لماذا وإلى أين ؟

سابقة.. حكومة أخنوش تسقط ظهيرا شريفا بمرسوم وزاري

أصدر رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، مرسوما حكوميا، رقم 2.07.995 ورقم 2.13.253 يقضي بنقل صندوق وزارة الشغيل من وصاية وزارة التشغيل إلى وصاية وزارة الاقتصاد والمالية.

وستمارس بموجبه وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي وصاية الدولة على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعلى الصندوق المغربي للتأمين الصحي، إلى حين تغيير النصوص المتعلقة بهما.

وأثار هذا المرسوم التنظيم تساؤلات عريضة حول مدى قانونيته، علما أن تفويض الوصاية على مؤسسة الضمان الاجتماعي، كان قد تم بموجب ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 15 جمادى الثانية 1392 الموافق لـ27 من يوليوز 1972.

فإلى أي حد يتمتع هذا المرسوم الحكومي بالدستورية، وهل من إشكالات قانونية ترافقه؟

وفي هذا السياق، أوضح أستاذ القانون الدستوري والفكر السياسي بجامعة القاضي عياض؛ عبد الرحيم العلام، أن “بعض القضايا يكون فيها إمكانية لتغيير قوانين بمراسيم إذا كانت تدخل ضمن مجال السلطة التنظيمية، والفصل 73 ينص على هذا شريطة موافقة المحكمة الدستورية، فإذا وافقت الأخيرة يكون للحكومة الحق في أن تغير بقوانين ومقتضيات ذات طبيعة تشريعية، وهذا على مستوى هذه القوانين”.

وأكد العلام، في تصريحه لـ”آشكاين”، أنه “على مستوى تفويض الاختصاص، أو ما يمكن أن نسميه السلطة الموكول لها بالوصاية على بعض المؤسسات، ينطبق عليه نفس الأمر عندما نتحدث عن الجهة الموكول لها ممارسة وصاية الدولة، إذ يمكننا الحديث على أن هذا اختصاص يدخل ضمن اختصاصا السلطة التنظيمية، ومن حقها أن تباشر هذه العملية بناء على مراسيم”.

وأشار العلام إلى أنه ” في الدستور المغربي الحالي، لم تعد هذه العملية تتم عبر ظهير، وإنما من خلال مراسيم يصدرها رئيس الحكومة، لأن تحديد الجهة الموكول لها ممارسة وصاية الدولة، كان في الدساتير السابقة عبر ظهير، بينما الدستور الحالي خول هذه المهمة عبر مرسوم حكومي”.

“يبقى التساؤل هنا: هل يشترط الأمر هنا موافقة المحكمة الدستورية أم لا، على غرار باقي القوانين”، يضيف الخبير الدستوري نفسه، منبها إلى أن “هناك سابقة تتعلق بحدوث أمر مشابه في حكومة عز الدين العراقي، حيث أن التكوين المهني كان موكولا إلى وزارة التربية الوطنية وتم نقله إلى وزارة التشغيل، وكانت غرفة التسوية أقرت حينها أن هذا الأمر جائز حتى بدون العودة إلى الغرفة الدستورية”.

ويرى العلام أنه “بإمكان السلطة التنظيمية إذا بدا لها تغيير ما في مجال من مجالات اختصاصاتها يمكن أن تباشره، لأن هذا من اختصاص السلطة التنظيمية”، مؤكدا على أن “نقل الصندوق الضمان الاجتماعي لا يحتاج إلى موافقة المحكمة الدستورية”.

وأضاف محدثنا أن “هذا الأمر يدخل في مجال السلطة التنظيمية، لأن الظهير السابق أسند عملية وصاية الدولة على بعض القطاعات، ولم يسنده إلا للسلطة التنظيمية، ولا تحتاج هذه السلطة للرجوع إلى جهة أخرى، فلو أسند الأمر لسلطة غير السلطة التنظيمية كان يمكن أن نتجه إلى المحكمة الدستورية، إذ أن الأخيرة لا تمارس صلاحياتها بخصوص المهام والإجراءات التنظيمية”.

ولفت أستاذ القانون الدستوري نفسه، الانتباه إلى ما وصفه بـ”الإشكال السياسي”، متسائلا عن “المعايير التي بناء عليها يتم تحويل مؤسسة عمومية من قطاع لآخر، فبحديثنا عن الضمان الاجتماعي فهو على الأقل يضم مشغلين، ومنطقيا يجب أن يكون تحت إشراف وزارة التشغيل”.

وتساءل العلام عن “الأساس الذي بنت عليه الحكومة لتحويل مؤسسة الضمان الاجتماعي من وصاية وزارة التشغيل إلى وزارة الاقتصاد والمالية، فإذ كان المعيار هو أن القطاع الأول كان يعيش أزمة مالية، فإن جميع القطاعات تعيش أزمة مالية، فهل هذا يعني أن كل قطاع يعيش أزمة مالية سننقله إلى وزارة المالية؟”.

وخلص إلى أنه “لا وجود لمعيار تحويل وصاية الضمان الاجتماعي إلى وزارة المالية، لأن المعيار الأصوب هو أن يبقى تحت وصاية وزارة التشغيل لأن فيها شغيلين، فرغم عدم وجود إشكالية قانونية في هذا التحويل، إلا أنه يطرح إشكالية الفعالية والنجاعة والسياسة، فلا يوجد أي دافع لنقل هذا الاختصاص إلا إذا كانت هناك دوافع حزبية أو سياسية”

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

3 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
مواطن
المعلق(ة)
26 أكتوبر 2021 07:12

هناك شيء اسمه تراتبية النصوص المنظمة و توازي الشكليات و من الضروري احترامها و اذا كانت هناك سابقة لخرق هذا المبدأ فهي سابقة خطيرة .كان لابد من الرجوع إلى القانون من أجل تعديل نص قانوني.

احمد
المعلق(ة)
25 أكتوبر 2021 20:32

هذا تبرير قانوني يحمل تناقض واضح، فالاستاد المختص يقول بان القانون يخول للسلطة التنفيدية تغير بعض المقتضيات بمرسوم فقط التي سبق تشريعها بضهير او بقانون صادر عن البرلمان ولكن شرط موافقة الغرفة الدستورية، وفي نفس الوقت يقول ان هذا الشرط غير ضروري لان هنا سابقة مماثلة حصلت في حكومة عز الدين العراقي، والسؤال هو متى كانت السلطة التنفيدية فوق الضهائر والتشريعات فقط لان هناك سابقة..؟

Ahmed
المعلق(ة)
25 أكتوبر 2021 19:15

هذا تبرير متناقض، ففي الوقت الذي يقر فيه الاستاد المختص ان للحكومة الحق بمجرد مرسوم نقل بعض القطاعات الى اخرى شرط موافقة الغرفة الدستورية، يقول في نفس الوقت ان هذه الموافقة غير ضرورية بناء على سابقة حدثث في حكومة عز الدين العراقي،وهنا يطرح تساؤل عريض، هل قرارات السلطة التنظيمية تصبح فوق البرلمان فوق الغرفة الدستورية، فقط بوجود سابقة…؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x