي غيابها تبقى الانتخابات بدون جدوى.

ـ أن الانقسامات داخل التنظيمات السياسية لا تؤدي إلا إلى مزيد من التشرذم والضعف وفقدان ثقة الجمهور.

ـ أن ترشيح الشباب ووضع الثقة فيهم تجلب كتلة ناخبة كانت عزوفة عن السياسة.

ـ أن الشباب الذي تزعم بعض الحراكات الشعبية وانتفاضات المواطنين عندما أتيحت له فرصة المشاركة السياسية والترشح تمّ احتضانه من قبل المواطنين الذين صوتوا له بكثافة (نموذج جرادة).

إن الآراء الواردة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
4 أكتوبر 2021 21:06

حتى في مقالاتكم التي تمس تقاليد و أحيانا عقائد الناس و التي نقراها على مضض لاختلافنا معكم لكن ذلك يفتح لنا باب الاحترام لجراة الراي!!
لكن قراءتكم ل 8 شتنير و الدروس التي استخلصتموها تدفعنا للتشكيك في صدق جراتكم الأدبية و النقدية!!
ببساطة النمطية و فكر ……
لم تاتوا بجديد و لم تتطرقوا لما هو أعمق!!
و الاهم حاولتم التبرير !!

محمد أيوب
المعلق(ة)
4 أكتوبر 2021 20:51

دروس خاطئة:
السيد عصيد معروف بتوجهاته ومواقفه ضد كل ما هو ديني،واسلامي بالخصوص…وفرحه بانتكاسة دكان المصباح متوقعة،لكن عليه فقط أن يعلم بأن المصباح لا يمثل الإسلام وليس بحزب إسلامي على الإطلاق وتوظيفه للدين كان خلفه رغبته في استقطاب الناخبين ليس إلا،وقد لعبت ظروف الربيع العربي دورا في”نجاحه”الانتخابي…أنصح عصيد بالاستماع إلى تصريحات المرحوم خالد الجامعي والأستاذ نجيب اقصبي والسيد المهدوي لعله يعيد استخلاص الدروس من عملية 8 شتنبر…هو يقر باستمرار ممارسات بعيدة عن الديموقراطية الحقيقية،ويعترف بأن تنظيم الانتخابات في يوم واحد جنب العزوف عن الانتخابات التشريعية،وهذا ما كانت تهدف اليه السلطة،وقد نجحت فيه،لكنه نجاح مؤقت…والزمن سيؤكد أو ينفي ذلك…

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x