2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

كَـثّـف النظام الجزائري تحركاته التصعيدية عسكريا واقتصاديا ضد المغرب، والتي لم تفلح لإنجاح مساعيه لجر المنطقة إلى كابوس حرب، أو حتى في لفت انتباه الجهات الرسمية المغربية.
فبدأ النظام الجزائري تحركات على أصعدة أخرى، في محاولة شبيهة لما سبق أحداث الكركارات من إخراج إعلاماي وصف بـ”الرديء”، باتهام المغرب بقصف شاحنتين وقتل 3 جزائريين، وهو الأمر الذي سرعان ما انكشف مع أول زيارة خاطفة لبعثة المينورسو للمنطقة التي فندت كل الادعاءات الجزائرية”.
ورغم نفي كل الجهات المتداخلة في ما وصفته الجزائر بـ”القصف لشاحناتها”، لجأت الأخيرة إلى حيلة جديدة في محاولة لتدويل الملف من خلال ما قام به وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة وسفراء دول ومنظمات دولية.
وأثارت هذه الخطوات الكثير من الغموض خاصة الأخيرة منها، والتي تزامنت مع دخول الأمم المتحدة على خط اتهام الجزائر للمغرب بقتل 3 جزائريين، وهو ما رد عليه الأمين العام للأمم المتحدة بدعوة البلدين إلى تغليب منطق الحوار، وحَثَّ مبعوثه الشخصي إلى الصحراء دي ميستورا بتقريب وجهات نظر البلدين لتجنب التصعيد.
وهو ما يجعلنا نتساءل إن كانت الجزائر تسعى بتحركاتها التشويش على دي ميستورا خلال مهمته الجديدة بالصحراء؟
المنطقة لن تعيش حربا فعلية
وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشؤون الإفريقية والأستاذ الباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، الموساوي العجلاوي، على أن “المنطقة لن تعيش حربا فعلية لسبب بسيط، هو أن المغرب والجزائر يشكلان عمقا أمنيا استراتيجيا لغرب أوربا”.
وأوضح العجلاوي في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “مضيق جبل طاق هو المنفذ الوحيد للأسطول السادس الأمريكي للبحر الأبيض المتوسط، بينما شرق المتوسط يشتعل، ممثلا في تركيا وإسرائيل ولبنان القبرص وليبيا، ولن يسمح العالم بأن يتحول البحر الأبيض المتوسط إلى قنبلة لا يعرف أحد مدى انفجارها”.
يرى محدثنا أن “الظاهر أنه إذا قرأنا كل المواقف والإعلانات والسيناريوهات، والحديث عن مقتل 3 جزائريين في الشاحنتين، كل هذا يدخل في إطار التأثير على مجلس الأمن عندما اجتمع في أواخر أكتوبر لإصدار قرار حول أقاليمنا في الصحراء”.
مشيرا إلى أنه “عندما فشل هذا المخطط رحلت الجزائر إلى الغاز، ثم رحلوا إلى الشاحنتين، ويتبين من خلال ما صدر في بيان الرئاسة الجزائري، أو من ما صدر عن وزارة الخارجية في شخص رمطان لعمامرة بالأمس، من خلال تواصله من الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة وغيرها”.
تناقضات وفي وراية جزائرية ضعيفة
موردا أن “هناك تناقضات ورواية ضعيفة جدا من الجانب الجزائري، إذ أن رئاستها تتحدث عن خط تجاري بين الورقلة ونواكشطو عبر خط تجاري شرق الجدار، والحال هذه أن الجزائر وموريتانيا وقعتا سنة 2018، بعدما أعلنت دول “G5 ساحل” أن شمال موريتانيا منطقة عسكرية”.

مشددا على أن “الجزائر منذ 2017 وهي تحاول أن تقطع طريق الكركارات، حيث فتحوا ممرا بريا مباشرا سنة 2018 بين موريتانيا والجزائر، وقاموا بتغطية افتتاحه إعلاميا ومرت عبره شاحنات، وأقامت الجزائر بلبلة كبيرة حوله، وكان الهدف من هذه الطريق هو ضبط التنقل بين موريتانيا والجزائر”.
