لماذا وإلى أين ؟

“كأس العرب” التي سيفوز بها “العجم”

يحتج الأمازيغ والكورد والأقباط والزنوج والأشوريون وغيرهم من القوميات المتواجدة على خريطة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، على تسمية “كأس العرب” التي أطلقها عرب الخليج على الدوري المنظم حاليا بقطر، أقول عرب الخليج لأن “الفيفا” لم تطلق على الكأس إسم “كأس العرب” بل أسمتها الكأس العربية Arab Cup أو بالفرنسية La coupe Arabe، لكن إخواننا العرب” الأقحاح”، أبناء الجزيرة الصحراوية، ارتأوا تسميتها بـ”كأس العرب” احتفاء بعرقهم وأصولهم و”أنسابهم”، دون أن يهتموا بمشاعر غيرهم من الأقوام، ولا بتناقض التسمية مع الروح الرياضية العالمية لكرة القدم، فتسميات الكؤوس الكثيرة عبر العالم تطلق على أساس ترابي ـ جغرافي وليس عرقي، فهناك “كأس إفريقيا” و”كأس أوروبا” و”كأس أميركا الجنوبية” و”كأس آسيا” و”كأس العالم” إلخ …

وبما أن هذه أول كأس قائمة على التمييز العرقي تُنظم في بلد من بلدان المعمور، فقد كان حريا بالمنظمين أن يعمدوا قبل استقبال الفرق إلى إجراء تحليل دقيق لحمضهم النووي للتأكد من “عروبتهم” الخالصة، فمن لم تثبت عروبته مُنع من المشاركة في تظاهرة اختُصّ بها “العرب” الأقحاح دون غيرهم. ونعتقد أن سبب عدم قيام المنظمين بهذا الإجراء الاحترازي هو تيقنهم من صعوبة إيجاد لاعب واحد “عربي قحّ” لا غبار عليه، ما دام التاريخ قد أقرّ منذ قرون طويلة منطق التمازج بين البشر، ما يفرض عليهم الاحتياط في التسميات التي ينبغي أن تراعي ذلك المنطق التاريخي الذي تثبته الحضارات المتعاقبة، كما تؤكده اليوم التحليلات الجينية لمختلف سكان العالم من القارات الخمس.

إننا نتفهم أن يكون للعرب غيرة على أصولهم و”أنسابهم”، وهم الذين افتتنوا في ثقافتهم الصحراوية بالأنساب الخالصة وألفوا فيها الكتب الغزيرة، الأمر المخالف تماما لتمسك الكورد أو الأمازيغ وغيرهم من الأقوام، بلغاتهم وبخصوصياتهم الثقافية العريقة، فهذا هدف نبيل لا يمكن أن يُعدّ مبررا للجنوح نحو النعوت العرقية الاختزالية لهويات الشعوب والبلدان، فقد ولّى زمن إيديولوجيا “القومية العربية” التي طبعها غلو عرقي أدى إلى تهافتها، وأنصف التاريخ مكونات مختلف البلدان من خلال مسلسل الاعتراف التدريجي بها (بعد صراع إيديولوجي وحوار فكري وتدافع ثقافي دام عقودا طويلة) هذا الاعتراف الذي اكتسى اليوم طابعا قانونيا وسياسيا ترسخ في الوعي والسلوك والعمل المؤسساتي، ولم يعُد يمكن إنكاره.

ويتقاسم خطأ التسمية العرقية بلدان الخليج (التي يحق لها بمنطق الأرض والجغرافيا احتكار نعت العروبة) ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي قبلت بهذا التحريف الواقع في التسمية، والذي يبدو غريبا وغير قابل للهضم لدى شعوب المنطقة، فالجامعة الملكية لكرة القدم المغربية لم تكن مرغمة على قبول تسمية تتناقض مع دستور البلاد، ونفس الشيء يقال عن الجامعة الجزائرية لكرة القدم والجامعة التونسية، إلا إذا قررت الجامعات المغاربية ـ إن استطاعت ذلك ـ أن تبعث للمشاركة في الدوري الخليجي من ثبتت “عروبته” الخالصة من اللاعبين، لكي يمثلوا “عرب المغارب” مع إخوانهم “عرب المشارق”.

