لماذا وإلى أين ؟

من يصدق الرميلي؟

مما لا شك فيه أن كل المغاربة، وبدون استثناء، تفاجؤوا ببلاغ الديوان الملكي الذي حمل خبر تعيين خالد أيت الطالب وزيرا للصحة والحماية الاجتماعية، خلفا نبيلة الرميلي، التي خلفته أيضا  قبل أسبوع فقط، في ذات المنصب.

ويأتي هذا الإعفاء، حسب نص بلاغ الديوان الملكي “طبقا للمقتضيات الدستورية، وبناء على الطلب الذي رفعه رئيس الحكومة، للنظر السامي للملك، بإعفاء الرميلي من مهامها الحكومية، التي قدمت ملتمسا قصد التفرغ الكامل لمهامها كرئيسة لمجلس مدينة الدار البيضاء، بعدما تبين لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية، وما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكانها وللأوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى، مما سيؤثر على الالتزامات الكثيرة والمواكبة اليومية التي يستوجبها قطاع الصحة، لاسيما في ظروف الجائحة”.

مبرر إعفاء الرميلي من مهامها الوزارية بعد أسبوع فقط من تعيينها، لم يُقنع كل المغاربة، بل إن لم نقل، بحسب ما راج في العديد من التدوينات التي تناولت هذا الموضع، إن جلهم لم يصدقوا أنها هي من طلبت إعفاءها من مهامها.ومن جانبنا نسرد أربعة عوامل تجعل تصديق المبرر المعلن لإعفاء الرميلي أمر صعب.

أولا: أن الرميلي كانت قد انتخبت عمدة لمدينة الدار البيضاء قبل أن يتم اقتراحها للاستوزار، وأنها قبلت استوزارها وهي، من المفترض، تعلم حجم المسؤولية التي تنتظرها في مهامها الجديدة كعمدة، لأنها كانت عضوة بمجلسها خلال الولاية السابقة، وتعلم حجم المهام التي يقوم بها هذا المجلس.

كما أن الرميلي، “بنت دار وزارة الصحة”، بحسب تعبير وزير الصحة القديم/ الجديد، خالد آيت الطالب، خلال حفل تسليمه السلطة للوافدة الجديدة على رأس الوزارة المذكورة، وابن الدار، في العرف، يكون على علم بما يدور داخل دارهم، وقبوله لمسؤولية تسيير هذه “الدار/الوزارة” جاء بناء على علمه اليقين بما ينتظرها من مسؤوليات.

فماذا اكتشفت هذه المسؤولة داخل هذه الوزارة أوبمجلس الجماعة ودفعها للهروب من مسؤولية تسيير الأولى والتشبث بالثانية؟

ثانيا: الناطق الرسمي باسم الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بيتاس، وهو يحاول الدفاع عن منهجية اختيار أعضاء الحكومة الحالية قال: “من بين أسباب ضعف أداء الحكومات السابقة هو أن المقاربة التي كانت تعتمد في انتقاء أعضائها تركز على بروفيلات سياسية لها قدرة تواصلية وحضور سياسي وتكليفها بملفات تقنية كبيرة جدا”، معتبرا أن “الحكومة ليست هي بروفيلات سياسية وفقط وإنما بروفيلات مطالبة بالإنجاز”.

وفي ذات التصريح التلفزي، أكد  بيتاس  أن اختيار أعضاء الحكومة اعتمد منهجية غير مسبوقة، وأنه قد تم دراسة البروفيلات المقترحة بشكل جيد وتم التركيز على الكفاءة قبل كل شيء، وهو ما يعني، حسب الناطق الرسمي دائما، أن بروفيل وزيرة الصحة المعفية، نبيلة الرميلي تمت دراسته بشكل جيد، وبالتأكيد تم استحضار الإكراهات الممكن أن تعترضها في تسيير هذا القطاع المهم، الذي بني عليه حزب “الحمامة”، جزءا مهما من برنامجه الانتخابي، وأهم هذه الاكراهات، المفترض استحضارها في دراسة بروفيل الرميلي، أنها عمدة لأكبر مدينة في المغرب، بل أحد أكبر مدن أفريقيا والمنطقة العربية.