وتساءل العجلاوي عن “سبب تواجد شاحنتين جزائريتين على بعد 25 كيلومتر من شرق الجدار الأمني، وما علاقته بالممر التجاري، في الوقت الذي تقول فيه البوليساريو والجزائر إن المنطقة تعرف حربا قوية وشرسة، بالتالي كيف يمكن لجمارك وحرس الحدود الجزائري أن تسمح بالدخول إلى منطقة “حرب”.
“ورغم أن البيان الرئاسي الجزائري لم يتحدث عن شاحنتين”، يستطرد محدثنا “إلى أن تم ذكرهما في ما بعد على أنهما في ما وصفته الجزائر بالصحراء الغربية دون تحديد المكان، إلا أنها تقع وفق الاتفاق العسكري رقم 1 في منطقة يحرم فيها التحرك بشكل معادي يمكن أن يثير اللااستقرار في المنطقة”.
مبرزا أن “المنطقة التي تحدثت عنها الجزائر فيها منطقة تماس لمسافة 5 كيلومتر، ومنطقة أخرى فيها 25 كيلومترا، بالتالي يطرح السؤال من جديد: ماذا تفعل الشاحنتان في منطقة الجدار الأمني التي تعتبرها الأمم المتحدة منطقة عازلة”.
معطيات تورط الجزائر
وتابع العجلاوي أن “هذه المعطيات تثبت تورط الجزائر وأنها جزء أساس في النزاع الإقليمي حول الصحراء، إضافة أن الهدف من خلال التحركات الجزائرية هو محاولة الضغط على موريتانيا وتهديدها، نظرا لأن الاخيرة قبلت بقرار مجلس الأمن الأخير، وهو ما أغضب الجزائر”.
“فكان جواب موريتانيا بنفيها وقوع أي حادثة في شمال أراضيها”، يضيف المتحدث ويقول: “وهو ما أكدته بعثة المينورسو بأن الشاحنتين لم تتعرضا لأي قصف ولا لانفجار ألغام، لأن هيكل الشاحنتين بقي على حاله، والذين نقلوا الرواية هم عناصر البوليساريو، ومع كامل الأسف قناتي “بي بي سي ” و”فرانس24″ أخذوا هذه الروايات وبنوا عدة مواقف وتحليلات”.
محاولة للتأثير على “دي ميستورا”
وأردف أن “التحرك الأخير لوزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، من خلال اتصاله مع عدد من المنظمات الدولية، هو محاولة للتأثير على المبعوث الشخصي الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، دي ميستورا”.
ولفت العجلاوي الانتباه إلى أن “جواب الأمين العام للأمم المتحدة كان وضحا، حيث أنه يتأسف على التوتر القائم ويتمنى من أن يقوم ‘دي ميستورا’ بدوره في تخفيف التوتر بين البلدين، وهي رسالة من غوتيريش غلى الجزائر بأنها لن تغير مقاربتها في حل هذا النزاع، وأن كل هذه التحركات مرتبطة بمحاولة النظام الجزائري تغيير مرجعية النزاع في الصحراء”.
تحول “كشمير” إلى حدود المغرب والجزائر
وتساءل الخبير في الشؤون الإفريقية نفسه، إن “كانت ستحدث انزلاقات عسكرية في ظل هذه التوترات القائمة، ولكنه يصعب أن تكون مواجهة عسكرية، وإذا سار التوتر في تصاعد فستكون هناك حوادث حدود شرق الجدار في منطق تيفاريتي وبير الحلو”.
مبررا ذلك بكون “الجزء الشرقي من جنوب الجدار يقع مواجها للأراضي الموريتانية، والموريتانيون من خلال رسائلهم وتحاليل صحافتهم، حتى تلك القريبة من الجهات الرسمية، تؤكد على فراغ الرواية الجزائرية فيما يخص الشاحنتين، وتؤكد على أنها منخرطة في مقاربة الأمم المتحدة”.
وخلص العجلاوي إلى أنه يمكن أن نعيش سيناريو شبيه لما يقع بين باكستان والهند بين الفينة والأخرى حول كشمير، وكشمير ستتحول إلى منطقة بير لحلو وتيفاريتي”.