لماذا وإلى أين ؟

هل كانت مزرعة الأسماك وراء إغلاق إسبانيا لملف غالي؟

يبدو أن السحب التي تمر فوق سماء العلاقات المغربية الإسبانية مازالت غائمة، خاصة مع طُفُوّ ملفات على سطح الأحداث بين الفينة والأخرى، كان آخرها ملف الجزر الجعفرية التي أثار  حفيظة الحكومة الإسبانية واستنفر مجلس وزرائها.

وتزامن تقديم إسبانيا شكاية لدى سفارة المغرب، الأربعاء 24 نونبر الجاري، حول إقامة المغرب لمزرعة سمكية قريبة من الجزر الجعفرية المحتلة، امهلت خلاها إسبانيا مهلة للمغرب مهلة 20 يوما لإزالتها، (تزامن هذا) مع طلب الحكومة الإسبانية، في شخص وزارة عدلها من قاضي التحقيق بأن يغلق التحقيق في ملف إبراهيم غالي، وهو ما يثير تساؤلات عريضة حول ارتباط هذا الطلب الإسباني بأحداث الجزر الجعفرية المذكورة.

وفي هذا السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة، عباس بوغالم، أنه “إذا ربطنا مجموع الأحداث التي وقعت مؤخرا، يمكن اعتبار أن ما قامت به إسبانيا حول ملف غالي هو بمثابة رد الفعل، وهو يدخل في إطار وضع التوجس السائد بين المغرب وإسبانيا على ملفات كثيرة”.

ويرى بوغالم، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “رغم أن العلاقات بين البلدين وصلت في مرحلة من المراحل إلى درجة الأزمة، وكانت هناك مساعي إسبانية من أجل خفض ذلك التوتر والخروج بتسوية معينة، بالنظر إلى عمق العلاقات الاستراتيجية مع المغرب، ولأن البُعد الاقتصادي والمصالِحِي في علاقة إسبانيا بالمغرب لا يسمح بتأزيم العلاقات بينهما أكثر”.

وشدد المتحدث على أن “ما يبدو هو أن الاختلاف القائم بين الجانبين على ملفات كثيرة لم يدفع في اتجاه تسوية هذه الوضعية بينهما، إذ نستحضر مشكل الاعتراف بملف الصحراء والاتفاق الثلاثي للمغرب مع أمريكا وإسرائيل في هذا الصدد، وانتظار موقف إسباني صريح في هذا الباب، خاصة بعد الخطاب الملكي الأخير في ذكرى المسيرة الخضراء، ما يعني أن المغرب غير مستعد للعودة إلى ما قبل الاتفاق الثلاثي دون أثر لهذا الاتفاق،  وبالتالي دفع الأطراف الأخرى لتحديد موقفها الصريح”.

موردا أن “ملف سبتة ومليلية تناوله المغرب من خلال استراتيجية تدفع في اتجاه إعادة النظر في وضعهما، دون أن ننسى أثر أزمة سبتة ومليلة على موقف إسبانيا حينما اعتبرت أن حدودها تمتد إلى هذين الثغرين المحتلين”.

“كل هذا تنظر إليه إسبانيا بعين الريبة والتوجس”، يسترسل بوغالم “أي أن المغرب يدفع في اتجاه إعادة النظر في الوضع القانوني والدولي بسبتة ومليلية، وهو ما يفسر حالة التوجس والحذر التي تنظر بها إسبانيا إلى خطوات المغرب، وكأن المغرب يقوم باستراتيجية طويلة المدى لاسترجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية المستعمرة بطريقة أو بأخرى”.

ولفت الانتباه إلى أن “أي خطوة في هذا السياق تنظر لها إسبانيا على أنها تهديد لسبتة ومليلية، خاصة أن هذه الخطوات التي اتخذها المغرب تعزز موقفه التفاوضي في هذا الباب، علما ان غلق معابر سبتة ومليلية مثلا جعل هذين الثغرين يشكلان حملا ثقيلا لإسبانيا بعدما كانا يوفران لها عائدا اقتصاديا كبيرا، بالنظر لحجم السلع المهربة عبرهما، وإغلاق المعابر كبد إسبانيا تكلفة باهظة، ما سيؤثر على النمو الديموغرافي للثغرين، لأنه لا يمكن الحديث عن وجود الثغرين في غياب العنصر البشري”.

وتابع محدثنا أن “أي خطوة يقدم عليها المغرب في هذا الباب، ينظر إليها الطرف الإسباني كمسعى للمطالبة بفتح الملف والتفاوض على مستقبل الثغرين سبتة ومليلية، ويضاف عليها الثكنة العسكرية التي يتم الحديث عنها في إطار الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل، علاوة على التهيئة المجالية الاستراتيجية المرتبطة بميناء الناظور الذي سيؤثر على ثغر مليلية”.

واعتبر بوغالم أن “الخطوات التي يقوم بها المغرب ينظر إليها في هذا السياق، حيث أنها تندرج في بعد استراتيجي لإعادة النظر في المعادلة التي تربط إسبانيا بالثغرين، واستراتيجية المغرب تسعى لتعديل هذه المعادلة لصالح ما يخدم مصلحة المغرب”.

وخلص محدثنا إلى أن مطالبة إسبانيا بإغلاق التحقيق في ملف غالي “بمثابة محاولة دفاعية، بمعنى إذا استمر المغرب في هذا المسار في إشارة إلى أن إسبانيا لن يكون لديها الخطاب اللين، أو أنها ستمارس ضغوطات أخرى أو تشهر أوراق أخرى”.

مؤكدا على أن “حفظ ملف غالي يعني أن إسبانيا ستتشبث بموقفها السابق الذي ليس فيه تعبير صريح عن موقفها من الصحراء، وهي إشارة إلى أنها يمكن أن تضغط أكثر من خلال هذه الورقة”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x