فما الذي تغير خلال الفترة الفاصلة بين اختيار بروفيل الرميلي، بعناية، وإعفائها بسبب نفس البروفيل؟

ثالثا: الرميلي هي واحدة من أربعة أعضاء في الحكومة يتولون رئاسة مجالس جماعية لمدن مهمة كذلك، هم:
*رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي يتولى رئاسة مدينة أكادير التي يراهن عليها الملك محمد السادس لتصبح عاصمة وسط المملكة، والتي أطلق بها “برنامج التنمية الحضرية لأكادير (2020-2024)”، البرنامج المهيكل الذي يؤسس لمرحلة جديدة في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المدينة وتعزيز دورها كقطب اقتصادي مندمج وكقاطرة للجهة ككل، ولتنفيذ كل هذا مطلوب رئيس مجلس متفرغ للمسؤولية الجماعية لانزال هذه المشاريع الاستراتيجية على أرض الواقع.

*وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة؛ فاطمة الزهراء المنصوري، التي تتولى رئاسة مجلس جماعة مدينة مراكش، المدينة المصنفة من بين أهم المدن العالمية سياحيا، وعاصمة المؤتمرات الدولية والوطنية، ومدينة مثل هاته تحتاج كفاءة عالية لتسييرها وإلاء وقت كاف لانجاز مشاريع كبرى في حجمها.

*وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة؛ عبد اللطيف وهبي، رئيس المجلس الجماعي لمدينة تارودانت، المدينة التي تحتاج الكثير من الجهد لإخراجها من المنطقة السوداء إلى المنطقة الرمادية، على الأقل، في مصاف التنمية، وهذا الأمر يتطلب قائدا لمجلسها الجماعي متفرغا لذلك.

فلماذا أعفيت الرميلي إذا وبقي زملاؤها قابعين في مناصبهم الوزارية؟

رابعا: كما سبقت الإشارة، بنى حزب “التجمع الوطني للأحرار”، جزءا مهما من برنامجه الانتخابي الذي أوصله إلى رئاسة الحكومة على ما اقترحه للنهوض بالقطاع الصحي، واعتبر أن المغاربة يشعرون بالحكْرة في المستشفيات، وهو الأمر الذي فرض عليه تولي هذا القطاع، ولهذا هناك قناعة لدى عدد من المتتبعين أن  منح وزارة الصحة للرميلي كان بسبب انتمائها وزوجها لحزب الأحرار أكثر من كونها كفاءة كبيرة في المجال، وبعد إعفائها من مهامها على رأس هذا القطاع، وإعادة تعيين آيت الطالب خالد، غير المنتمي سياسيا، يكون “الحمامة” قد فقد أغلبيته الحزبية داخل الحكومة، وتساوى مع حزب “الأصالة والمعاصرة ” في عدد الأعضاء المنتمين لكل حزب داخل الحكومة، وهو أمر يجعل حكومة أخنوش رهينة لدى “البام”.

فهل سيصبغ آيت الطالب باللون الأزرق الفاتح ليعود للأحرار تقدمهم الحزبي في عضوية الحكومة؟

الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترجح أن إعفاء الرميلي له أسباب أخرى، أو على الأقل هناك أسباب إضافية جعلت من مبرر رئاستها لعمودية الدار البيضاء سببا مباشرا لإعفائها وفقط. فهل ستكشف الأيام المقبلة عن سبب استبعاد الرميلي كأول وزيرة في المغرب تعفى بعد أسبوع من تعيينها؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
said
المعلق(ة)
18 نوفمبر 2021 00:43

هاد سي بيتاس لي خرج فواحد الفيديو ديال البرلمان كيقول أنه هو لي كيدير وهو المكلف الوحيد والمسؤول على سياسة المجتمع المدني فالبلاد وبطريقة فيها بزاف د الأنانية خصو يعرف أن المجتمع المدني هو لي كيساهم فبلورة السياسة ديال البلاد ماشي العكس. وطريقتو ديال الهدرة فيها ضرب للدستور وضرب الحريات العامة لأن على حسلب هضرتو هو لي غادي يوجه المجتمع المدني لفين بغا. خصو يعرف بلي هو ناطق بإسم الحكومة ماشي بسميتو.

ابو زيد
المعلق(ة)
15 أكتوبر 2021 20:33

بيتاس ..
كانه عراب السياسة في المغرب….و هو وليد مرحلة…..
لا يمكن للمغربي بحكم معايشته لرجالات و شيوخ السياسة في المغرب ان يقنعه كلام ….
على اي اي شئ يلاحظه المرء هو الثقة الزائدة الممزوجة بالنرجسية….

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x