لماذا وإلى أين ؟

درس وهبي

“السياسة كتحنت”، عبارة أصبحت شهيرة في قاموس المصطلحات السياسية المتداولة بالمغرب خلال العشرية الأخيرة. و تحيل على واقعة اختار فيها رئيس الحكومة، المعزول، عبد الإله بنكيران، لغة التحدي في مواجهة الأساتذة المتدربين، الذين عرفوا بـ”أصحاب المرسومين”، نسبة إلى مرسومي وزير التربية الوطنية الأسبق رشيد بلمختار، القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف، معلنا (بنكيران) أنه لن يتراجع عن المرسومين ولو أدى الأمر إلى سقوط حكومته، لكن الحكومة تراجعت عن المرسومين  ولم تسقط وبنكيران حنت.

مناسبة الرجوع إلى هذه الواقعة، هي واقعة مشابهة، مع اختلاف في التفاصيل، يعيشها المشهد السياسي المغربي بعد الإعلان عن تعيين أعضاء الحكومة الجديدة، وترتبط بالأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة”، المحامي عبد اللطيف وهبي، الذي مُنح حقيبة وزارية في الحكومة الحالية، رغم كل تلك الشعارات التي أطلقها للتعبير عن رفضه الاستوزار إن لم يكن رئيسا للحكومة.

بل حتى بعدما أعلن حزبه القبول بالمشاركة في الحكومة التي يترأسها عزيز أخنوش، وربط ذلك باستوزار أمينه العام؛ عبد اللطيف وهبي، خرج هذا الأخير ليعيد التأكيد على أنه “لن يقبل الاستوزار، وأن في حزبه من هم أهل لذلك، لكن هو كأمين عام عليه أن يتفرغ لشؤون الحزب”، إلا أن الأمر الواقع كان أقوى، وجرد وهبي من كل أسلحته الخطابية التي بنى بها شخصية وهمية، أصبحت اليوم حقيقتها عارية .

وحتى عندما مُنح وهبي حقيبة وزارية، فقد مُنح وزارة أفرغت من كل اختصاصاتها التي تولتها النيابة العامة بعد فصل الأخيرة عن السلطة التنفيذية، ولم يعد للوزارة التي كانت شبه سيادية في الغابر من الأيام إلى تخصص “تأتيت المحاكم وتجهيز مكاتبها والإشراف على موظفيها”.

وهبي رجحت جل التوقعات أن يُمنح وزير دولة، لما لهذه الحقيبة من وضعية اعتبارية في تراتبية هرم السلطة، الشكلية، بالحكومة المغربية، على أن يضاف إليها قطاع ما، قد يرتبط بمجال تخصصه (وهبي)، حتى لا تظل وزارة بدون حقيبة، إلا أنه مُنح حقيبة العدل، الوزارة شبه شكلية، حقيبة عبرت عن حجمه الحقيقي، نظرا لتخصصه القانوني، وكذلك لكونها الحقيبة الوزارية الوحيدة التي لا تتطلب مسؤولا يتقن لغات أجنبية ثانية، مثل وهبي الذي لا يتقن إلا العربية، بتعثر.

لن نقول ماذا كان سيخسر وهبي؛ بل هل يعي هذا السياسي المتحور ماذا كان سيربح لو قال: “لا، لن أستوزر، لأنني وعدت المغاربة أنني لن أكون وزيرا إذا لم أكن رئيسا للحكومة، ولكل هذا، ولأن المغاربة مشي لعبة، أعتذر منكم، ووفقكم الله فيما تسعون إليه؟”

بشمن وجه سيقابل وهبي المغاربة مرة أخرى، ويطلب منهم وضع ثقتهم فيه وفي حزبه وهو الذي دخل الحكومة من باب عدم الوفاء بأول وعد قدمه لهم ولم يكن يتطلب منه سوى كلمة “لا”؟

أكيد أن وهبي أصبح الآن يستوعب جيدا الدرس، الدرس الأول الذي يجب تعلمه للمشاركة في اللعبة السياسية ، وهو: عندما تقبل باللعبة فلست أنت من تريد أو ترفض، ولست أنت من تمنح أو تنتزع، وإنما أنت خادم من خدام الدولة، وموظف سام بدرجة وزير. انتهى الكلام.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

5 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Masist
المعلق(ة)
9 أكتوبر 2021 20:38

وهبي يشبه حزبه ومرشحيه. عندو مستوى بلفقيه ومبدع… (السياسيين الجدد)

علي
المعلق(ة)
9 أكتوبر 2021 16:11

انتم حاقدون على الأستاذ وهبي وانتم لا تعرفونه. موقف وهبي من العدالة والتنمية موقف استراتيجي وسياسية. فالخوانجية يظلون مغاربة في النهاية.

سعيد
المعلق(ة)
9 أكتوبر 2021 15:02

صرح بعظمة لسانه لاحد القنوات التلفزية وقال : ( انا مانليقش نكون وزير ) . هل ارغم على الاستوزار لكي لايشوش على العمل الحكومي في حالة عدم تحمله المسؤولية بصفته امين عام حزب مشارك في الحكومة. كما فعل احد أمناء الحزب لي على بالكوم،

متتبع
المعلق(ة)
9 أكتوبر 2021 12:53

قلت منذ ظهور هذا السبد انه يتكلم هكذا…. وهو للوصول الى الكرسي مستعد لفعل اي شيء وها هو اليوم يظهر على حقيقته.

روداني
المعلق(ة)
9 أكتوبر 2021 12:13

واش الرجلة ساهلة هذاك مجرد كركوز هو قبل غيره يعرف كيف وصل حيت وصل

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

5
0
أضف تعليقكx
()
x