إن “كأس العرب” عبارة عنصرية اختزالية لا تتضمن أي احترام لشعوب المنطقة، التي لها هوياتها وثقافاتها ولغاتها المتعددة والمختلفة التي لاقت اعترافا دوليا بل ودستوريا في بلدان المنطقة نفسها، والتي ليست مستعدة للتخلي عنها إرضاء لأهواء إيديولوجية لا تنتج إلى الصراع والتصادم.

وحتى لا نكون عدميين يمكننا اقتراح تسميات أخرى متوازنة لهذه الكأس الوليدة، تسمية “كأس شمال إفريقيا والشرق الأوسط” مثلا، وفي حالة عدم رضى إخواننا عرب الخليج وإصرارهم على لفظ “العرب” يمكنهم تسمية كأسهم بتسمية جغرافية هي “كأس الجزيرة العربية”، وفي هذه الحالة لن تكون ملزمة لغيرهم.

وعلى ما يبدو من خلال المباريات التي تم لعبها حتى الآن، فـ”كأس العرب” المزعومة لن يفوز بها “العرب” في النهاية، بل ستكون من نصيب “عجم” شمال إفريقيا، لأن العرب اهتموا بالألقاب وبثقافة “داحس والغبراء” وتقاليد الفخر والحماسة واستعراض الشجرات والأنساب والواجهات الزجاجية، ولم يهتموا بإتقان فن الكرة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

11 تعليقات
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
الحبيب
المعلق(ة)
10 ديسمبر 2021 11:13

هناك بلدان أعضاء في الجامعة ، العربية مثل الصومال، الدجيبوتي، وجزر القمر…نشيد بلدانهم باللغة الإنجليزية ومع ذالك لايخوضون في مثل هده العصائد. كفاك فتنة ايها العصيد.

احمد سعد
المعلق(ة)
10 ديسمبر 2021 07:23

أدا خرجت السي عصيد إلى اي بلد فى العالم والله لكليتي الخبز باللغة ديالك ولا يفهمك أحد وانت انسان تريد الفتنة وانت مالك وسط هده الزحمة هناك كاس اروبا للاروبين كاس العرب للعرب اين المشكل عندك انك تريد البوز

هشام
المعلق(ة)
10 ديسمبر 2021 00:07

الأخ عصيد جدا على كل ما هو عربي، مع العلم أنه يكتب بخط عربي فصيح !!!!
الامور صارت عنده (عصيدة) واللي قال باردة يحط يده فيها.
للاشارة احببت التدقيق في بعض المصطلحات على غرار صاحب المقال الذي لم ينتبه الى أنه لا اختلاف في المعنى سواء كانت مضافًا اليه (كاس ‘العرب’) أو نعتا ( الكأس ‘العربية’) ستبقى كاسا وعربية لا امازيغية ولا نوميدية ولا حتى ….

maghribi
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 22:37

البطولة تشارك فيها منتخبات البلدان التي ينطق سكانها أو بعض من سكانها اللغة العربية، وليست مخصصة للاعبين حسب عرقهم. لمعلوماتك السي عصيد, هناك ألعاب فرانكوفونية تشارك فيها عديد البلدان المشاركة في التظاهرة التي تتحدث عنها أيضا. ليس كل سكان بلدان شمال إفريقيا عرب ولاكلهم أمازيغ…للأسف أرى أنك تعطي للأمر سياق وكأنه هناك صراع وتطاحن. أنا كمغربي، المغرب وهو مشارك في البطولة أحس أنه يمثلني، وإذا شارك المغرب في بطولة للبلدان الناطقة بالأمازيغية سأحس أيضا أنه يمثلي.

