لماذا وإلى أين ؟

هل سيستعين المغرب بغاز قطر لتعويض الغاز الجزائري؟

أسال الهدوء الذي أبداه المغرب تجاه القرار الجزائري القاضي بإلغاء أنبوب الغاز الأورو-مغاربي، نهاية أكتوبر المنصرم، مدادا الكثير من المنابر الدولية والإقليمية، التي تتربص بتحركات المغرب من أجل تعويض النسبة الضئيلة من الغاز الذي كانت البلاد تحصله عليه مقابل عبور الغاز الجزائري فوق أراضيها متجها نحو أوروبا.

ولعل  البلاغ المشترك الصادر عن المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، الذي أوضح  أنه “نظرا لطبيعة جوار المغرب، وتحسبا لهذا القرار، فقد تم اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء، وتتم حاليا دراسة خيارات أخرى لبدائل مستدامة، على المديين المتوسط والطويل“.

وزاد هذا البلاغ من حدة التحليلات الدولية التي ذهبت إلى توقع أن يكون المغرب معولا على الغاز القطري لسد أي خصاص محتمل في هذه المادة الحيوية، من خلال ما نشرته صحيفة “الإسبانيول” الإسبانية على سبيل المثال، حيث اعتبرت أن رهان المغرب كبير على قطر في هذا الباب، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى صحة هذه التوقعات، وهل فعلا سيلجأ المغرب لقطر لتعويض الغاز الجزائري؟.

وفي هذا السياق، أوضح الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز، أن “سوق الغاز أصبح اليوم سوق مُعَوْلَماً، بمعنى أنه من قبل، وفي بدايات استعمال الغاز، كانت المناجم أو عيون الإنتاج بعيدة على مواقع الاستهلاك، بينما في هذه العقود الأخيرة تم تطوير تشبيك قنوات ربط مواقع الانتاج مع الاستهلاك، في أوروبا وروسيا، والأخيرة ستربط تشبيكا قويا مع الشبكة الغازية الأوربية”.

وأشار اليماني، في تصريحه لـ”آشكاين” إلى أن “هذا الأمر فيه صراع بين القوى الكبرى المنتجة، خاصة مع دخول أمريكا لهذه السوق، في العشرين عاما الأخيرة، حيث أصبحت أمريكا لاعبا أساسيا، بغض النظر عن دول المشرق وعلى رأسها قطر بدرجة أولى”.

وأكد الخبير الطاقي على أن “المغرب يعول على اقتنائه لهذا المنتوج على السوق الدولية ويبحث عن الفرص المتاحة المتواجدة، فسواء اقتنى من قطر أو أمريكا أو روسيا، بالنسبة له(المغرب) أفضل العروض التي سيجدها تكون في السوق الدولية”.

الحُسين اليماني ـــ رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول “سامير”، والكاتب العام للنقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز.

ولفت اليماني في حديثه لـ”آشكاين”، الانتباه إلى أن “هناك لبسا حاصل الآن حول قيام الجزائر بإلغائها أنبوب الغاز المغاربي ألأوربي، إذ يجب أن يعلم الناس أن حتى الغاز الذي كان يمر عبر الأنبوب المغربي لم يكن مبرمجا استغلاله نهائيا، إذ حتى بالرجوع للواقع نجد أن المغرب استعمله في موقعين فقط لإنتاج الكهرباء، في عين تهدارت وبني مطهر، وهو الأمر الذي فرضته علينا الظروف نظرا لضرورة الاستفادة العينية عوض النقدية”.

مؤكدا على أن “توقيف هذا الغاز الجزائري أثر على حوالي 5 أو6 بالمائة من الإنتاج الوطني للكهرباء في المغرب، علما أن المغرب كان لديه فائض في إنتاج الكهرباء، خاصة مع انطلاق محطة آسفي، حيث تم تخفيض نسبة استغلال محطات أخرى مثل المحمدية وقنيطرة وتطوان”.

مسترسلا أنه “مباشرة بعد توقيف هذا الغاز وتوقيف هتين المحطتين كان إقلاع المحطات الأخرى، والدليل هو استقرار واستتباب تزويد السوق الوطنية للكهرباء، بمعنى ليس لدينا أي مشكل”.

وأضاف أنه “بالناسة للغاز الذي نستهلكه يوميا، والذي يعادل مليونين و200 ألف متر مكعب في السنة، الممثل في غاز البوتان، كنا نستورد جزءً منه من الجزائر قبل ثلاث عقود من الآن، وكانت الحصة الكبيرة من الجزائر، ولكن توجهنا في الأخير إلى أمريكا، لأن غازها في الاستعمالات المنزلية أصبح منافسا للغاز الجزائري”.

مشددا على أن “أمريكا تنتج ما يسمى النفط الصخري، وعند القيام بعملية استخراج النفط من خلال احداث الثقوب يخرج الغاز مصاحبا للبترول، بمعنى يكون استخراجه بدون تكلفة على أمريكا، لذلك أصبح الغاز الأمريكي منافسا لنظيره الروسي والجزائري”.

وأردف اليماني قائلا: “وضعيتنا كانت ستكون كارثية لو أننا كنا  مجموعين مع إخوتنا الجزائريين في جزيرة لوحدنا وهم الوحيدون اللذين يزودوننا بالغاز، أما والحالة هاته فليس هناك ضرر”.

وخلص اليماني إلى أن “المغرب رابح بعد  إلغاء الجزائر للأنبوب العابر للمغرب، إذ أن هذا الأنبوب الرابط بين عين بني مطهر وصولا إلى طنجة في اتجاه أوربا، أصبح ملكا للمغرب بموجب الاتفاقية الثلاثية التي تجمع المغرب وإسبانيا والجزائر، إذ أصبحنا نملك 550 كيلومترا من أنبوب الغاز”.

موردا أن “المغرب لديه مشروعا آخر، من خلال البحث عن مورد آخر للغاز في أوربا، من خلال الضخ المعاكس، ولدينا مشروع طموح للبواخر العائمة”، منبها إلى “ضرورة الانتباه إلى عدم تمويه النقاش لأن الأصل في القضية هو أن الجزائر تريد أن تلعب أوراق الضغط على الاتحاد الأوربي في قضية الغاز، أما المغرب فلن يتضرر من ذلك، ودليل ذلك أنه رغم الضمانات التي قدمتها الجزائر لأوروبا، فلو حدث أي مشكل كيفما كان فستعاني أوربا، وهم يعانون من الآن”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x