محمد أيوب
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 21:28

التفاهة:
مقال مليء بالتفاهة والسخافة حتى لا أقول الحقد والغل على كل ما هو عربي من قريب أو بعيد…فتسمية كأس العرب لا يقصد بها إطلاقا تفضيل عرق ما،إنما اقتضتها الضرورة لا غير… والجميع يعلم أن الوطن المسمى عربي عاشت وتعيش به اجناس واعراق متنوعة أغلبها يتكلم العربية،ولا اقصد العربية الفصحى بالطبع…غير أن الكاتب يغتنم اية فرصة للتهجم على كل ما هو عربي وخصوصا ما يرتبط بالإسلام…وقوله عرب الصحراء فيه نوع من الاستهزاء والسخرية بإمكاننا غي شبه الجزيرة العربية،واقول اخواننا لأنهم فعلا كذلك…ومع الأسف هو يستعمل لغتنا العربية ليهاجم كل ما هو عربي…فق من غفلتك ياعيد قبل فوات الأوان فقطار العمر سيبلغ بك محطته النهائية،وعندها ستعلم منقلب…فحذار أن يكون منقلبا كمنقلب فرعون وأبو جهل وأبو لهب والنمرود…انا لا ارجم بالغيب ولا ازكي نفسي ولا غيري…لكنه مجرد تذكير لك فقط…

Moh
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 20:35

عبرت. عن عمقك العنصري المتعصب لعرقه حد الثمالة …مايكان غيلاد. (عرب الجزيرة الصحراوية)؟؟!!! تعبير تتناثر منه شرارات الحقد على العربي وثقافته وهذا يضرب كل اساسيات التعايش بين الاعراق والثقافت وان لاق هذا الاسلوب بحوارات الحانان فلا يليق للتداول الاعلامي. ولهذه الحريدة نصيب من اثمك هذا بنشرها. ل اخاناد اللي. غيد تخيت

زكرياء
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 20:33

الأستاذ عصيد بالغ في شوفينيته .وإذاكان من حقه أن يدافع عن أمازيغيته فعليه أن يضبط المفاهيم هل الأمازيغية هوية ثقافية أوعرقية صرفة أم هم الشعب المختار الذي لا يجب أن يزاحمه في الوجود شعب آخر. وإذا كان يرى أن تسمية هذا الكأس بكأس العرب تقوم على أساس عرقي فماذا يقول عن الكأس الأوروبية والكأس الأمريكيةو.. متمنياتي بأن يبحث عصيد عن بوصلة مضبوطة لكتاباته !

موح
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 20:31

التفلسيف الخاوي…الفلسفة ايخوان هههه المنطقة يحكمها العرب .ويتعايش فيها العرب مع باقي المكونات منذ ماءات السنين..ايساكا تسيليفت اييغد د تيركين اينسان اما اور دارون ما تصوارم اي “اندماج الاعراق” العجب الليخ ترام تقبلم اكولو تكم امريكيين”ثقافيا” ولكن اتكم اعرابن اوهو. هههه اعرابن ادا تشركم كيكان …

اسماعيل
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 17:15

من كان ليس عربيا او تحرج من هذا الاسم فمن حقه ألا يشارك ، ام انك لا تفوت الفرصة لتنتقد كل من ينطق بالعربية ، ازكمت نفوسنا و زرعت الخصام بين الاسر و لا اقول بين القبائل ، و اقول لك بكل صراحة قد اغنيت الشيطان ليشغل نفسه بيننا ،فانت فيك الكفاية

نور الدين
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 16:06

لا حول ولا قوة الا بالله .دعاة الفتنة و التفرقة.عصيد لا حياه الله .ادخل للجححيم انت مجرد عنصري خبيت .تبحت التفرقة وةتبحت عن موطا قدم ليس الا

مغربي و كفى
المعلق(ة)
9 ديسمبر 2021 15:52

هل تظن أنك بتبرؤك من العرب سيلحقونك بالأوروبيين. ستلحق فقط بالروهينغا و البنغال و ……
على الأقل، العرب كتلة كبيرة جدا و لغتهم معترف بها عالميا. و جميع الدول لديها فضائيات و أعداد كبيرة من الخبراء المتقنين لهذه اللغة,
و رغم حقدكم، لا تكتبون و لا تتكلمون إلا بهذه اللغة لأنه لن يفهمكم حتى من تزعم الدفاع عنهم رغم عدم حاجتهم لذلك.
الجميع متساوون في هذا الوطن و لديهم هموم بعيدة عن الفوبيا التى تتخبط فيها.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

11
0
أضف تعليقكx
()
x